التعنيف.. بين الدوافع والمنعكسات

الثورة – حسين صقر:

غالباً ما يحمل السلوك العدواني أشكالاً مختلفة من ردات الفعل التي قد لا تظهر بشكل مباشر، لأن العدوان كشعور يكون واحداً، لكن الفعل الناتج عنه يكون متعدداً في أشكاله وفي أساليب التعبير عنه، وبالتالي تعدد في مظاهره وسلوكياته، لأنه هو استجابة سلوكية انفعالية، ناتجة عن انخفاض في مستوى التفكير والبصيرة، وغالباً ما يتبع بعض أشخاص السلوك العدواني، وعندما يعانون ضغوطا ًجسدية أو معنوية فيلجؤوا لتأكيد الذات من خلال ممارسة العنف أو الإكراه ضد الآخرين، تحمل في ثناياها الإِيذاء.

في الحي والمدرسة

هذا ولا تخلو أي مدرسة أو حي من أطفال وربما يافعين يتصرفون بعدوانية واضحة تجاه الآخرين، ويكاد لا يمضي يوم إلا وترافق ذلك اليافع، أو الطفل شكوى من بعض الأهاليـ أن أحد أبنائهم تعرض للتعنيف الجسدي والمعنوي من أولئك الذين يتصرفون بعدوانية اتجاه الآخرين.

لا تعكس التربية

وللحديث عن العنف والسلوك المرتبط به تواصلت “الثورة” مع المتخصصة في علم النفس السلوكي روزالين جاد الله والتي تحدثت: في الواقع التصرفات العدائية، لا تعكس بالضرورة التربية المنزلية، لأنه لا يوجد رب أو ربة منزل يقول لولده: اذهب واعتد على أحد، وكن قاسياً، ربما يقول بعضهم: إذا حاول أحدهم الاعتداء عليك دافع عن نفسك، لكن بالتأكيد لن يقولوا: مارس التسلط والتنمر على أقرانك.

تلك هي الحكاية ببساطة، كما تبين جاد الله، لكن لو بحثنا بالأسباب والدوافع التي تجعل هذا الطفل أو اليافع يعتديان، نجد أن ثمة عوامل ضمن الأسرة تدفع لذلك، كأن يكون الزوج والزوجة على خلاف دائم فيما بينهما، وتتعالى أصواتهم دائماً أمام الأولاد، وقد يصل الأمر أن يرفع الرجل يده على زوجته، فيتحول جو المنزل إلى محيط من التوتر والخوف والرعب، يلجأ الطفل على أثرها للتفكير بعدوانية نحو من يكون بينهم سواء في المدرسة أم الطريق، أم حتى حافلة النقل العام أم الخاص، وهناك أيضاً أسباب أخرى هي محاولة تقليد الآخرين ولاسيما في أفلام العنف وبعض الأشخاص الذين كبروا على معاداة الآخرين، بالإضافة لذلك، تلعب الغيرة وانعدام الثقة بالنفس ومشاعر التوتر والضيق، والحرمان والقمع، ولفت انتباه الآخرين ولاسيما الجنس الآخر، وكذلك الإحباط وتغير الملامح وربما طول أو قصر القامة دوراً في ذلك، كأن يقوم قصير القامة بمحاولة التعويض عن النقص الحاصل بطوله بالعدوانية، أو يقوم الأطول بمحاولة السيطرة على أقرانه، وعندما لا يمتثلون لما يقول، تتشكل عنده ردّات فعل عنيفة.

مباشر ومؤقت وفردي

وتضيف جاد الله: إن علماء النفس يميزون بين السلوك العدواني ويصنفونه بين عدوان مباشر وغير مباشر، ومؤقت ودائم، ويكون أحياناً فردياً، وفي أوقات أخرى جماعياً، ويؤكدون مهما كان شكله وتصنيفه فعواقبه سوف تنعكس سلباً على صاحبه، وقد تبدأ بتأنيب الأهل، وتطور للاشتباك والمشاجرة معهم، ثم تنتهي بالدعاوى والشكاوى والسجن والغرامات، فضلاً عن السمعة السيئة التي سوف ترافق ذلك الطفل أو اليافع العدواني.

