أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي
يُعد تخصيب اليورانيوم أحد أكثر العمليات الصناعية حساسية في العالم، نظراً لاستخداماته المزدوجة في إنتاج الطاقة من جهة، وتصنيع الأسلحة النووية من جهة أخرى، وتثير قدرات إيران في هذا المجال قلقاً واسعاً لدى المجتمع الدولي، خصوصاً بعدما باتت طهران تملك القدرة الكاملة على تنفيذ مختلف مراحل التخصيب داخلياً دون رقابة كافية، ما يضع المنطقة والعالم أمام تحديات أمنية خطيرة.
يرى الغرب أن إيران، التي لا تزال تخضع لعقوبات دولية بموجب قرارات مجلس الأمن، لم تقدم ضمانات كافية لشفافية برنامجها النووي، خاصة في ظل تاريخ طويل من إخفاء منشآت وتجاوزات كشفتها تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتشير القوى الغربية إلى أن امتلاك إيران لقدرات تخصيب عالية قد يمكنها خلال فترة قصيرة من “الاختراق النووي”، أي إنتاج سلاح نووي، وهو ما تعتبره تهديداً مباشراً لحلفائها الإقليميين، كإسرائيل ودول الخليج، وللنظام الدولي الذي يحظر انتشار الأسلحة النووية.
إسرائيل بدورها تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً، ولوّحت مراراً بعمل عسكري استباقي لمنعه، كما سبق أن نفّذت عمليات تخريب واغتيال طالت منشآت إيرانية وعلماء نوويين بارزين. وتشاركها الولايات المتحدة هذا القلق، وإن كان بدرجة أقل، وتحاول عبر المفاوضات والعقوبات منع إيران من الوصول إلى العتبة النووية.
ما هو اليورانيوم..؟
اليورانيوم عنصر كيميائي مشع، يُستخرج من باطن الأرض على شكل خام يُعرف بـ”اليورانيوم الطبيعي”، ويُستخدم كوقود أساسي في تشغيل المفاعلات النووية لتوليد الطاقة، كما يُعد عنصراً أساسياً في صناعة الأسلحة النووية في حال تم تخصيبه بنسب عالية.
يُخصّب اليورانيوم عبر سلسلة عمليات صناعية تهدف إلى زيادة نسبة نظير “اليورانيوم-235” القابل للانشطار. ويتكوّن اليورانيوم الطبيعي غالباً من 99.3% من “يورانيوم-238” و0.7% فقط من “يورانيوم-235″، وهو النظير الذي يُستخدم في المفاعلات أو القنابل.
إن امتلاك إيران دورة وقود نووي كاملة يضعها ضمن قائمة الدول القليلة القادرة على إدارة برنامج نووي مستقل من دون الحاجة إلى استيراد المواد الحساسة، ورغم إعلان طهران أن برنامجها سلمي بحت، فإن الغرب يعتبر أن امتلاكها القدرة على التخصيب بنسبة 90%، أو حتى القرب من ذلك، يجعلها “دولة على العتبة النووية” (Nuclear Threshold State)، أي قادرة على تصنيع سلاح نووي في غضون أشهر قليلة، إذا صدر قرار سياسي بذلك.
يرتبط تخصيب اليورانيوم ارتباطاً وثيقاً بمفهوم السيادة النووية، لكنه في حالة إيران تحوّل إلى مصدر نزاع عالمي، وبينما تصر طهران على حقها المشروع في التخصيب، ترى القوى الدولية في هذه القدرة تهديداً يجب احتواؤه قبل أن يتحول إلى سلاح بيد دولة لطالما واجهت اتهامات باستخدام أدوات القوة لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط.