الثورة – إيمان زرزور:
يحمل عيد الأضحى المبارك مشاعر البهجة والسرور، ويجمع العائلات حول لحظات الفرح والطمأنينة، ولاسيما تلك التي كانت خارج حدود الوطن والتم شملها، لكن في ظل هذه الأجواء المفعمة بالحياة، يظل الأيتام والمحرومون يعانون غياب دفء الأسرة وصوت الأب وحنان الأم، يمرّ العيد عليهم أحيانًا دون أن يشعروا بلذته، أو أن يجدوا من يشاركهم فرحة اللباس الجديد وزينة العيد.
عدد كبير من الأيتام في سوريا ممن فقدوا ذويهم أباً كان أو أماً، يقضون أيام العيد في دور الرعاية أو في منازل فقيرة معدمة أو مخيمات قماشية، يعانون العزلة وهم يشاهدون غيرهم يحتفلون مع أسرهم، تمر عليهم أيام العيد كما لو كانت أياماً عادية، وأحيانًا تكون أكثر قسوة بسبب شعورهم بالنقص والفراغ.
ينتج عن هذا الحرمان انخفاض تقدير الذات لدى الطفل حين يرى أقرانه يرتدون ملابس العيد ويحصلون على الهدايا، فيشعر بأنه أقل منهم، ويُرسخ لديهم شعور العزلة والتفرد بأنهم “مختلفون” أو “منسيون”، ويزيد تراجع الروابط الاجتماعية مع المجتمع من تهميشهم.
“أم زيد التوتنجي” مهجرة في مخيمات كفر كرمين بإدلب، فقدت زوجها بقصف للنظام على ريف دمشق، تقول إنها لم تشعر ببهجة العيد منذ سنوات طويلة، وأطفالها يترقبون في كل عيد من يزورهم أو يشعرهم بأن لهم سنداً أو معيلاً، لكن فرحة العيد تبقى غصة ومنقوصة لديهم، فالأب الذي يداوي الجراح فارق الحياة، ولامعيل لهم في هذه الحياة الصعبة.
يمكننا أن نعطي الأيتام فرحة العيد من خلال الزيارات الشخصية ودعم دور الأيتام أو إرسال الهدايا مباشرة، ما يحدث فرقًا كبيراً، كما يسهم التبرع بالملابس الجديدة في إدخال السرور إلى نفوس الأطفال، ولا يقل أهمية تنظيم فعاليات العيد، من حفلات وألعاب وتوزيع هدايا وأنشطة مختلفة.
تساهم وسائل الإعلام في تسليط الضوء على قصص الأيتام، ما يعزز وعي المجتمع ويدفعه للتفاعل، كما تلعب المؤسسات الدينية والتعليمية دوراً مهماً في توجيه الناس نحو العطاء والتضامن، فيما تقع على عاتق الحكومات والجمعيات مسؤولية وضع سياسات تدعم حقوق الأيتام خلال المناسبات والأعياد.
العيد ليس فقط صلاة وأضحية ولباس جديد، بل مناسبة عظيمة نُظهر فيها الرحمة والكرم والإنسانية، ولا تكتمل فرحة العيد إلا حين نزرع بسمة على وجه يتيم، ونمنح قلباً صغيراً لحظة أمل، هم لا يطلبون الكثير، فقط لحظة يشعرون فيها بأن لهم مكانًا بيننا.
إعادة الفرحة إلى قلوبهم مسؤولية الجميع — أفراداً وأسراً ومؤسسات ومجتمعات.
فرحة العيد تكتمل فقط عندما نمنحها لمن هم بأمس الحاجة إليها، فلنكن نحن سبب ابتسامة يتيم، وسعادة محروم، وأمل يزهر في قلب صغير.
عيد الأضحى ليس مجرد شعائر وتقاليد، بل فرصة عظيمة لإعادة تعريف معنى العيد: عيد يتسع للجميع.