ماجد مرشد”لـ”الثورة”: الشعر حرك الجماهير في ساحات الثورة وكان صوتها وصداها

الثورة – سعاد زاهر:
حين غادر الشاعر ماجد المرشد سوريا عام 2014، كانت قد ضاقت روحه بكل ما تعيشه البلد وشعبها الثائر، وقرر الرحيل عنها، لعلّ عودة حين النجوم تميد وها هي النجوم قد بانت..
عبر عن تلك الحالة من خلال الأبيات التالية:
أغادر ذي الدنيا وغير مودّعٍ
ولي عودة حين النجوم تميد
ولي من الأرباب ربٌّ أوحّدهْ
دعاني إلى الأفلاك إنّي سعيد
يشقّ عليّ الهجر إن طال بي النوى
ولي صحبةٌ أعلون فيهم وليد
ومنهم سميرٌ أو خليلٌ ومصطفى
لليلي نجومٌ مورقات سجود
أيا صحبتي الأبرار لا تتفجّعوا
بفقدي ألا إن المزار بعيد.
لقد غادر شاعرنا سوريا مطلع الشهر التاسع من العام 2014، عن طريق لبنان، حاملاً معه حقيبة الوطن وذكريات ملأى بالحنين، وفي مدينة منشنغلادباخ الألمانية حيث حط رحاله، فتح حقيبة الذكريات محاولاً إفراغها تدريجياً، ليفاجأ أن الحقيبة تتسع والذكريات والحنين تتضاعف:
تموج الصحارى وتطغى البحار
وغدر زمانيَ يمحو الدفاتر
أسير شريداً
أنوء بحمل حقيبة ظهري
زواياها تحمي فؤاداً مكابر
بكى عند ظلّي.. لأبكيه بعد شهور توحّد فيها بجدران بيتٍ تثنّى لبرميل طائر
هنا في الحنايا أخبئ عمري المسافر
أضيء الشموع لذكرى شهيد
وذكرى فقيد
لذكرى المدائن قبل الخراب وبعد العويل
لبهجة عيدٍ.. لحزنٍ.. لذكرى
لخمسين عاماً وألف صديق مهاجر
لشامي عروس المحبة.. شامي الحزينة من قاسيون إلى بردى
حنين الليالي.. أحباء قلبي.. بقايا جنوني.. بقايا حنيني.. ضياء الستائر
هناك يقيم حنيني
هناك بقايا ظنوني
وروحي تطير بأعلى سماءٍ
لتزرع بين النجوم سفيني
رياحي تسافر
دعوني أغادر..


من تلك الذكريات أيضاً حين علم بفعلة عاطف نجيب الشنعاء بأطفال درعا، وصله خبر بأنه غادر دمشق من المطار متنكراً وبجواز سفر مزور… كتب ليلتها (23/ 3/ 2011) قصيدة ونشرها على موقع شعراء بلا حدود:
قد يذوبُ القلب من همسٍ حنيناً
ويهيمُ الروح عطراً والخزامُ
والجوى أذيالُ خيلٍ هارباتٍ
والمنى ترقصُ واللحنُ هزامُ
فإذا نادى على ضعفِ هتافٌ
نرفع الرأسَ ويحدونا الغمامُ
ويعمُ الأفقُ خيلٌ وغبارٌ
تزدهي الراياتُ ضوع يا زحامُ
هذه الأرضُ دمانا منذ عادٍ
تربُها المجبولُ بالقاني حرامُ
فاسأل التاريخَ عن ماضي حمانا
واسأل الأجداثَ كم باغٍ ينامُ
نحنُ أهلُ الشآمِ أشجارٌ طوالٌ
نسجُ جذرٍ طال في الصخرِ المقامُ
مَن تحدى في قبورٍ ضاحكاتٍ
من نَخى أحفادَ معدٍ لا يضامُ
منذ كم سَخرتم الناسَ عبيداً
لا يضامُ الحرُ والناسُ كرامُ
أكلوا من تُربِ حورانَ تغذت
من حِمى الريانِ دمٌ وعظامُ
طعنةُ الغدرِ اكتوى منها جبيني
والدمُ المسفوحُ في درعا حرامُ
عاطفٌ يا بنَ نجيبٍ أيُ هُزءٍ
وزنى الأُمِ على الصدرِ وسامُ
ضدَ اسميكَ فلا عطفٌ وانسٌ
وابنَ كلبٍ لا فللكلبِ مقامُ
أي مغترٍ وجلادٍ خزيٍ
دونَ ربي أي معتزٍ يضامُ
دع عروشَ الكون تحميكَ سيأتي
من صدى حورانَ نعلٌ وانتقامُ
أينَ تمضي ستغطيكَ نعال
في حدودِ الشمسِ ترديكَ السهامُ
سَل رئيساً في البرازيلِ تردى
من يَدس طرفاً لحورانَ يسامُ

