ماذا لو قبل “بشار الأسد” شُرب المرطبات مع “أردوغان” أحمد نور رسلان – كاتب وصحفي سوري

سقط نظام بشار الأسد، عقب ثورة شعبية أطاحت به بعد نضال استمر لـ 14 عاماً، وغادر فاراً إلى موسكو يجر الخيبة والهزيمة والعار الذي لحق به، بعد أن تكشف للشعب السوري، معارضاً كان أم موالياً، حجم الاستبداد الذي مارسه ليس في القتل والتعذيب والانتهاكات الجسيمة، بل الاستبداد الفكري والسياسي والعُقد التي تركها خلفه، والتي تحتاج لسنوات طويلة لحلها، وإعادة الحياة لسوريا التي تستحق أن تكون في مصاف الدول المتقدمة.
اليوم، ومع بدء مرحلة جديدة من تاريخ سوريا الحرة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب رفع العقوبات، وخروج الرئيس “الشرع” بخطابه للشعب السوري، يبارك له هذه الخطوة التي ستنعكس بالإيجاب على أرجاء الوطن كافة، شاكراً الدول التي قدمت الدعم السياسي على رأسها (قطر – السعودية – تركيا) وباقي الدول العربية، لتُعيد الأمل في إعادة البناء والنهضة التي نستحق.

هذه الخطوات العربية ليست وليدة اليوم تجاه سوريا وشعبها، فرغم القطيعة التي اتخذتها الدول العربية تجاه نظام الأسد عقب استخدامه القمع وسياسة القوة المفرطة في مواجهة الحراك الشعبي، بادرت للضغط عليه بإخراجه من الجامعة العربية وسحب مقعد سوريا، ومارست ضغوطات عديدة على النظام وليس الشعب، للعدول عن سياسته القمعية، لكنه رفض وتعنت في الاستجابة لكل المطالب واللقاءات على جميع المستويات.
كان خطاب الأسد ومسؤوليه استعلائياً على الدول العربية، وحتى الغربية، في وقت قدم التسهيلات لتغلغل إيران والميليشيات الطائفية، أيضاً استدعى روسيا وقوتها لضرب الشعب عندما شعر باقتراب الهزيمة عسكرياً على الأرض، ناور وضلل الشعب، ومارس بحقه أصنافاً متعددة من القهر اقتصادياً، حتى في المساعدات التي وصلت إليه من المنظمات الدولية احتكرها لجيشه وحرم الشعب منها.
استخدم نظام الأسد وسائل عديدة للضغط على الدول العربية المُقاطعة لنظامه، فأغرقها بالمخدرات التي غزت أسواقهم، وهدد حدودهم عبر الميليشيات العابرة للحدود، وخلق حالة من الفوضى العارمة في منطقة الشرق الأوسط، في وقت أوغل في دماء السوريين لسنوات متواصلة، علاوة على حملات الهجرة التي تسبب بها والتي غزت حدود أوروبا، مراهناً على أن هذه السياسات المنحرفة ستجبر تلك الدول على الرضوخ.
عقب غياب لسنوات عن اجتماعات القمم العربية، وترك مقعد سوريا مجمداً، لم تجد الدول العربية على رأسها (مصر والأردن والسعودية) طريقاً للجم هذه السياسات، ومنع الأسد من التمادي في استفزاز العالم بأسره، فكانت الخطوات تتجه لإعادة العلاقات مع نظامه تدريجياً مقابل خطوات تم الاتفاق عليها، تشمل وقف تهريب المخدرات، وضبط الحدود وإبعاد نفوذ إيران، لكن الأسد كانت يواصل الضغط، ويُراهن على صبر تلك الدول وتحملها.
فشلت كل المحاولات العربية لشد الأسد باتجاه تغليب مصلحة الشعب السوري، والقبول باتخاذ خطوات من شأنها أن تُعيد الحياة وتخفف العقوبات الدولية، ورغم حضوره القمة العربية في السعودية في أيار 2023، لأول مرة بعد سحب مقعد سوريا، إلا أن الغطرسة زادت، وصعد في خطابه العدواني للدول الغربية، واستهتر بالعقوبات وزعم قدرته على التغلب عليها، في وقت كان يعاني الشعب السوري في مناطق نفوذه من ويلات البؤس والجوع والفقر وندرة الخدمات الأساسية.
كل هذه المحاولات العربية لانتشال سوريا من القاع، باءت بالفشل مع تعنت الأسد في مواصلة سياسته، ورفضه الحضن العربي، لقاء توسيع نفوذ إيران في المنطقة، فجاءت بعدها المبادرة التركية من الرئيس التركي “رجب طيب أردوعان” والذي صرح لأكثر من مرة استعداده للتفاوض مع نظام الأسد، وحتى مقابلة “بشار”.
لم يفهم “الأسد” الموقف التركي، ولم يستطع ساسته قراءة المشهد الدولي، والرغبة العارمة في وقف شلال الدم السوري، من خلال خطوات جاءت بضوء أخضر غربي، تقبل تخفيف الضغط على نظام الأسد، مقابل انخراطه في المبادرات الساعية لإنقاذ المنطقة ومنع التصعيد، قبل بدء حرب غزة التي كانت حدثاً مفصلياً في المنطقة.
في خضم الأحداث اليوم، واستحضار الماضي، نستذكر تصريح “بشار” في مقابلته مع شبكة “سكاي نيوز عربية”، عندما سُئل “متى يمكن اللقاء بينك وبين الرئيس أردوغان، خاصة أن الأخير لا يعارض هذا اللقاء؟”، فكان جوابه: “من دون شروط مسبقة للقاء، من دون جدول أعمال، من دون تحضير، من دون نتائج، لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ كي نشرب المرطبات يعني مثلاً؟”.
السؤال الذي يراودنا الآن: (ماذا لو قبل بشار شُرب المرطبات مع أردوغان)، هل كان استطاع “بشار” كسب ثقة الرئيس والدولة الأكثر دعماً لقوى المعارضة، واستطاع استثمار اللقاء سياسياً ودولياً لإعادة إنتاج وإنعاش نظامه، وقبل بتطبيق بعض الشروط الدولية لقاء رفع العقوبات، وبالتالي إعادة الشرعية له ولنظامه، لكن لم يثق بشار بـ “أردوغان” والسعودية والأردن ودول ومسؤولين آخرين تواصلوا معه، فكان مصيره الزوال والسقوط.

