الثورة – غصون سليمان:
تؤسرك مظاهر الاندفاع من أبناء سوريا وهم يعبرون عن حبهم وغيريتهم تجاه مجتمعهم بأشكال شتى، وخاصة في الأزمات والمحن.. وكمثال على مفهوم التعاضد والتكافل نشير في هذه السطور إلى جوهر أولويات عمل مؤسسة “بريق للتدريب والتعليم”، وهي تنمية الإنسان من خلال برامجها المبتكرة، وتدرك أن التعليم هو المفتاح لإطلاق الإمكانيات، من خلال برامج تعليمية تعويضية عالية الجودة، وتسد المؤسسة الفجوة المعرفية وتغرس ثقافة التعلم الدائم والرعاية.
فعلى مدار عقد من الزمن أصبحت لمؤسسة بريق منارة أمل مستمرة للأطفال والعائلات النازحة، منذ تأسيسها عام 2015 وأحدثت المؤسسة تغييراً ملموساً في حياة الآلاف من خلال التعليم، والتنمية الاجتماعية، والجهود الإنسانية لطالما تسعى في جوهرها إلى تمكين الأفراد على كافة المستويات، من المجتمعات المحلية من خلال التزامها الثابت بتوفيرالتعليم، مساهمتها بشكل كبير في إعادة بناء مستقبل الكثيرين في ظل أوضاع صعبة وغير مستقرة.
رسالة إنسانية
في الأول من شهر حزيران للعام ٢٠٢٥ افتتحت المؤسسة مركزها التعليمي التدريبي الرسمي في سوريا “منطقة أبو رمانة” وذلك بعد التحرير لاستكمال رسالتها الإنسانية على يد فريق متطوع من الشباب يقارب الـ٤١ شاباً وشابة من مختلف الاختصاصات.
للوقوف على أهمية ما تقدّمه هذه المؤسسة بأبعادها النفسية والاجتماعية والتربوية، أوضحت المديرة التنفيذي لمؤسسة بريق المهندسة إيمان الرفاعي في حديث لـ”للثورة” كيف بدأت مؤسسة بريق عملها سابقاً بشراكات مع عدد من الجمعيات ذات الصلة، وقدمت للمستفيدين تدريبات ودورات تعليمية مختلفة.
واليوم تنطلق أعمال مؤسسة بريق في سوريا عملها من خلال ثلاثة محاور رئيسة :برنامج مع الأطفال بشقيه الترفيهي، ويقوم على الرسم والرياضة وتعليم الأنشطة المتنوعة وخاصة للأشخاص فاقدي الرعاية من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل المكفوفين أو الذين لديهم صعوبة مثل الصم والبكم، فنحاول أن نتوجه إلى هذه الفئات لتعليمهم وإقامه دورات بغية تعليمهم مهارات مختلفة.
أما المحور الثاني: فهو موجه للأطفال السليمين لتعليمهم مفردات التكنولوجيا كالروبوتيك، الذكاء الصنعي، برمجة، سكراتش.
وبالنسبة لبرنامج الشباب بينت الرفاعي أنه يركز على ثلاث نقاط منها تعلم اللغة الإنكليزية وفق توجهين، محادثة أعمال أي كيف يعبر عن نفسه في مقابلة عمل، وكيف يتواصل مع الجهة المعنية عند تقديمه لأي فرصه عمل تعرض عليه، وإذا كان الشخص من رواد الأعمال كيف يقدّم نفسه ويتحدث عنها.
أما مهام البرنامج الثاني، فيقوم على كيفية تمكين الشباب من مهارات تناسب فرص العمل، فالمستثمر أو صاحب الشركة غالباً يعملون على المهارات المطلوبة في قطاع التكنولوجيا، من هنا تسعى المؤسسة على توفير وتأمين الدعم المادي والمعنوي من تدريب وغيره لدعم هذه الشرائح بما يناسب العمل في الشركة.