نحن أهل العز تحمينا خصالٌ
منذُ فجر الكونِ حورانُ الشآم
فلتسجل صفحةُ التاريخِ دوماً
الدمُ المسفوح في درعا حرام


بعد هذه القصيدة تعرض للمساءلة والاعتقال لأيام بعدها.. ومع استمرار المضايقات الأمنية والتهديدات التي وصلت إلى مرحلة التصفيةـ خاف أن تتفجر سيارته به وهو عائد إلى بيته في صحنايا الثانية فجراً كل يوم..
يتابع مرشد فتح حقيبة الذكريات، فحين يطول البعاد ويدلهمّ الليم وتخبو أجنحة الأمل وتضيع حدود الأفق تتوهج الذكريات من جديد:
في بلادي
سافر الغمام ولم يعُد
هجرت السنونوات دفء المواقد.. والربيع لم يعُد
شبح البقاء تقتله الحقول الجرداء
وأصوات العنادل التي أشجاها النعيب والنواح..
هناك حيث يفيق الصباح على عبق الياسمين
هناك حيث القلوب الطيبة تلاقي براكين الجحيم ليل نهار
هناك حيث الأطفال تمزقهم أصوات الجنون بين أراجيح الحدائق
هناك حيث يعلو النواح صوت النواقيس وتسابيح الأذان…
هاجرت أهدابي
وظلّ خريف يرسم مفاتني
وصوت حداء يُرجع ترتيل الغمام
آآآآه يا أرجوحة الطفولة
لم أجد عندك ضفائري معلّقةً
فارقتني رائحة الخزامى والزعتر.. وعبير السواقي
لقد هاجرت أهدابي…
والقصيدتان الأخيرتان أشبه بالنثر لأنه كتبهما باللغة الألمانية أولا، ثم تمت ترجمة ما كتب بصياغة بسيطة وواضحة.
الشاعر مرشد لا يدعي أن الشعر حامل رئيسي من حوامل الثورة.. لكنه بلا شك كان يحرك الجماهير الهاتفة في معظم ساحات الثورة وكان أحيانا صوتها وصداها.. وكلما كان الشعر أصدق وألصق بالجماهير وهمومها ومطالبها، كان له الصدى الأكبر.. لعل الثقافة برأيي هي حامل الوعي ونخبته في كل زمان، والشعر أهم منهل ثقافي يؤثر في الوعي أسرع من كل الفنون، ولاسيما إن كان حامله معاناة البشر وآلامهم وأحزانهم:
بازلت الوقتِ
يحاربني
وعيون الأحباب اغتسلت بدروب البعدْ
صفصافة ليلي زنّرها حزنَ الورقاءِ بلاها الصدْ
طيفٌ وفَراشٌ يرقصُ حول جِمار القلبِ
يهادنني
خجل العذرا ألمحُ في الخدْ
وعلا خَفَرُ النرجس يغفو للشمسِ
يساورهُ وهمٌ.. هل متنُ ذراعٍ أم فخذٌ تُبدي، أم يدْ؟
نهدٌ يتدحرج.. يترجرجُ كَفَلٌ من وردْ؟
يا شوك البعد.. كواكَ البعدْ……
ويتابع في وقفتنا معه: بعد أن تقدمنا خطوة على طريق الخلاص من الفساد والاستبداد، فما يزال الطريق طويلا لبلوغ الأرب الذي قدمنا من أجله كل غال ونفيس.. تداعبنا الآمال وتقودنا الأحلام:
نحن من شوك الزمان
ويدانا تربةٌ معجونةٌ بالدم.. تسحقها الحصى.. والحقد بان
فَمُنا عنقود كرمٍ عتّقته الروح من قبل الأوان
والشفاه استسلمت للريح.. واصفرّت كأوراق الخريف….
سبأ اجتاحت على أعتاب حِمْيَر.. وتخطّاها الحمام
وتلاقى بعل مع ياهوه.. وازداد الفصام
وانتشى تمّوز في عشتار.. أقعى هُبَلٌ.. عادت ثمود
ودنى أبولو من آمون.. خوفو من زيوس.. حَدَدٌ من عيسى.. وأحمد…
قوّموا درب النفير
لا إلاهاً يرتجي سجدة بومٍ فوق أنقاض الخراب
لا إلاهاً يحتمي بالموت.. من موت الذئاب
“أين أنت الآن فانهض” أيها الآتي سراباً.. أيها الرب الحديد
مُتْ كما مُتَّ لنحيا من جديد
واترك الباب على مصراعه للريح
واترك دفّة المجذاف.. كي نرسو على بر الأمان…
ويختم الشاعر ماجد مرشد حديثه.. إن لحظة سقوط الأبله كانت مشاعر مختلطة تتقاذفني بين مصدّق ومكذب.. منذ حرب الأب المقبور على حماة وحلب وجسر الشغور في مطلع الثمانينيات، وأنا والنظام عين ومخرز وتناقض وتناحر.. وأخيراً سقط نظام الفساد والاستبداد والنهب… وماذا الآن؟ كانت لحظات لا يتسعها الفرح ولا يتحمّلها القلق:
شوق قلبي عبق الجوري مدى الأرجاء فاح
وتلظّى الضلع يا ضلع الهوى فوق الجراح
فورة الحب شعاع الشمس حين الصبح لاح
قبّلوا أنشودة الورد وخلّوا الفيض من طعن الرماح

