الثورة – نعيمة الابراهيم:
يعتبر سجن المزة العسكري، جزءا من شبكة معقدة وكبيرة من السجون التي كان النظام المخلوع يستخدمها للتعذيب والقمع، وهو واحد من أشهر وأبشع السجون في سوريا.
ويروي السجن قصصاً من القهر والتعذيب ويُعتبر أحد المواقع التي تجسد عمق الإجرام والانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان في سوريا خلال عقود طويلة.
يقع السجن في منطقة المزة غرب العاصمة دمشق، وهو مخصص أساسًا للجنود العسكريين والمعتقلين السياسيين. كما أنه يرتبط تاريخياً بانتهاكات حقوق الإنسان وكأداة قمع ضد المعارضين للنظام السوري.
وخلال اندلاع الثورة السورية في عام 2011، لعب سجن المزة دورًا محوريًا في التصعيد الأمني والسياسي حيث كان مركزًا للاعتقالات الجماعية.
بناه الفرنسيون في عام 1923 على أنقاض قلعة عثمانية ليكون واحداً من أشهر السجون السورية . تحيط بهضبة السجن ثلاثة حواجز دائرية من الأسلاك الشائكة ويتألف البناء من كتلتين تحوي كل منهما طبقتين اثنتين وتفصلهما ساحة السجن الداخلية.
الكتلة الأولى تطل على مدينة دمشق وعلى الساحة الخارجية للسجن بهدف توفير الحماية الأمنية للنظام البائد، ومنذ إنشائه أصبح السجن مكانًا لاحتجاز الشخصيات السياسية المعارضة والناشطين الحقوقيين والعسكريين المتمردين.
يحتوي هذا السجن على سجون انفرادية وغرف مظلمة مخصصة للعقوبات القاسية التي يتعرض فيها المعتقلون للتعذيب الجسدي والنفسي من المعارضين السياسيين كالصحفيين الناشطين أو حتى أفراد الجيش الذين رفضوا الولاء للنظام المخلوع.
تنوعت أساليب التعذيب في هذا السجن، من الضرب المبرح الى الصدمات الكهربائية والحبس الانفرادي لفترات طويلة، إضافة إلى منع الطعام والشراب لبعض المعتقلين. وقد تم توثيق الكثير من شهادات المعتقلين الذين نجوا من السجن، والذين تحدثوا عن أساليب لا إنسانية .
عندما اندلعت الثورة السورية في عام 2011 , تحوّل سجن المزة إلى واحد من أكثر الأماكن قسوة على المعتقلين, ومع تصاعد التظاهرات في المدن السورية شهد السجن في تلك الفترة عمليات اعتقال جماعي للمتظاهرين السلميين والناشطين السياسيين الذين شاركوا في المظاهرات المطالبة بالحرية والإصلاح اذ بدأ النظام باعتقال العشرات والمئات منهم .
أثار دور سجن المزة في القمع السياسي والتعذيب استنكارًا واسعًا على الصعيدين المحلي والدولي. كالمنظمات الحقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” التي وثّقت العديد من الانتهاكات التي حدثت داخل السجن وأدانتها.
كما أن بعض تقارير وسائل الإعلام الدولية أظهرت حجم الانتهاكات وجرائم الحرب التي كانت تُرتكب في السجون السورية بشكل عام، ومنذ عام 2011 زادت الضغوط على النظام المخلوع بسبب الانتقادات الدولية لحقوق الإنسان .
ويمثل سجن المزة العسكري رمزًا للقمع والاستبداد في تاريخ سوريا الحديث خاصة خلال سنوات الثورة السورية، وعلى الرغم من القسوة التي كانت تمارس فيه ضد المعتقلين، فإن هذا السجن مثله مثل العديد من السجون الأخرى كان مسرحًا لتوثيق المعاناة المستمرة للشعب السوري في ظل نظام استبدادي.
