الثورة – مريم إبراهيم:
المشهد وحده كان أبلغ من أي كلام، أو وصف، أو سرد كلمات وعبارات يمكن أن تنقل الصورة بمختلف تفاصيلها من جمال وتميز وروعة تؤكد عظمة وعنفوان مدينة إدلب الخضراء في حملة الوفاء لأرض الوفاء.. وهي الوفية لأهل سوريا وأحرارها، وللثورة المباركة، إذ احتضنت ثوارها من مختلف المحافظات، ومنها انطلقت جحافل التحرير، فكان حقاً وواجباً على الجميع مبادلتها الوفاء بالوفاء.
استحقاق إنساني
المدير الإداري لمجموعة رواد للاستثمار المشاركة المهندس أنس عليان بين في لقاء لـ”الثورة” أن حملة “الوفاء لإدلب” تأتي في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التكافل المجتمعي ودعم المناطق المتضررة، باعتبارها استحقاقاً إنسانياً واجتماعياً لا يمكن تجاهله. فإدلب بما تمثّله من خصوصية تاريخية وسياسية، وبما احتضنته من ثورة وثوار في السنوات الأخيرة قبل التحرير، تستحق أن تكون في مقدمة أولويات العمل الإنساني والتنموي.
ولفت إلى أن مشاركة مجموعة رواد في هذه الحملة انطلاقاً من التزامها بالمسؤولية المجتمعية، وإيمانها أن دعم إدلب والوقوف إلى جانب أهلها واجب وطني وأخلاقي ، والمشاركة لا تعبّر فقط عن إسهام مادي أو لوجستي، بل عن موقف مبدئي يعتبر أن الوفاء للمدينة ديناً في أعناق جميع السوريين، وأهمية الحملة كونها تعكس إدراكاً عميقاً لحاجة إدلب إلى مبادرات عملية تتجاوز الدعم الآني إلى مشاريع تنموية مستدامة ،وتؤكد على أن إدلب ليست مجرد مدينة منكوبة، بل رمز وذاكرة جماعية تحتاج إلى حماية وإعادة بناء،
و أوضح المهندس عليان أن أولويات إعادة الإعمار تركّز في المرحلة المقبلة على إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية من طرق، كهرباء، ومياه، ودعم قطاعي الصحة والتعليم لضمان استمرارية الخدمات الأساسية، وتوفير فرص عمل ومشاريع صغيرة تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ،كما أن ملف المخيمات في إدلب أحد أبرز التحديات، إذ يقدَّر عدد النازحين بما يقارب مليون شخص يعيشون في ظروف قاسية تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة. وهو ما يستوجب مضاعفة الجهود لتأمين الغذاء والدواء والمأوى، وتطوير حلول أكثر استدامة للتخفيف من معاناتهم، لافتاً إلى أن حملة “الوفاء لإدلب” تؤكد أن الوفاء للمدينة وأهلها ليس مجرد مبادرة خيرية، بل هو التزام طويل الأمد يعكس قيم التضامن والمسؤولية المجتمعية. ومشاركة مجموعة رواد في هذه الحملة تأتي ترجمة عملية لهذا الالتزام، ورؤية واضحة بأن دعم إدلب هو استثمار في مستقبل سوريا ككل.
العنوان الأبرز
المهندس خالد حناوي، أوضح أنه منذ اللحظة الأولى لانطلاقة الثورة السورية شكّلت محافظة إدلب عنواناً للصمود الشعبي والتصدي للنظام البائد وبعد اشتداد إجرامه على جميع القرى والبلدات والمحافظات السورية الثائرة باتت إدلب مركزاً لاحتضان مئات الآلاف من المهجّرين قسراً من مختلف المدن والبلدات التي دمّرها، من ريف دمشق ودرعا ودمشق وحمص وحلب والساحل وحماة والمناطق الشرقية واغلب المدن التي ثارت بوجهه، ورغم قسوة الظروف وضيق المكان، استطاعت إدلب أن تكون نموذجاً للتعايش والتكافل بين جميع مكوّنات المجتمع السوري، وأن تؤسس لمؤسسات تعليمية واقتصادية وخدمية ساعدت أهلها والوافدين إليها على الاستمرار في الحياة.
وأضاف المهندس حناوي: مع تحرير سوريا، عاد معظم السوريين إلى محافظاتهم وقراهم، لكن إدلب بقيت محفورة في الذاكرة الشعبية الجمعية، باعتبارها مدينة الثورة والثوار، ومركز انطلاق الفصائل والتكتلات الشعبية التي لعبت الدور الحاسم في إنهاء النظام البائد ، واليوم، يعبّر السوريون عن امتنانهم لتلك المرحلة من خلال حملة “الوفاء لإدلب”، التي أُطلقت كإحدى أبرز المبادرات الشعبية بعد التحرير. وقد حقّقت الحملة رقماً قياسياً غير مسبوق في حجم التبرعات، إذ بلغ مجموعها 210 ملايين دولار، وهو المبلغ الأكبر الذي تشهده الحملات الشعبية في سوريا منذ انطلاقها على الإطلاق.
وأشار إلى انعكاسات ودلالات الحملة ، إذ تجسّد ردّ الجميل لإدلب التي تحمّلت العبء الأكبر خلال سنوات الثورة، وكانت حضنا دافئاً لكل المقهورين، إضافة لتعزيز الوحدة الوطنية بتفاعل السوريين من مختلف المحافظات وذلك يعكس وحدة حقيقية وتماسكًاً اجتماعياً يعزّز مسيرة البناء بعد التحرير ، وبفضل دورها المحوري، ستبقى إدلب في الذاكرة السورية رمزًا للصمود والانتصار، ومبادلة الوفاء لها واجب وطني وأخلاقي وثوري، إذ أثبتت الحملة أن السوريين، وهم يخطّون فصول مرحلة جديدة من تاريخهم، لم ينسوا مدنهم وبلداتهم التي قدّمت التضحيات الكبرى. فالوفاء المتبادل بين الشعب وأرضه سيظلّ الضامن الحقيقي لاستمرار مسيرة الحرية، وبناء سوريا المستقبل على أسس من التضامن والعدل والنهضة.