الثورة – فادية مجد:
مبادرات كثيرة انطلقت لتكون صوتاً للوعي والتماسك في وجه التحديات الثقافية والاجتماعية، ومن بين هذه المبادرات تبرز جمعية “التلاقي” كنموذج حي في طرطوس، يسعى إلى بناء جسور الحوار وتعزيز الانتماء الوطني.
انطلقت فكرة تأسيس الجمعية- كما بين رئيس مجلس الإدارة عماد عمران، في العام 2007، كمشروع ثقافي اجتماعي يسعى إلى تعزيز الحوار والتنوع، وترسيخ قيم الانتماء والمواطنة.
وتابع: بدأنا كمجموعة من الأصدقاء نراقب بقلق دخول ثقافات وافدة إلى مجتمعنا السوري، تحمل معها تهديداً لتماسكه وترابطه، فكانت أولويتنا أن نعمل على شد الروابط الاجتماعية وتعزيز التماسك بين مكونات المجتمع، وهنا قررنا تأسيس جمعية تحمل اسم “التلاقي”، وقد اعتمدنا في بناء الجمعية على مبدأ التأثير النوعي، فسعينا لاستقطاب الشخصيات المؤثرة اجتماعياً، انطلاقاً من قناعة أن شخصاً واحداً قادر على التأثير في مئتي شخص، أفضل من ضم مئتي شخص من دون تأثير، أما نشاطاتنا في هذه المرحلة، فاشتملت على ندوات ومحاضرات توعوية في المراكز الثقافية والمبرات بمحافظة طرطوس.
وأشار عمران إلى أن الجمعية منحت تصنيف “دفاع – قانون– حقوق”، ووفق هذا التصنيف أصبحت أهداف الجمعية المساهمة في تعزيز الحوار الاجتماعي وقبول الآخر، وترسيخ مبادئ التنوع والتماسك الاجتماعي والثقافي، وضمن هذه الأهداف، توسعت أنشطتنا لتشمل مختلف مناطق محافظة طرطوس، بالتعاون مع البلديات والمراكز الثقافية والمبرات والجمعيات الصديقة.
وأفاد عمران: إن نشاطات الجمعية شاملة، ذات مواضيع حيوية تمس حياة الناس، منها حقوق الطفل وذوي الإعاقة، مكافحة المخدرات والجرائم المعلوماتية، العلاقة بين المواطن ورجل الشرطة، الأسرة، الزواج والطلاق وآثارهما، المواطنة والانتماء، تكريم المدرسين المتقاعدين، الحفاظ على الموروث الثقافي، دورات تدريبية لنزلاء سجن طرطوس المركزي “رجال، نساء، أحداث”.
من أبرز الملفات التي تم تبنيها من قبل الجمعية -حسب عمران- ملف قلعة الكهف، إذ تمت مراجعة وزارة الثقافة، مطالبين بإنهاء جباية رسوم الدخول التي كانت تُفرض من قبل وزارة الزراعة، ورفع الصفة الحراجية عن القلعة، وفصل طريقها عن المحمية الزراعية، إضافة إلى نقل ملكية الأراضي التي تضم الحمامات والسور والجامع إلى وزارة الثقافة، مضيفاً: نجحنا في إنهاء الجباية، ولكن الملف لايزال مفتوحاً بانتظار استكمال الإجراءات القانونية للحفاظ على هذا الأثر السوري بامتياز.
ولفت إلى أن عدد أعضاء الجمعية يتراوح بين 40 و50 شخصاً، يمثلون مختلف شرائح المجتمع السوري، من المزارع إلى الطبيب، من المدرس إلى المحامي، ومن أصحاب المهن إلى التجار، مع تنوع في الوضع المادي، أما شروط الانتساب، فهي أن يكون طالب الانتساب ممثلاً لمعنى “التلاقي” في الفكر والسلوك، وأن يقبل بالنظام الداخلي ويعمل ضمنه.
وأشار إلى أنه بعد تعديل النظام الداخلي للجمعيات غير الحكومية، توسع نطاق عمل الجمعية ليشمل كامل الأرض السورية، وأضيفت للجمعية مجالات عمل جديدة، كخدمات التمكين الاجتماعي، حوار الحضارات، الحفاظ على الموروث الثقافي، منوهاً بأنهم بصدد تأسيس فرعين جديدين للجمعية، فرع في محافظة طرطوس يتبع للمقر الرئيسي في صافيتا، وفرع آخر في محافظة دمشق، سيتم الإعلان عنه لاحقاً.
وأضاف عمران: لا يخفى على أحد أن ثقافة المجتمع المدني لا تزال جديدة على شرقنا العربي، وعمل الجمعية لا يخلو من التحديات، أبرزها نقص الخبرة الإدارية في هذا المجال، لكننا نؤمن أن مؤسسات المجتمع المدني، كما حدث في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، قادرة على لعب دور محوري في بناء المجتمعات، وكلنا أمل أن تنتشر هذه الثقافة أكثر، ونتمكن كجمعيات مجتمع مدني من تقديم خدمات حقيقية تساهم في بناء مجتمع سليم ومتوازن.