يمكننا أن نقرأ الموقف التركي حينها رغم أننا كنا نعارضه ونراه تضحية بقوى المعارضة والثورة، والموقف السعودي والأردني الذي قبل إعادة العلاقات مع “بشار” واستقباله رغم جرائمه، بأنه لم يكن إلا خطوات صادقة لإنقاذ سوريا والسوريين، وانتشالهم من القاع الذي وضعهم “بشار الأسد” به، فكان العثرة الأكبر أمام نهضة وإعادة الحياة للسوريين بكل أطيافهم، ويبقى الموقف القطري الثابت تجاه الشعب السوري وقضيته، لم يتغير ولم يتبدل، لأنه وثق بالشعب السوري ولم يراهن على “بشار” الذي قدم خدمة وحيدة للشعب السوري قبل سقوطه بأنه “لم يشرب المرطبات مع أردوغان”.

آخر الأخبار
وثيقة أوروبية تقترح تخفيفاً آخر للعقوبات على سوريا واشنطن تؤكد قرب إبرام الاتفاق.. وطهران تلوح بالتخلي عن اليورانيوم  تطوير البنية التنظيمية للبريد بدعم أكاديمي بيان أممي: رفع العقوبات فرصة لإعادة بناء سوريا واستقرارها  التربية تبحث خطط ترميم المدارس في حماة "الغارديان" تنتقد الرواية الإسرائيلية حول تكذيب المجاعة في غزة.. ماذا قالت؟  إعلام أميركي: دبلوماسية ترامب تحقق نتائج ملموسة في "الشرق الأوسط"  The Associated Press: ماذا يعني رفع العقوبات الأميركية عن سوريا؟ نحتاج إلى عملية بناء داخلية.. خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": رفع العقوبات نقطة بدء لمرحلة جديدة   العراق والإمارات: ندعم تحقيق الاستقرار في سوريا ورفع العقوبات يعزز ازدهارها بين المنزل والعمل.. صحفيات يكسرن الصورة النمطية ويحققن التوازن "الهجرة الدولية": سوريا بحاجة ماسة للدعم من أجل تعافيها ما بين "بيت أبو احمد" و" ماكدونالدز".. المساكن المسبقة الصنع تنهي عقوداً من الانتظار الخبير شعبو لـ"الثورة": انخفاض سعر الصرف وهمي لا يسهم بتخفيض الأسعار أهالٍ من طرطوس: بعد رفع العقوبات.. الحلم يتحقق والأمل بمستقبل زاهر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: قريباً.. هيئة للعدالة الانتقالية ومنصة لسوق العمل الدولار يتراقص على إيقاع السياسة جيب المواطن على المحك... هل تنقذنا الليرة؟ الأصول المجمدة.. كيف سيستعيدها المركزي بعد رفع العقوبات؟  مدير نقل دمشق: رفع العقوبات سينهض بالقطاع إلى مستويات جيدة د. أيوب لـ"الثورة": رفع العقوبات خطوة "ذهبية" لاستعادة العافية