آخر الأخبار
ArabNews : محكمة العدل الدولية تبدأ جلسات استماع لمساءلة إسرائيل إعلام إسرائيلي: "الهولوكوست" سترة واقية لتبرير جرائم الإبادة الجماعية تعزيز ثقافة التداول بالأسهم يواجه مشكلة مصرفية "التربية": خطة طوارئ صحية للامتحانات العامة تأهل ١٧٥٦ طالباً للمرحلة الثانية من أولمبياد الصغار واليافعين غارات أميركية على سجن للمهاجرين و"سينتكوم" تعلن حصيلة ضرباتها باليمن وصول قافلة القمح العراقية إلى حلب حلب.. معرض علمي وفني في صالة بوديان والثانوية المهنية درعا.. الأمن العام يُعزِّز سلامة المسافرين على الأوتستراد الدولي عثمان لـ"الثورة": توفير القمح بالتعاون مع العراق مستمر دير الزور.. منظمات مانحة تدعم تنفيذ مشاريع المياه خطوط الصرف الصحي خارج الخدمة في الحسينية.. والبلدية تعمل على الحل انتقادات مصرية لمطالبات ترامب بشأن قناة السويس الفاعل مجهول.. تكرار سرقة مراكز تحويل الكهرباء في "عرطوز والفضل" Shafaq News : مؤتمر للأكراد لصياغة موقف موحد لمستقبل سوري دمشق وبغداد.. نحو مبدأ "علاقة إستراتيجية جديدة" "الأونروا": نفاد إمدادات الطحين من غزة الاحتلال يقتل 15 صحفياً فلسطينياً بأقل من 4 أشهر درعا: مناقشة خطط زراعة البطاطا في المحافظة خطة لدعم التجارة الخارجية وإرساء اقتصاد السوق الحر