الثورة – فؤاد مسعد:
هو تراث غني ضارب في جذوره عمق الأرض، متنوع يُشكل في نسيجه فسيفساء سورية خالصة، قُدّم بشكله التراثي الموسيقي والفلكلوري مساء أمس في دار الأوبرا بدمشق ضمن حفل بعنوان “صورة من التراث السوري”، والذي يمتد إلى اليوم عبر حفل ثانٍ، كما عُرِضت ضمن الفعالية أيضاً أعمال تراثية حرفية يدوية.
ألوان متعددة من التراث السوري مُعشقة بروح الأصالة حاكت القلب والوجدان، مُقدمة مزيجاً متجانساً، حاملة الهوية السورية بأطيافها المبدعة، لتشكّل في مجموعها لوحة بانورامية تنوعت بين “العربي، السرياني، الكردي، الأرمني، الشركسي، الآشوري”، وبين الغناء واللوحات الفنية الراقصة والفنون الشعبية.
وما زاد الجمال جمالاً تفاعل الجمهور مع النغم والتصفيق الحار بعد كل لوحة.
برنامج يعكس ما قُدّم على الخشبة غِنى “التراث السوري”، وغِنى البرنامج الذي سعى إلى الإحاطة بالكثير من ألوان التراث السوري، وكانت الانطلاقة من موشح بصوت “سليمان حرفوش”، فأغنية من التراث الأرمني، ثم فرقة آمال للمسرح الراقص التي بدأت بأغنية “شفتك يا جفلة، وانتهت بـ “زينّوا المرجة”.
قدمت بعد ذلك “ميرنا شمعون” بصوتها أغنية من التراث السرياني، تلتها “هدية السبيني” مؤدية وصلة من التراث دمشقية الهوى، تلتها فرقة “بارمايا” للتراث السرياني والآشوري، وفرقة “كارني” للتراث الأرمني، ثم عزف منفرد من التراث الكردي للعازف “ألان مراد” على آلة البزق، تبعه عرض لفرقة “آشتي” الكردية، فالفرقة الفنية الشركسية، وفي الختام قدم المشاركون جميعاً التحية للجمهور على صوت أغنية “يا طير سلملي على سوريا”.
حالة ثقافية سوريّة
مُعد ومشرف الحفل “ادريس مراد” أكد في تصريح لـ “الثورة” غاية إقامة الحفلين، قائلاً: “كان الهدف ترسيخاً للحالة الثقافية السورية بشكل عام، وأن تقدم هذه الثقافات كلها ككتلة واحدة، الكل من الكل، لا يتجزأ أحد من الثاني.
وجاء برنامج حفل اليوم الأول غنياً جداً، وكذلك الأمر سيكون في حفل اليوم، فقدمنا أغلب الثقافات السورية، فكان هناك السريان والأرمن والآشور والكرد والشركس، وقدمنا أغاني عربية، من التراث الدمشقي وبعض الموشحات، كما سنقدم اليوم من التراث الفراتي، وموشحاً آخر”.
ويشير إلى أنه من الجميل أن نتعرف كلنا على ثقافة بعضنا ونكرس الحالة السورية الموحدة، يقول: “سنقدم في الأيام المقبلة التراث السوري باسم، التراث السوري فقط، ولن نسمي الأشياء بمسمياتها، لأنه من المفروض أن نعلم جميعاً أن سوريا هي سوريا الملونة وتتسع لنا جميعاً، ومجرد ذكر التراث السوري فهو يعني هذه الثقافات كلها”.
بانوراما تراثية
مدير فرقة “آمال السورية” للمسرح الراقص “ضياء الدين قاووق” قال: قدمنا في اليوم الأول تراثاً من “الساحل وتدمر والشام” عبر فقرة بانورامية، وسنقدم اليوم عملاً بعنوان “بانوراما اشتفنا” يحكي عن المحافظات السورية جميعها، وسيكون منوّعاً من الجزيرة وحمص وحماه ودرعا والسويداء وحلب..، ونختم اللوحة بـ “الشام هي بالفرح”.
وأكد أن كل منطقة في سوريا تتميز بتراثها، مشيراً إلى سعيهم إظهار هذا الأمر حتى من خلال الملابس التي صممها “أحمد منصور” والتي ستكون مختلفة بين حفلي اليوم الأول والثاني، فكل لوحة لها زيّها الخاص بها.
معرض للفنون التراثية والتقليدية
أقيم ضمن الفعالية معرض للحرف التراثية، تحدث عنه “عدنان تنبكجي”، شيخ كار بالفنون النحاسية والتشكيلية، ورئيس مجلس إدارة جمعية العادات الأصيلة، يقول: “شاركنا في هذه الفعالية لنوضّح رسالة الحرفي السوري، بما يتعلق بالفنون التراثية والتقليدية”.
مشيراً إلى سعيهم المحافظة على تاريخ الأجداد وبالوقت نفسه التماشي مع العصر، وتعليم الحرفة اليدوية التقليدية، خاصة أنها مطلوبة من كل دول العالم ببصمتها السورية.
وعن الأعمال المعروضة، أشار إلى أنها متنوعة، وفيها “النحاسيات، تنزيل الصدف على الخشب، الأغاباني، البروكار، تخريق النحاس، الرسم على الزجاج المعشق والصناديق الفنية من الخشب والموزاييك”.
وقال: “نحافظ على التراث الشعبي والتراث المادي واللامادي، من خلال موضوع التعليم، فلدينا في حاضنة دمر المركزية قاعة خاصة لتعليم الحرف اليدوية، وندعو كل الشباب والصبايا للتعلّم”.