الثورة – رفاه الدروبي:
ساروجة أو “سوق ساروجة” أوَّل حي في دمشق بُني خارج أسوار المدينة القديمة، ويُعتبَر تراثاً تاريخياً ومسجلاً أثرياً ونموذجاً مثالياً للحي التاريخي، كونه يُمثِّل مدينةً مُصغَّرةً تتموضع فيها كافة الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية ليبقى شاهداً على نشاط عمراني كبير عاشته دمشق.
أستاذ العمارة الإسلامية الدكتور عبد الرزاق معاذ يذكر أنَّ أغلب الصور الموثوقة للحي تعود لوالده خالد معاذ، لحي أُنشئ في بدايات القرن الثاني عشر لكن التأسيس الحقيقي يعود للعصر المملوكي في القرن الرابع عشر الميلادي في عهد الأمير سيف الدين تنكز حين مكث في دمشق طويلاً، لكن اسم الحي منسوب إلى أحد قادته صارم الدين ساروجة المتوفي سنة 743 هـ – 1342م.
وأوضح أنَّ الحي يتميز بسوقه للحاجات الأساسية، ومنازله الواسعة وحماماته ومساجده الفخمة، لذا أطلقوا على الحي اسم “إسطنبول الصغرى” نسبة إلى الطبقات الأرستقراطية العثمانية القاطنة فيه.
يضمُّ الحي مجموعة من المشيّدات الأثرية المُجسِّدة صورة عن تاريخه، ومنها: المدرسة الشامية البرانية، كونها اكتسبت شهرة واسعة، إضافة إلى المدرسة المرادية البرانية، أُقيمت في منزل الشيخ مراد علي البخاري، وجامع الورد المعروف باسم “برسباي” نسبة للأمير المملوكي برسباي الناصري نائب حلب وطرابلس في العهد المملوكي، وشُيِّد سنة 830هـ 1426م، إضافة إلى حمام الورد الواقع خلف الجامع، وهناك مسجد الوزير المبني من قبل الوزير أبو علي طاهر بن سعد المزدقاني وزير أمير دمشق ظهير الدين طغتنكين، وحكم دمشق بين عامي 498-522 هـ، ولم يبقَ من المسجد اليوم إلا كتابة بالخط الكوفي، وبيت العابد وتصل مساحته الإجمالية إلى 2500م2.
كما ذكر فيليب خوري في كتابه عن أعيان دمشق أنَّه في نهاية القرن التاسع عشر سكن في ساروجة أغنى ثلاث أسر بدمشق: “العظم، العابد، اليوسف”، وربطت بينهم علاقة نسب ومصالح مشتركة، بينما كان البيت لأول رئيس جمهورية في سورية “محمد علي العابد” عام 1925.
