الثورة – منهل إبراهيم:
هنالك تخوف إسرائيلي حقيقي من تدهور العلاقات مع أوروبا بسبب غزة، وتتزايد خشية الاحتلال من زلزال حقيقي في علاقاتهم الأوروبية، هذا الزلزال بات يشعر به الداخل الإسرائيلي بسبب ارتفاع الأصوات الأوروبية التي تنادي وتدعو لإعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع “إسرائيل” والتي عمودها الفقري ورافعتها هو الاقتصاد، حيث ترى أوروبا من منظورها السياسي والدولي والإنساني أن منع وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي.
التحليلات ضمن هذه الرؤية حول التصدع الذي بدأ يصيب العلاقات بين أوروبا والاحتلال تؤيدها الصحف والأقلام من الداخل الإسرائيلي، وفي هذا الصدد أكد الباحث الدولي بمنظمة “مايد يسرائيل” رون فريدمان، أن “هولندا، الحليف الوثيق لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي، أعلنت أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد تمديد خطة العمل المشتركة للاتحاد الأوروبي مع “تل أبيب” حتى إعادة النظر في الاتفاق، فيما أعربت دول فرنسا وإسبانيا وأيرلندا والبرتغال بالفعل عن دعمها العلني للمقترح الهولندي، وحتى السويد انضمت للكتلة المؤيدة لإعادة النظر في هذه العلاقات”.
وأضاف فريدمان في مقال نشرته مجلة “كالكاليست” أنه “رغم أن ألمانيا والنمسا والمجر عارضتا هذه الخطوة الأوروبية ضد إسرائيل لكن على عكس التحركات الأخرى التي تتطلب الموافقة الشاملة لدول الاتحاد، ففي هذه الحالة هناك حاجة لأغلبية بسيطة، ولذلك، لا يمكن له الاعتماد على حفنة دول ستعبر عن معارضتها، وتحاول إفشال هذه الخطوة”.
وأشار فريدمان إلى أن “اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل الموقعة في 1995، ودخلت حيز التنفيذ عام 2000، شكلت الأساس القانوني والسياسي لعلاقاتهما الثنائية، وتنظم التعاون الواسع في مجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والزراعة والنقل والأمن والثقافة، وتمنح الإسرائيليين إمكانية الوصول التفضيلية للسوق الأوروبية من خلال التجارة الحرة، والمشاركة في المشاريع الأوروبية”.
وأكد فريدمان أنه “في الماضي، انتقد الاتحاد الأوروبي السياسات الإسرائيلية، لكنه اكتفى في الغالب بالإدانات الخطابية، أو المناقشات العامة في إطار مؤسساته، والآن، بدأت هولندا للمرة الأولى عملية رسمية ومنظمة لمراجعة الاتفاق برمته، وهي خطوة ذات وزن أخلاقي وقانوني أكبر مقارنة بالاحتجاجات السابقة، لأن مجرد طرح هذا الاقتراح يشكل تصعيداً كبيراً في اللهجة السلبية تجاه إسرائيل، حتى من جانب الدول التي تربطها علاقات ودية عموماً به”.
مرساة الاندماج
وحذر فريدمان من أن “استجابة العديد من البلدان لدفع هذه العملية للأمام تشير لتغيّر أوسع في الاتجاه الأوروبي، حيث تعتبر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي مهمة بالنسبة لإسرائيل باعتباره شريكها التجاري الرئيسي، لكن الأهم أن الجامعات الأوروبية تشكل البنية التحتية المركزية لنظيرتها الإسرائيلية فيما يتعلق بمشاريع البحث والتطوير، والعلاقات الأكاديمية، والحوار الدبلوماسي مع دول الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف فريدمان أن “اتفاقية الشراكة تشكل المرساة المركزية لاندماج إسرائيل في المعسكر الأوروبي الذي ينتمي إليه في الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وإن تجميدها قد يزيد من ابتعادها عنها، وسيضر بمكانتها على الساحة الدولية، لأن العلاقات معها لا تساهم في الجانب العملي فحسب، بل تشكل أيضاً ركيزة أساسية لقوته السياسية والمعيارية والشرعية”.
وتعد “إسرائيل” حليفة للاتحاد الأوروبي، وتؤطر العلاقة بين الطرفين ضمن سياسة الجوار الأوروبية (إي إن بي)، وشراكة البحر المتوسط ومنظمة الاتحاد من أجل المتوسط، وتأصلت الروابط الرئيسية بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي بوساطة اتفاقية الشراكة لعام 1995، وتغطي اتفاقيات أخرى قضايا فرعية، وتعتبر العلاقات بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي إيجابية على المستوى الاقتصادي، على الرغم من تأثرها بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي على المستوى السياسي.
وعلى وجه الخصوص، تعتبر “إسرائيل” أن إعلانات الاتحاد الأوروبي خلال أربعة عقود حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منحازة ومؤيدة للفلسطينيين.