الثورة – ناديا سعود:
في لحظة إنسانية، تمثل معاني التضامن، تقف الدكتورة الجامعية، والمدربة الاجتماعية، جميلة محمد خضر، لتروي لـ”الثورة” قصة عطاء بلا حدود.. ابنة طرطوس، اللبنانية الأصل، والسورية بطرازها، اختارت أن تكون من أوائل المتبرعين لحملة الوفاء لإدلب. تقول بفخر وإيمان: أشعر بالفخر لأنني سورية، واثقة أن الخير قادم بإذن الله.
تبدأ قصتها في عام 2013، عندما نزحت من طرطوس إلى عكار في شمال لبنان، ولكنها لم تكن مجرد نازحة تبحث عن مأوى، بل أصبحت ملاذاً لغيرها من العائلات السورية التي تشاركها الألم ولقمة العيش. تصف تلك الفترة قائلة: أنا اعلم بمعاناة النازحين، ولكن أعلم أكتر معاناة أن تكون في منطقة فقيرة مثل عكار أو إدلب، لا تملك من المقومات ما يساعدك على إكرام ضيفك. ومع ذلك، يصر أهلها على فتح بيوتهم وقلوبهم. هذا فضل من الله وتكليف صعب، لكنه يليق بكرماء إدلب.
واليوم، وبعد عودتها إلى طرطوس، تسترجع بعض التفاصيل عن رحلتها بشجاعة وصدق، عاشت سنوات تدفع فيها “إتاوات” للنظام المخلوع لتبقى، لكنها بعد التحرير تنام مطمئنة في بيتها، فيما يجلس ابنها يلعب مع أقرانه، وأبناء إدلب يحرسون الأمان ويقولون لها: “لا تخافي يا خالة، نحنا حدك”.
هنا جاء قرارها: رد الجميل. تقول: تبرعت من راتبي إكراماً لدماء الشهداء، واحتراماً لأمهات وزوجات الشهداء اللواتي قدّمن كل شيء. أردت أن أقول: شكراً إدلب، بيت الجود والكرم.
خلف هذا العطاء، تبرز قصة أمومة أكثر رهافة، فجميلة هي والدة فتاة تعاني من طيف التوحد، وهذه التجربة جعلتها تقترب أكثر من وجع الأمهات والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. بمعرفتها كمدربة في التنمية البشرية ومهارات الحياة، تدرك أهمية التفاصيل الصغيرة التي تشعل فرحة طفل.. الطفل يكون سعيداً بهدية بسيطة أو كلمة تقدير، فكيف إذا كان طفلاً محروماً، وأهله غير قادرين على توفير أبسط احتياجاته؟ لذلك اخترت أن يكون تبرعي عبارة عن قرطاسية ودفاتر وحقائب، لأنني أعلم ما تمثله هذه الأشياء للطفل.
تختتم جميلة خضر رسالتها بامتنان عميق: شكراً أم الشهيد، دمعتك غالية. شكراً زوجة الشهيد، أعانك الله. شكراً ابن الشهيد، أنتم عزوتنا، يجب علينا جميعاً أن نتبرع حتى نرد الجميل لأبطال إدلب المحررين.