الثورة – وداد محفوض:
قطع من الشمع بتراكيب عطرية فواحة، ملأ شذاها المكان بلمسة أنثوية خاصة، صنعتها أنامل الشابة إباء يوسف بشغف وحب، و صقلت موهبتها بجهد وإصرار، لتجسد فناً يحاكي الذوق الرفيع، ويجعل الأجواء مميزة تلامس القلوب.
في لقاء مع صحيفة “الثورة” أكدت يوسف في سن الحادية والعشرين من عمرها، تدرس تخصص الكيمياء الحيوية في السنة الثالثة، تسكن في ريف طرطوس بمنطقة الشيخ بدر، قررت أن تتحدى ظروفها الخاصة بتعلم شيء مميز، يجمع بين الشغف والفائدة المادية، والشعور بالإنتاجية والمسؤولية، وأضافت أنها اختارت صناعة الشموع كوسيلة لملء وقت فراغها بشيء ممتع ومفيد.
بدأت رحلتها في تعلم فن صناعة الشموع المعطرة من خلال دورة تدريبية أونلاين في المستوى الأول، وعلى الرغم من أن الدورة كانت مفيدة، إلا أنها لم تكتفِ بالمعلومات التي اكتسبتها، بل قررت أن تجرب بنفسها وتختبر النتائج، وبينت أن دراستها الجامعية في مجال الكيمياء الحيوية قد ساعدتها في فهم المواد الكيميائية بشكل أعمق، مما منحها القدرة على استخدامها بطريقة آمنة وصحيحة.
وأكدت أن البحث المستمر على الإنترنت ومتابعة المقاطع التعليمية كان لهما دور كبير في إلهامها وتشجيعها على تطبيق ما تعلمته على أرض الواقع.
بدأت يوسف بتصنيع شموع معطرة مخصصة لمناسبات مختلفة مثل التخرج، الولادة، العمادات والأعراس، وفي البداية، كانت تعتقد أن هذه الشموع ستجذب فئة الشباب والأطفال كهدية بسيطة، ولكنها فوجئت بالإقبال الكبير من جميع الفئات العمرية، والطلب على منتجاتها لم يكن فقط للهدايا، بل أيضاً للاستخدام كديكور وخلق أجواء هادئة وفريدة من نوعها لمحبي التأمل والاسترخاء واليوغا، خاصة أنها تصنع منتجاً جديداً ومميزاً في منطقتها، حيث تُعد الأولى والوحيدة التي تقوم بصناعة الشموع المعطرة في منطقة سكنها.
التسويق عبر منصات التواصل
وبينت يوسف أنها اعتمدت بشكل رئيسي على منصات التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”انستغرام” لتسويق منتجاتها، مما ساعدها في الوصول إلى جمهور أوسع، إضافة لدعم الأقارب والأصدقاء ودورهم الكبير في نشر ماهية عملها للمحيط.
ولفتت أن مشروعها بدأ برأس مال متواضع إلا أنها استطاعت استثمار دخلها في تطوير مهاراتها وتحسين جودة الإنتاج، مؤكدة أن هذا النجاح لم يكن ليحدث لولا إصرارها وجهودها المستمرة.
وشرحت يوسف كيف تصنع الشموع ابتداء من تذويبه على البخار مع التحريك باستخدام عود خشبي، بعد ذلك، تضيف مادة مصلبة للشمع بعد أن يذوب بالكامل ثم تختار اللون المطلوب ويضاف باستخدام أعواد ملونة، كما يضاف العطر عند درجة حرارة 60 درجة مئوية، وذكرت أنه بعد تسخين قالب السيليكون وتجهيز الفتائل المناسبة، تقوم بصب الشمع في القوالب، وتنتظر حوالي ثلاث ساعات حتى تصبح الشمعة جاهزة للاستخدام.
ويوجد عدة أنواع من الشموع كما أشارت، منها الصناعية مثل شمع البرافين، الجل، والشمع الرملي، وأيضاً الشموع الطبيعية مثل شمع النخيل، جوز الهند، الصويا، والعسل.
ولم يقتصر عملها على بيع الشموع فحسب، بل دربت الراغبين بتعلم هذا الفن، ونظمت ورشات تدريبية للأطفال في الجمعية الخيرية لأبناء لواء إسكندرون في طرطوس، حيث قدمت 8 ورشات للأطفال، وبدأت في تقديم دروس عبر تطبيق “واتساب” لمن يرغب في تعلم هذه الحرفة عن بُعد، حيث لاقت هذه المبادرة إقبالاً كبيراً من قبل المهتمين.
وفي ختام حديثها، قدمت يوسف نصيحة لكل من يرغب البدء بمشروع خاص به قائلة: “لا تخافوا من الخطوة الأولى، فإن الأصعب دائماً هو البداية، لا تتركوا خوفكم يمنعكم من المخاطرة والتجربة، إذا كنت تحب ما تفعله وتعمل بصدق وحب، فإنك ستصل إلى ماتريد، وأن الإرادة الصادقة والإصرار هما مفتاح النجاح.