الثورة- ناديا سعود:
في خطوة تهدف إلى رفع جودة الخدمات الصحية وتحقيق معايير طبيّة عالمية، ترأّس وزير الصحة الدكتور مصعب العلي اجتماعاً موسعاً اليوم في مقر الوزارة، ضمّ ممثلين عن وزارات الصحة، التعليم العالي، الداخلية، والدفاع، بالإضافة إلى نقابات الأطباء وأطباء الأسنان والمهن الصحية، وممثل عن المركز الوطني للقياس والتقويم في وزارة التعليم العالي.
الاجتماع يأتي ضمن إطار التحضيرات لإطلاق البرنامج الوطني السوري لاعتماد المستشفيات والمراكز الصحية، الذي من المنتظر أن يُحدث نقلة نوعية في القطاع الصحي، من خلال إرساء معايير اعتماد موحدة وضمان جودة الرعاية الصحية.

معايير عالمية وتطبيق تدريجي
وفي تصريح خاص لـ«الثورة»، أكد وزير الصحة الدكتور مصعب العلي أن الهدف الأساسي من هذا البرنامج هو الوصول إلى خدمة طبيّة ذات جودة عالية، عبر تطبيق معايير اعتماد صحيّة عالميّة، وقال:
نحن نؤمن أن الوصول إلى خدمات طبية متقدمة يتطلب وضع معايير دقيقة وواضحة لاعتماد المنشآت الصحية، بدأنا بصياغة مسودة لهذه المعايير من خلال لجنة مصغرة في الوزارة، واليوم نفتح باب المشاركة أمام جميع الوزارات والجهات المعنية لضمان شراكة حقيقية وفاعلة.
وأوضح أن المعايير المطروحة تتماشى مع النظم الصحية الدولية، لكن تطبيقها سيكون تدريجياً وبما يتناسب مع الواقع السوري، مضيفاً: نتحدث عن ثلاث مراحل أساسية: أولاً، صياغة القوانين اللازمة خلال 4 إلى 6 أشهر بمشاركة كل الشركاء. ثانياً، تدريب كوادر متخصصة لتقييم المنشآت الصحية، وثالثاً، بدء تطبيق المعايير عملياً، مع الأخذ بعين الاعتبار التفاوت في جهوزية المشافي من حيث البنية التحتية والتجهيزات.
وأشار الوزير إلى أن الوزارة تسعى إلى تقديم نموذج مستشفى معتمد في كل محافظة، يكون بمثابة مرجع لباقي المستشفيات، مع التركيز على رضا المواطن كأحد أهم معايير الاعتماد، حيث سيتم الأخذ بشكاوى المواطنين كمؤشر جوهري في عملية التقييم والتحسين.
وفي خطوة لدعم كفاءة الكوادر، كشف الوزير عن توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الصحة السعودية، تقضي بتوفير برامج تدريب للمقيمين الصحيين الذين سيتولون تقييم المنشآت، إما داخل سوريا أو في المملكة.
خارطة طريق وطنية
من جانبه، قدم عضو لجنة الخبراء في وزارة الصحة الدكتور صلاح صفدي، رؤية الوزارة لخارطة الطريق للبرنامج الوطني لاعتماد المنشآت الصحية، موضحاً أن البرنامج يتكون من أربع مراحل:
1. المرحلة الأولى: إصدار تشريعات جديدة وتعديل القوانين الحالية لتنظيم العمل الطبي.
2. المرحلة الثانية: تأسيس نظام مالي داعم للاعتماد.
3. المرحلة الثالثة: التطبيق التجريبي لمدة عام على عيّنة من المستشفيات كنموذج وطني.
4. المرحلة الرابعة: التوسع الوطني الشامل وتحقيق التحسين المستمر على مدى خمس سنوات.
وأكد صفدي أن الهدف النهائي هو جعل المشافي السورية نموذجاً إقليمياً في الكفاءة الطبية.
الارتقاء بالخدمة الصحية
بدوره، شدد رئيس الهيئة الوطنية للجودة و الاعتمادية في التعليم العالي الدكتور عمر حمادة، على أهمية مفهوم الاعتمادية كوسيلة لضمان تقديم خدمة طبية آمنة وكفوءة، وقال:
الاعتماد الصحي هو الذي يضمن استدامة جودة الخدمة وتحسين نوعيتها بما يليق بالمواطن والمراجع، ويشكل خطوة ضرورية نحو اندماج النظام الصحي السوري في الإطار الدولي.
وحذر د. حمادة من التحديات الكبرى التي تواجه البرنامج، وعلى رأسها ارتفاع عدد المرضى مقارنة بعدد المستشفيات العاملة، والحاجة الماسة لتأهيل العديد من المرافق الصحية التي خرجت عن الخدمة في السنوات الماضية. كما أشار إلى ضرورة رفع الميزانية الصحية لتلبية احتياجات التطوير والتجهيز.
فرق مراقبة مهنية
وأكد المجتمعون أن البرنامج سيعتمد على أكثر من 200 معيار صحي يغطي مختلف جوانب الخدمة الطبية، بما فيها البنية التحتية، الكوادر، الأجهزة، ورضا المرضى. كما سيتم تدريب فرق مراقبة وتقييم من كوادر وزارة الصحة والجهات المعنية لتولّي عملية الاعتماد بشكل موضوعي ومنهجي.
في ختام الاجتماع، تم التأكيد على أن الخطوة الحالية تمثل انطلاقة لعمل تقني أعمق، ستعقبه سلسلة اجتماعات مع الوزارات والنقابات المهنية والمستشفيات الخاصة، لوضع الأسس النهائية لنظام الاعتمادية الصحية الوطني.