الثورة – عبد الحميد غانم:
ليس العيد مناسبة دينية واجتماعية يحتفل بها المسلمون في شرق الأرض وغربه فحسب، بل هو مناسبة يطغى عليها الجانب الاقتصادي، إذ يجري التحضير له في كل أسرة من أجل تحمل تكاليف العيد وما يتطلبه من نفقات للأولاد باعتبارهم جزءاً هاماً من فرحة العائلة بالعيد.
وخلال الاستعداد للعيد، يجهد رب الأسرة لتأمين تلك النفقات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العائلات، وكذلك ظروف البلد بعد سنوات من المعاناة والفاقة نتيجة سوء الأوضاع المالية والمعيشية التي تشهدها سوريا.
لقد باتت مناسبة العيد بسبب عادات الإنفاق المالي عبئاً اقتصادياً، وأصبحت الأسر تخصص ميزانية كبيرة لهذه الفترة، وحتى في ظل الأزمات الاقتصادية أو التضخم الكبير، يبقى الإنفاق على العيد من الأولويات وليس الرفاهيات.
وفي العيد، تزداد النزهات وحركة السياحة الداخلية بشكل أكبر لتمضية الإجازات، وإذا تصادف العيد مع الصيف تزداد حركة السياحة على المدن الساحلية بشكل أكبر، لتصل بعض الفنادق إلى نسبة إشغال 100 بالمئة، أي ممتلئة بالكامل بفضل موسم العيد.
العمالة مستفيدة
ومع تزايد الطلب على السلع والخدمات في أيام العيد يحتاج إلى عمالة لتقديم هذه الخدمات، ويزداد معها الطلب على العمالة الموسمية، هذه العمالة توفر كسب إضافي للعديد من القطاعات مثل المصانع النقل المطاعم المحال التجارية، وتسهم العمالة الموسمية في تقليل نسبة معدلات البطالة، وتحفز الاقتصاد المحلي.
في الأعياد يتغير النشاط الاقتصادي بشكل ملحوظ نحو الارتفاع، ويزداد الطلب على السلع والخدمات، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض السلع، مثل اللحوم في عيد الأضحى، كما أن ارتفاع الأسعار يؤثر على الأسر ذات الدخل المنخفض، وتحاول بعض الحكومات تنظيم سعر الأسواق من خلال الرقابة على الأسعار، وتحديد سقف لها لتجنب الاستغلال وارتفاع الأسعار على الموطنين.
تطبيقات مالية
في موسم العيد، تظهر الفرحة الكبيرة في العيدية للأطفال وللأمهات وللعائلات، وهو نشاط اقتصادي تحول إلى تطبيقات مالية ومبالغ مالية ضخمة خصوصاً في موسم العيد، وأهمها تحويلات المغتربين إلى أسرهم في العيد، وتمثل هذه التحويلات جزءاً كبيراً من الاقتصاد المحلي، هذه التحويلات رغم كونها عيدية، لكنها تدعم الاقتصاد المحلي بشكل كبير، وتتحول هذه الأموال إلى شراء سلع وخدمات.
ومن أهم الجوانب الاقتصادية في العيد، الزكاة والصدقات التي يتم إخراجها من قبل المسلمين في العيد، وهي من الشعائر الدينية المهمة والفعالة لإعادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع، وتساعد الصدقة والزكاة على تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، من خلال دعم الأسر ذات الدخل المحدود، مما يحسين أوضاعهم المعيشية ويساعدهم في رفع مستوي انفاقهم ولو مؤقتاً.
العيد ليس فقط مناسبة دينية، بل موسم اقتصادي من الدرجة الأولي وزيادة إنفاق الأسر وزيارات وتنشيط للتجارة، وتوفير لفرص العمل الموسمية.. وقد تكون فترة الانتعاش الاقتصادي في الأعياد فرصة لتوجيه بعض السياسات الاقتصادية قصيرة الأمد لتحقيق توازن في الأسواق وضمان استدامة النشاط الاقتصادي.