فكل أنواع العدوان والسلوكيات المرتبطة به خطيرة، لكن الأخطر العدوان على الذات كإحداث الجروح من خلال الآلات الحادة، أو ضرب الرأس في الحائط والتي قد تتطور أيضاً إلى محاولات الانتحار.

ينعكس على التحصيل الدراسي

وأكدت المتخصصة النفسية أن السلوك العدواني سيترك أبلغ الأثر على التحصيل الدراسي، وسوء العلاقات وانعدام الاندماج الاجتماعي مع الآخرين والعناد وافتعال الغضب الدائم، هذه المشكلة بالتأكيد لابد من معالجتها والبحث عن حلول لإيجاد طريقة يتعامل بها الأهل مع ابنهم صاحب ذلك السلوك، ويتوجب أن يعرفوا من البداية أن عدوان هؤلاء هو شعور وسلوك طبيعي، ضروري ولا يحتاج لقلق ما دام ضِمن حدوده الطبيعيّة، لكن بذات الوقت لا يجوز مسايرة المعتدي عند قيامه بذاك السلوك إلى حد الامتثال والاستسلام لرغباته في كلِّ مرة يستخدم فيها هذا الأسلوب، حتى لا يتصرَّف بانتهازيّة ويعيد تِكراره كل ما وقف حاجز أمام رغباته.

كما لا يمكن استخدام أسلوب القمع والكبت بشكل دائم مع مشاعره الغاضِبة، فهذا يؤدي إلى شعوره بالضّعف وفقدان ثقته بنفسه وقدرته على التأثير بمُحيطه، لأنه في بعض الأحيان يكون وقت الفراغ والزيادة في الطاقات والشحنات الانفعاليّة الزائدة، سبباً وراء تلك السلوكيّات الغاضبة والعدوانية.

وهنا يجب تعبئة الوقت وتفريغ الطاقات ببعض الأُمور المفيدة والمحببة لديه، كما أنه لا ضرر في أن يتحمل ذلك الطفل جزءاً من المسؤولية عن نفسه وعن تصرفاته، ويترك لمصيره مع مراقبته من بعيد، ثم نصحه وإرشاده بعد العقوبة التي يتلقاها، عبر سوق قصص وحكايات له عن مشكلات من هذا النوع وكيف خلفت عواقب كارثية.. بالإضافة لذلك تعليم هذا الطفل مهارات التفكير وحل المشكلات والعقبات، بطريقة سليمة ومضمُونة وبعيدة عن الأساليب العدوانيّة.

آخر الأخبار
تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا واشنطن: بإمكان إيران امتلاك برنامج نووي سلمي بحال تخليها عن التخصيب The New Arab: "نسور الحضارة 2025" توسع التعاون العسكري بين مصر والصين "لعنة الضرائب" تلاحق ترامب: ١٢ ولاية أمريكية تطعن قضائياً بالرسوم الجمركية "كسب الزبون" خاصية التاجر الناجح Responsible Statecraft: السفير الأميركي هاكابي يعترف: إسرائيل تمنع الغذاء عن سكان غزة "الأورومتوسطي": التهجير القسري للفلسطينيين إحدى أدوات الإبادة الجماعية استشهاد العشرات وتهجير الآلاف..الاحتلال يواصل مجازره في الضفة والقطاع "الإدارة المحلية": لجان لتذليل التحديات وللنهوض بعمل الوحدات الإدارية انخفاض طفيف على أسعارها.. النظارات الطبية والشمسية رؤية غير واضحة The NewArab: الخطوط الجوية التركية ترى فرصة هامة للنمو في سوريا