“البودكاست” بين صناعة المحتوى والترفيه.. أباظة لـ”الثورة”: مساحة للحديث حول المسكوت عنه اجتماعياً

الثورة – ثورة زينية:

أن تتحرك المياه الراكدة فهو أمر جيد، لكن أن تتحرك من خلال مصدر يصل إلى الجميع بطريقة بسيطة، فهو أمر بحاجة لدراسة والتفات، ولعل تأثير” البودكاست” على الوعي والمعرفة وصناعتهما يشبه إلى حد بعيد ذلك التعبير، فمصادر المعرفة تعددت من الإنترنت وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي، وبتعدد هذه المصادر تتعدد كذلك طرق وصولها للمتلقي، ومن ضمن هذه المصادر “البودكاست”.

و”البودكاست” عبارة عن إذاعة صوتية أو محتوي صوتي متوفر على الإنترنت، ويختلف عن الراديو أنه يمكنك سماعه في أي وقت، وليس عند البث المباشر فقط، ويمكن أن يكون في صيغة صوتية أو فيديو.

وللبودكاست ثورة يمكن ملاحظتها بسهولة على الإنترنت، إذ إنه أصبح مصدراً مهماً للمعرفة، والسبب في ذلك هو أن المعرفة منه يمكن تحصيلها أثناء ممارسة أي نشاط يومي اعتيادي، إذ إن الاستماع ممكن لحلقة “بودكاست” أثناء المشي أو الرياضة أو في السيارة أو غير ذلك، كما أن طول الحلقات لا يشكل عبئاً مضافاً للمستمع أو تقلل من نسبة الاستماع أو المشاهدة، لأن الحلقة يُمكن الاستماع إليها في طريق لمدة ساعتين مثلاً، ويمكن التوقف في أي وقت عن الاستماع والعودة في وقت لاحق.

ويقدم هذه الحلقات شخص أو شخصين، أو يقومون بدعوة ضيف في كل حلقة للنقاش في موضوع محدد ومشاركة أفكارهم، وهذه المواضيع قد تكون أي شيء بدايةً بريادة الأعمال، التسويق، العلوم وصولاً للسفر والكوميديا.

الأولى من نوعها

الإعلامي جاد أباظة كان له التجربة الأولى على مستوى الإعلام السوري في هذا الإطار، وتحدث لـ”الثورة”: تجربتي مع “البودكاست” كانت بداية مع “أهل الدار” وفي الموسم الثاني من البرنامج تغير إلى “أهل وجيران”.
ويقول عن تجربته: هي الأولى من نوعها في إذاعة دمشق التي كانت تحمل طابعاً جدياً، وحاولنا من خلال هذا البرنامج الخروج من هذا الطابع الجدي رغم الإمكانيات المتواضعة جداً، فبدأنا ببرنامج “البودكاست” مع العاملين في إذاعة دمشق، للحديث عن عملهم في الإذاعة وكيف تطبخ المواد الإعلامية في الإذاعة، وكنا نستضيف في الموسم الأول معدين ومخرجين ومحررين ومذيعين وفنيين.

ويضيف أباظة: في الموسم الثاني من “البودكاست” وتحت اسم “أهل وجيران” وسعنا الدائرة لتشمل إعلاميين كبار محليين وعرب ودخلنا في حياتهم الخاصة وهواياتهم، فكان صدى الإعجاب بالبرنامج أكبر مما توقعنا بكثير، وبصراحة لم أتوقع النجاح والإقبال الكبير الذي حظي به البرنامج، حتى أنني حصلت على جائزة عربية “أكثر الشباب المؤثرين في الوطن العربي”، كما حصلت على جائزة في مهرجان ببرلين بسبب هذا البرنامج، وإن وصول إذاعة محلية للمغترب إنجاز جيد.

وأكد أباظة في حديثه أن “البودكاست” قادر على أن يشكل الرأي العام، من خلال النقاشات التي تتولد مما يطرح في الحلقات، وبالتالي فإن الرأي العام قد يتوجه باتجاهات مختلفة من خلال هذه النقاشات، لكنه في ذات الوقت يفتح مساحة للحديث حول المسكوت عنه اجتماعياً أو تاريخياً، وكذلك يعمق من النقاش في مسائل مختلفة، مما يعزز التفكير النقدي والبحث العلمي، وإن كان بمستوى طفيف في المجتمع، مما يجعل هذه النقاشات بيئة صحية ومحفزة، إضافة لدوره في زيادة الوعي بالقضايا الملحة، سواء القضايا الاجتماعية أو الفكرية أو السياسية أو غيرها.

ونوه الإعلامي أباظة بأن “البودكاست” في هذه اللحظة الراهنة يشكّل تأثيراً كبيراً على الوعي والمعرفة، بل يمكن أن يكون أداة لصناعة القرار من خلال تأثيره على الرأي العام والحالة النقدية التي تظهر بعد صعود حلقات معينة يكون لها حظ المناقشة، وهذا التأثير يمكن استغلاله لتنمية الحالة النقدية المجتمعية والوعي الجمعي، كما يمكن أن يكون رافداً ثقافياً ومعرفياً إذا تم الاهتمام به بشكل يضمن جودة المحتوى وجودة الصناعة.