دعم ريادة الأعمال
وفيما يخص برنامج ريادة الأعمال تقدم المؤسسة من خلاله برامج تدريبية للشباب والصبايا ممن لديهم أفكار مبدعة ويرغبون بتحويلها إلى مشاريع، فنبدأ معهم، وتقول المهندسة الرفاعي: موضوع التدريب من الفكرة إلى دراسة استثمارية، مروراً بدراسة السوق ولغاية وضع خطّة مناسبة يقدمها الأشخاص المتميزون، إضافة إلى دعم المتدربين بتقديم التمويل لمشاريعهم.
أما الشيء الخاص بالسيدات فهناك قسمان قسم يعمل بكلّ عناية على محو أمية القراءة ويستهدف الأرياف والأطفال من خلال الجولات الميدانية على أرض الواقع.
وتذكر الرفاعي في هذا الصدد جولة فريق المؤسسة مؤخرا بمنطقة دير العصافير، بناء على دعوة من المركز المجتمعي هناك للوقوف على واقع الاحتياجات الخاصة بالمركز وغيره ومنها نقص التجهيزات المناسبة لمتابعة التعليم الأطفال والأبناء وكذلك المدربين.
وبينت الرفاعي أن الزيارة كانت بهدف تقديم دورات كمبيوتر، لكن واقع الحال غير ذلك تماماً، فهناك حاجة ملحة للتوجه باتجاه آخر، وتبين من خلال الأهالي وجود أطفال متسربين، ومن يريد العودة ليكمل دراسته تواجهه صعوبة عدم المتابعة بسبب عدم التمكن من اللغة العربية بحدودها الدنيا، فإذا كان -على سبيل المثال لا الحصر- سن الطفل يتناسب مع الصف الثالث أو الرابع إلا أن لغته العربية تكاد تقارب مستوى الصف الأول، وبالتالي من الصعب تجاوز تلك المراحل بسهولة وضمن فترة قياسية، لذلك كان التوجه أولاً نحو محو الأمية الكتابية واللفظية من النقطة صقر كما يقال في هذه الأرياف سواء للسيدات أو للأطفال، ويأتي لاحقاً ترميم الحاجة لمحو أمية الحاسوب فيما بعد، ومن ثم البرمجة والمهارات وغيرها.
كما لفتت الرفاعي إلى وجود عدة مراكز تشبك وتتعاون معها المؤسسة كمركز “أفق” في كفر بطنا، بحيث تقدّم مؤسسة بريق دورات تدريبية تعليمية في مركز البلدة، وهذا الأمر لا يقتصر على هاتين المنطقتين وإنما يستهدف مدينة دوما أيضاً، ويقدّم فريق بريق دورات في الرسم والخط العربي ومستقبلاً محو أمية.
وذكرت أنه في منطقة الشيبانية تم تمويل دورات لثلاث مكثفات للصف التاسع نظراً لقلة عدد المدرسين في هذه المنطقة خاصة وان امتحان الشهادات على الأبواب.
حاضنة أعمال الرواد
وأضافت الرفاعي: إن العمل تجاوز حدود مدينة دمشق إلى حمص وذلك بالتعاون مع حاضنة الأعمال بالجامعة حيث تم تقديم ورشتي عمل بعنوان الذكاء الاصطناعي، ودعم المهارات النفسية لريادة.
وتم الاتفاق بشكل ودّي على دعم الأعمال ممن لديهم أفكار ويريدون تحويلها إلى مشاريع أولية استثمارية موجودة على أرض الواقع بين مؤسسة بريق وحاضنة أعمال جامعة حمص، إلى جانب إقامة دورات مختلفة خاصة باللغات والذكاء الاصطناعي وغيرها. وبالنسبة للتمكين الريادي في المدينة، أشارت المهندسة الرفاعي إلى أن فريق المؤسسة يركز أيضاً على هذا الجانب مثل “الفري لانسر” أي دعم العمل الحر كأن تشبك مصممة عملها خارجاً مع شركة اون لاين، وهذه البرامج موجهة للنساء بدمشق.
وعلى صعيد التعليم لاحقاً لاشك أن الحاجة لمحو أمية الحاسوب هو أمر ضروري فيما بعد- حسب تعبير الرفاعي، ومن ثم البرمجة والمهارات وغيرها.