الثورة – إخلاص علي:
لأول مرة منذ عقود، سوريا ليست طرفاً في صراعات المنطقة، ولا سيما الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، ولكن ذلك لا يعني إن لم تكن طرفاً في الحرب فإنها لن تخسر شيئاً أو لن تتأثر، بل ربما تكون الخسارة أكبر .
تأثير الحرب الإيرانية – الإسرائيلية على سوريا يتجاوز تأثيره على دول أخرى بحكم الموقع الجغرافي، فالحرب التي أرخت بظلالها على أسواق الطاقة والمال وطرق التجارة العالمية ستترك أثرها الخاص على سوريا بشكل مباشر في قضايا السياحة وتدفق الاستثمار المنتظر .
مخاوف ومخاطر غير مسبوقة
وفي هذا الإطار يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي أن استمرار التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، ولاسيما بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العملية “ستستمر لأيام”، رفع المخاطر الجيوسياسية إلى مستويات غير مسبوقة منذ سنوات وهذا انعكس بشكل مباشر على الأسواق المالية، وأسعار السلع الأساسية، وسلاسل الإمداد العالمية، مما يخلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي.
وتابع الدكتور قوشجي حديثه: التأثير على أسعار الذهب والنفط أتى مباشرة حيث ارتفع سعر أونصة الذهب إلى 3,432 دولاراً، بعد لجوء المستثمرين إلى الذهب كملاذ آمن وسط تصاعد التوترات، كما قفزت أسعار النفط بنسبة 9 بالمئة، ليصل سعر برميل النفط إلى 75 دولاراً مدفوعاً بالمخاوف من تعطل سلاسل الإمداد وتراجع الإنتاج في المنطقة.
وأضاف: في حال توسعت رقعة الحرب وأغلقت إيران مضيق هرمز أو هددت بإغلاقه، فإن أسعار النفط قد تصل إلى مستويات قياسية، إذ يمر عبر المضيق نحو 20 بالمئة من الإمدادات النفطية العالمية. وفقًا للتقديرات، فإن إغلاق المضيق قد يدفع أسعار النفط إلى 120-150 دولاراً للبرميل، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل والطاقة عالمياً .
وأما مايخص التوقعات حول انعكاسات الحرب على الأسواق المالية قال الخبير : من المتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار الذهب مع دخول الولايات المتحدة الحرب، ويسعى المستثمرون إلى التحوط ضد المخاطر الجيوسياسية والأمر سيمتد وينعكس على سوق الأسهم ولا سيما الأمريكية المتوقع أن تشهد انخفاضاً بسبب المخاوف من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتعطل سلاسل التوريد، مما يؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين.
الخسائر الاقتصادية لإيران
و عن الخسائر الإيرانية قال :
لا يمكن تحديد حجم الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد الإيراني اليوم بشكل دقيق نتيجة الضربات العسكرية، لكن من المؤكد أن العقوبات الاقتصادية والحرب الحالية ستؤثر على مستقبل الاقتصاد الإيراني، كما أن تراجع صادرات النفط الإيرانية سيؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية، مما يزيد الضغوط الاقتصادية الداخلية، وينعكس مباشرة على المستوى المعيشي للشعب الإيراني.
تركيا أكبر المتضررين
وحول انعكاس الحرب على اقتصاد المنطقة وسوريا قال قوشجي: تعد تركيا من أكثر الدول تأثراً بسبب اعتمادها الكبير على الطاقة المستوردة من إيران، حيث قد تواجه ارتفاعاً في تكاليف الاستيراد وانخفاضاً في قيمة الليرة التركية.
أما عن تأثير الحرب على الاقتصاد السوري فسيكون بحسب قوشجي من خلال:
1. ارتفاع أسعار الطاقة: مع زيادة أسعار النفط عالمياً، ستواجه سوريا تكاليف أعلى لاستيراد الوقود، مما يرفع تكاليف الإنتاج ويؤدي إلى زيادة التضخم.
2. اضطراب سلاسل الإمداد: إذا تأثرت التجارة عبر إيران أو تركيا، قد تواجه سوريا نقصاً في السلع الأساسية وارتفاع الأسعار.
3. ضعف التجارة والاستثمار: مع تصاعد التوترات، قد تتراجع الاستثمارات الأجنبية، مما يؤثر على مشاريع إعادة الإعمار.
وختم حديثه بالقول : يحمل التصعيد العسكري في الشرق الأوسط تداعيات اقتصادية واسعة النطاق، حيث تؤثر الحرب على أسعار السلع الأساسية، الأسواق المالية، وسلاسل الإمداد العالمية. في حال استمرار النزاع أو توسع نطاقه، فإن الاقتصاد العالمي قد يواجه موجة جديدة من عدم الاستقرار، مما يستدعي استراتيجيات تحوط قوية من قبل الحكومات والمستثمرين وسيؤدي هذا التصعيد إلى زيادة الأعباء الاقتصادية في سوريا، مما يتطلب استراتيجيات مرنة للحد من التأثيرات السلبية.
أخيراً.. لا أحد يستطيع التكهن بحجم تأثير الحرب على المنطقة والعالم، لأن الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات، والأمر مرهون بالزمن وبحسم الحرب .