الثورة – همسة زغيب:
“مازالوا.. يسكنوننا” مجموعة قراءات سردية وأدبية لقضية التغييب القسري.. أقيمت على مدرَّج المركز الثقافي في جرمانا لنتذكر المغيَّبين والمغيَّبات، وتخليداً لذكرى مَنْ فتحوا لنا باب الحرية والعدالة على مصرعيها.
إنهم الناشطون الحقوقيون والمدنيون المغيَّبون: “رزان زيتونة، سميرة الخليل، وائل حمادى، ناظم حمادي”.
العمل من إخراج حنان شقير، ومشاركة الممثلين: “رغدة الخطيب، رنا كرم، فرح الدبيات، مجدي المقبل”، كما رافقتهم مغنية الأوبرا نعمى عمران بصوتها الزاخر بنغمات البكاء والعويل والشجن على فراقهم.
فاتحة اللقاء كانت مع الكاتب والمُفكِّر ياسين الحاج صالح زوج سميرة الخليل، إذ تحدَّث في كلمته عن قضية مخطوفي دوما الأربعة، تلك الأسماء المنسيَّة دون أن تظهر أيَّ معلومات عن مكان اعتقالهم، أو مصيرهم حتى وقتنا الراهن.. هؤلاء وقفوا مبكراً في دوما من أجل فضح الانتهاكات والجرائم الأسدية.
ثم أضاف: يتوجَّب علينا استخدام الذاكرة كسلاح ضد التغييب والمغيَّبين القدامى والجدد، كي تتمثَّل حقيقة صراعنا مع حقوق وحريات وعدالة ضدَّ منتهكين ومجرمين من أجل الديمقراطية والمواطنة والمساواة؛ وليس صراعاً دينياً أو عقائدياً. كذلك يتمثَّل في مسيرة استمرار كفاحنا خلال جيلين، وفيها تظهر الصفة الوطنية وغير الطائفية للكفاح.
أما رزان زيتونة فجسَّدت الدور الكبير للنساء السوريات في التَّطلُّع إلى الحرية.
بدورها المخرجة حنان شقير قالت لـ”الثورة”: إنَّ للفن والمسرح دوراً كبيراً في نشر الوعي كرسالة تُذكِّرنا بغياب المفقودين الأربعة، باعتبارهم يُمثِّلون آلاف السوريين المُغيَّبين قسراً عن أهلهم، وخاصة في أعوام الثورة الأولى، ولاتزال عائلات كثيرة تنتظر بمرارة لمعرفة مصير أبنائها، ومن خلال نصوص شعرية ومقالات فكرية لأحبائنا المغيَّبين كتبوها أثناء الحصار، ولا نعرف بأيَّة صورة، وبأيِّ حلم، وبأيِّ رعب حملوها معهم.. إنهم رحلوا بأجسادهم كاملة بمصيرهم المجهول ولاتزال أسماؤهم حاضرة حتى اليوم نهديها لأهلنا وللمعتقلين كافةً في سوريا..
بصمت علت أصواتنا منذ بداية الثورة السورية لتصل لأحبائنا المغيَّبين الفاتحين باب الحرية المغلق منذ عقود.
كما أوضحت الفنانة رنا كرم أنَّ الخطف والفقد أو الاختفاء القسري قضية مهمَّة، لذا يجب أن نرفع الصوت عالياً، مطالبين بحق معرفة مصائرهم، ومحاسبة المسؤولين أينما وُجدوا، كما وجَّهت تحية لشهداء الثورة السورية، معتبرةً أن للفن دوراً مهماً في المرحلة الحالية لنقل قصص المشاركين في انتصار الثورة السورية.
فيما أكَّدت رغدة الخطيب على أهمية القراءات السرديّة للنصوص، وما تحمله من دلائل ماديّة على جرائم وانتهاكات النظام البائد، كونها تلعب دوراً جوهرياً في كشف الحقائق وتحقيق العدالة للمغيَّبين ولذويهم، فضلاً عن إسهامها في توثيق مرحلة مؤلمة من تاريخ سوريا.
أما الفنان جهاد عبدو فعلَّق قائلاً: قضية المغيَّبين مهمَّة لكلِّ سوري يؤمن بالعدالة والحريّة والكرامة الإنسانية، ودور الفن أن يصرخ في وجه الظلم وخاصة حين نذكر أسماء المغيَّبين فتتملَّكنا حالة مشحونة بالعواطف الإنسانيّة الحسَّاسة والعميقة، إضافة إلى تفاعل الجمهور المباشر بطريقة مؤثِّرة لأنَّ النّصوص والمقالات كُتبت أثناء الحصار ، وحملت في ثناياها الكثير من الألم والمعاناة.
في نهاية المطاف تمَّت زراعة أربع فسائل صغيرة بأسماء المغيَّبين الأربعة لتبقى ذكراهم أبدية مدى الدهر.