الثورة- مريم إبراهيم:
يومياً يعكس مشهد ارتفاع الأسعار حالة من التساؤلات التي باتت تُطرح وتبقى معلقة دون إجابات في ظل ما تشهده الأسواق وحركة البيع اليومية من فوضى وعشوائية ومزاجية في تحديد سعر السلعة لتوافق مزاج البائع ومصلحته في تحقيق أعلى الأرباح.
يضاف إليها عدم وجود هوامش ربح محددة تضبط حالة البيع، والتي يبدو فيها المواطن هو الخاسر و يضرب الأخماس بالاسداس، وبحيرة يعجز عبرها عن تنظيم ومواءمة احتياجاته مع قيمة دخله ومستواه المادي الضعيف.
عشرة آلاف ليرة فرق في سعر شاحن بطارية بين الأمس واليوم ومن نفس المحل والحجة ارتفاع سعر الصرف كما يقول سامي الحسن، والذي ندب حظه لأنه لم يشترِ ما يحتاجه بالأمس، لافتاً إلى أن الأسعار تبدو خيالية في مختلف المحال وهو من مرتادي الأسواق، ولا يقف هذا الارتفاع عند سلعة دون أخرى، بل يشمل جميع السلع، غذائية واستهلاكية وغيرها الكثير ، ودائماً الحجج والمبررات موجودة مسبقاً عند الباعة، إذ تعلق الأسباب على شماعة صرف العملات.
في الميدان
وفي جولة على أسواق الخضار والفواكه في دمشق، سجلت أسعار هذه المواد ارتفاعاً واضحاً، لا سيما منها التي تدخل في استهلاك المواطن اليومية، إذ وصلت البندورة حتى ثمانية آلاف ليرة كنوع عادي، والبطاطا قفزت بشكل واضح لتصل حتى عشرة آلاف ليرة، وكذلك الخيار للنوع البلدي 15 ألفاً ، والبصل اليابس سبعة آلاف ليرة، والباذنجان ثمانية آلاف والكوسا وصلت حتى عشرة آلاف.
والفليفلة الحمراء تسعة آلاف والخضراء بين 7 وحتى 10 آلاف، والذرة الصفراء تسعة آلاف، وكذلك تراوح سعر كيلو الزيتون الأخضر 20-25 ألفاً للنوع الجيد، والأسود تجاوز العشرين الفاً، إضافة إلى ارتفاع كبير في أسعار الفواكه ليصل سعر العنب حتى عشرين ألفاً، وكذلك التفاح للنوع الجيد بين 15 وعشرين ألفاً، وهناك أنواع 30 ألفاً، والموز 15 ألفاً، والرمان عشرة آلاف، والكرمنتينا نوع وسط بين 9 وحتى 120ألفاً،
والليمون الحامض 15 ألفاً، والفليفلة الحمراء تسعة آلاف، والخضراء بين 7 وحتى 10 آلاف، والذرة الصفراء تسعة آلاف، وغير ذلك من مواد وبعض الفاكهة التي غابت عن سجل الاحتياجات اليومية لعدم القدرة على الشراء والاكتفاء ببعض الاحتياجات.
وبالطبع لم يقف الأمر عند ارتفاع الأسعار لهذه السلع، بل أيضاً شهدت أسعار المواد الأخرى قفزة واضحة، إذ سجل سعر كيلو الرز المصري العادي 14 ألفاً بعد أن وصل سابقاً 10 آلاف، وسعر البرغل 10آلاف وهناك انواع أغلى، والمحارم 120ألفاً وزن نصف كيلو، والمعكرونة بين 10-12 ألفاً حسب الصنف، هذا عدا عن ارتفاع أسعار البيض إذ وصل حتى 40 ألفاً، وأسعار الفروج واللحوم وغيرها من الاستهلاكيات.
مرض اقتصادي
الخبير الاقتصادي رئيس مجلس النهضة السوري عامر ديب بيّن لصحيفة الثورة تفاقم مشكلة الأسعار وارتفاعها وعدم استقرارها، وهذا يربط بشكل مباشر بموضوع التضخم ويسمى “مؤشر أسعار المستهلكين” وهو مؤشر أساسي للتضخم وارتفاعه ينعكس سلباً على سعر صرف العملة وليس العكس كما هو السائد في العرف، والذي يخالف المنطق الأكاديمي بعدة حالات موجودة بالسوق السورية وعقلية التاجراليوم، مضيفاً : هذا مرض اقتصادي تجاري تم التشخيص مسبقاً وإيجاد الحلول، لكن للأسف لم يجد الدواء من حماية المستهلك وسلامة الأمن الغذائي، وهذه المديرية يجب أن يكون لها دور كبير يعبر عن دور الدولة وحماية الاقتصاد والأسواق وغذاء المواطن.
ولفت ديب إلى أن أطراف المشكلة هي التاجر بعقليته، والبائع بعقليته، وانخفاض المداخيل، وتراجع العمل، وارتفاع نسب البطالة، وتراجع دور مديريات حماية المستهلك بحجة تحرير الأسواق، وهذا أمر غير منطقي، إذ يجب ضبط الأسواق ووضع السوق على المسار الصحيح، وبعد ذلك تحريره ، فتحرير السوق وعدم تدخل الدولة هو أمر يجعل المواطن بين سندان الجشع والطمع والأرباح الكبيرة للتجار على حساب المواطن ومعيشته، ويجب التدخل وطلب الفواتير ، واليوم نرى تفاوتاً في الأسعار، إذ إن عدم ضبط الأسواق وارتفاع التضخم يؤثر سلباً على سعر الصرف وبالتالي ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية للمواطن.
غياب ضوابط
في ظل هذا الواقع وعشوائية الأسعار التي تبدو في حالة ارتفاع غير مبرر يلحظ غياب الجهات المعنية وحضورها المطلوب في المتابعة لهذا الواقع وضبط المخالفات بجميع أشكالها ومسمياتها، فكمّ التجاوزات كبير والتسعير على وتر المزاجية دون تقدير مدروس لأي ارتفاع، إضافة إلى أن المخالفات لا تنحصر في ارتفاع السعر فقط، بل هناك أيضاً مخالفات في الجودة والنوعية للسلعة، وأيضاً في المواصفات الصحية، ففي الأسواق تنتشر المواد الغذائية من منتجات الألبان بشكل غير صحي وتعرض مكشوفة على بسطات تفتقد أدنى الشروط الصحية، ويبقى السؤال هل من مجيب للنداءات وضبط المخالفات وتحديد الأسعار، وإيجاد العلاج المناسب للمرض وحماية المستهلك من جشع التاجر ؟.