الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب 

الثورة – جهاد اصطيف: 

مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشعب، يتصاعد النقاش في الشارع حول جدوى المشاركة والترشح، لكن خلف هذا النقاش يختبئ هاجس ثقيل يثني الكثيرين عن خوض التجربة، الخوف، فالخوف من الاستهداف الشخصي أو العائلي، ومن حملات التشهير والافتراء التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بات العامل الأكثر تأثيراً في قرار أغلبية الراغبين بالترشح.

يشير أحد الباحثين السياسيين إلى أن البيئة السياسية في سوريا اليوم قد تكون مهيأة أكثر من أي وقت مضى لإنتاج مجلس بتمثيل حقيقي، لكن المشكلة تكمن في أن الخوف يسيطر على المرشحين قبل أن يبدؤوا حملاتهم الانتخابية.

لا يتردد كثيرون في الإشارة إلى أن التشهير عبر الفضاء الإلكتروني تحول إلى سلاح فعال لإضعاف المرشحين، إذ تطلق ضدهم حملات منظمة، تتهمهم بالفساد، أو العمالة، أو غيرها من التهم الثقيلة، هذه الحملات لا تنتهي مع إعلان النتائج، بل تلاحق الفائزين حتى بعد وصولهم إلى قبة المجلس، فالخوف هنا لا يقتصر على المرشح أو الذي يريد خوض التجربة بقدر الخوف على الأسرة، فالتشهير لا يرحم، وهو لا يكتفي باستهداف الشخص، بل يمتد إلى عائلته، حتى الأطفال لا يسلمون من التعليقات القاسية.

يضاف إلى ذلك البعد الاجتماعي، إذ ما زالت أعراف قوية في بعض المناطق تقيد مشاركة النساء بشكل خاص، فالمرشحات يواجهن حملات تشكيك مضاعفة، تبدأ من اتهامهن بعدم الكفاءة، ولا تنتهي عند التشهير بحياتهن الشخصية.

تقول ناشطة حقوقية- فضلت عدم ذكر اسمها: ما زال المجتمع يتعامل مع ترشح المرأة على أنه خرق للعرف، وهذا يحد من فرصهن في المنافسة العادلة.

وفي الوقت الذي يفترض أن يكون الإعلام مساحة للنقاش الموضوعي، أسهمت بعض المنصات في تغذية خطاب الكراهية، عبر الترويج لتصريحات مثيرة أو نشر أخبار غير دقيقة .

يؤكد أحد الأكاديميين أن خطاب الكراهية لا يشعل العنف بالضرورة بشكل مباشر، لكنه يزرع بذور التعصب والغضب التي تمنح شرعية لاحقاً لأعمال التهجم والإقصاء.

ولعل العامل الأخطر هو غياب التشريعات التي تردع هذه الانتهاكات، فحتى الآن، لا توجد منظومة قانونية واضحة تحمي المرشحين من الحملات الإلكترونية، ولا مواثيق مهنية تلزم وسائل الإعلام بضوابط مهنية.

يقول المحامي حسام حميدي: القانون الحالي لا يوفر حماية كافية، والمرشح يجد نفسه مكشوفاً أمام ماكينة ضخمة من التشويه.

في ضوء ما سبق، يمكن القول: إن الخوف لم يعد مجرد شعور داخلي عند الأفراد، بل تحول إلى واقع سياسي واجتماعي يحدد شكل العملية الانتخابية في سوريا، فالمرشحون الذين يمتلكون الكفاءة أو الرغبة في خدمة المجتمع، غالباً ما يتراجعون أمام هذا الواقع، ليتركوا الساحة فارغة لأولئك الذين يستطيعون تحمل الضغط أو يملكون غطاءً قوياً يحميهم، وهنا يكمن الخطر الحقيقي، إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها التمثيلي.

الانتخابات، كما طالبت بها الثورة السورية في بداياتها، كان يفترض أن تكون وسيلة للإصلاح وبناء عقد اجتماعي جديد، لكن ما لم تتم معالجة هذه المخاوف عبر إصلاحات جدية – قانونية وإعلامية وأمنية – فإنها ستظل مجرد مناسبة شكلية لا تعكس الإرادة الشعبية.

من واجب الدولة أن توفر الحماية القانونية، ومن واجب الإعلام أن يتبنى خطاباً مهنياً، ومن واجب المجتمع أن يكف عن الانخراط في حملات التشويه، فالانتخابات ليست معركة شخصية، بل هي واجب وطني يخص الجميع.

إن الخوف اليوم هو العائق الأكبر أمام بناء مجلس شعب حقيقي، والتغلب عليه لن يكون إلا عبر إصلاحات تزرع الثقة في العملية السياسية، وتجعل المشاركة فيها شرفاً وطنياً لا مغامرة محفوفة بالمخاطر.

آخر الأخبار
مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر  الشرع يخاطب السوريين من إدلب.. رمزية المكان ودلالة الزمان   فيدان: استقرار سوريا جزء من استقرار المنطقة  محافظ درعا يعد بتنفيذ خدمات خربة غزالة الاقتصاد السوري.. المتجدد زمن الإصلاح المالي انطلاق الماراثون البرمجي للصغار واليافعين في اللاذقية محليات دمشق تحتفي بإطلاق فندقين جديدين الثورة - سعاد زاهر: برعاية وزارة السياحة، شهدت العاصمة دم... السفير الفرنسي يزور قلعة حلب.. دبلوماسية التراث وإحياء الذاكرة الحضارية تحضيرات لحملة مكافحة الساد في مستشفى العيون بحلب 317 مدرسة في حمص بحاجة للترميم أردوغان: لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا  من العزلة الى الانفتاح .. العالم يرحب " بسوريا الجديدة" باراك: نتوقع تشكيل حكومة سورية شاملة قبل نهاية العام أهالي قرية جرماتي بريف القرداحة يعانون من انقطاع المياه "الأمم المتحدة" : مليون  سوري عادوا لبلادهم منذ سقوط النظام البائد  "إسرائيل " تواصل مجازرها في غزة.. وتحذيرات من ضم الضفة