ابتسام المغربي:
المخالفات العمرانية في دمشق كانت مصدراً لبروز حيتان مال كانت تحميهم قوى الشر الاستبدادية، والتي كانت عن طريق أزلامها واتصالاتهم المؤثرة على كل المحافظة زمن النظام المخلوع.. المخالفات التي كانت حاضرة عامل رئيسي في قضايا الدولة والقضاء الإداري الذي استطاع المتنفذون التأثير في مجاله. ما يؤسف هو استصدار قرارات وقف التنفيذ لإيقاف قرارات الهدم للمخالفات العمرانية التي أكلت هوية دمشق العمرانية وتسببت بانهيار منازل نتيجة تحميل الأبنية حمولات كبيرة غير مناسبة باستطاعة تربتها وسلامتها الإنشائية.
خبرة زبانية المخالفات
تشيد المخالفة، وحين تعلو مشوهة للبناء ومسببة الرعب لسكانها خوفاً من أحمالها، يكون المخالف قد أجرى اتصالاته مع آلة الاستبداد التي كانت رؤساء فروع ومديري مكاتب وسائقين وموظفين في أفرع الأمن وأصدقاء المحافظين ومديري مكاتبهم وموظفي قمع المخالفات.. هؤلاء يترأس تأثيرهم القضاء الإداري الذي ينفذ منه المخالف لاستصدار وقف تنفيذ قرار هدم وخبرات غير بريئة ابدا تمرر المخالفة.
تدل أكداس الأوراق التي ترافق المخالفات وسرعة استصدارها أحياناً على عمق تأثير المخالف لتتجند كل الدوائر لحماية مخالفته.
إنها قضية تنشر سواد منعكساتها على الحقوق العامة والخاصة، فحين يتم بناء مخالف بمساحات واسعة متعدياً على حقوق الاتفاق التي تخص سكان البناء وحقهم باستخدام السطح المغتصب ببناء المخالفة.. وحين يكون ذلك بأهم مواقع دمشق العمرانية نستغرب كيفية صدور قرارات المحافظة التي تنص على الهدم وتأخر المحافظة بتنفيذ القرار لإعطاء فرصة للمخالف لاستصدار قرار وقف تنفيذ من القضاء الاداري. وهكذا تحمى المخالفة بتستر شكلي وراء قرار إداري مخالف للقانون الخاص بالعمران ولمرسوم تسوية المخالفات.
جهر الخبرة القضائية بمخالفة القانون
تتلخص النقاط التي خالفت فيها الخبرة القضائية القوانين والأنظمة النافذة التشريعات والمرسوم ٤٠ وتعليماته التنفيذية القرار رقم ١٨٩/ن:
١ـ أكدت الخبرة أن البناء غير مرخص، والرخصة هي حجر الأساس بالنسبة لموضوع اشادة البناء.
٢ـ اعتبرت الخبرة أن الوثائق الصادرة من البلدية وثائق فنية، وليست وثائق قانونية، واعتبرت أن الوثائق المستخرجة من دائرة السجل العقاري بأنها وثائق قانونية لها حجية على الكافة اعتماداً على قانون السجل العقاري، وأن الوثائق القانونية تغلب الوثائق الفنية في حال التعارض، والصورة الجوية باجتهادات كثيرة لمحكمة النقض هي وثائق قانونية وليست فنية.
وتجاهلت الخبرة المرسوم ٤٠ وتعليماته التنفيذية أن تاريخ تصحيح الأوصاف للمخالفة التي تقبل التسوية وضبط المخالفة يجب أن يكون قبل تاريخ صدور المرسوم، وهذا غير متوفر في هذه الشكوى بل إن الصورة الجوية التي هي وثيقة قانونية تبين أن أول ظهور للمخالفة كان في شهر ٨ لعام 2020، مع العلم بأن هذه المخالفة تشييد طابق إضافي لا تقبل التسوية لا قبل صدور المرسوم ولا بعد صدوره حسب مواد المرسوم.
٣ـ خالفت الخبرة قوانين أنظمة البناء وضابطة البناء في منطقة منظمة اسمها تنظيم ساحة النجمة ومسموح فيها بناء قبو وأرضي وأول وثان فقط.
العبث رغم وضوح القانون
المحضر ١٩٧٨ صالحية جادة رقم١٧ شهد مخالفة مدعومة، لكبر مساحتها ١٧٧ متراً على حقوق ارتفاق خاصة المؤكدة بالصحيفة العقارية، علماً أن نظام ضابطة البناء لا يسمح بتشييد طابق إضافي على السطح والمرسوم ٤٠ لعام ٢٠١٢ الخاص بتسوية المخالفات، يؤكد إزالة كل المخالفات بعد صدور المرسوم، في المادة الثانية من المرسوم، وكذلك التعليمات الصادرة لتنفيذ المرسوم أكدت على إزالة المخالفات بعد صدور المرسوم. والقرار رقم ٢٨٩/ن يؤكد إزالة المخالفات بعد صدور المرسوم، وأن تاريخ تصحيح الأوصاف يجب أن يكون سابقاً لتاريخ المرسوم، ورغم أن العمل بالتعليمات التنفيذية للمرسوم ٤٠ الخاص بتسوية المخالفات تؤكد عدم جواز تسوية المخالفات المبنية على الأسطح، وبهذا الاتساع، وأن الفارق بين قانون تسوية المخالفات وضبطها لا يجيز التسوية، ولذلك قامت محافظة دمشق بإصدار القرار رقم ٧ تاريخ ، والذي ينص على إخلاء البناء وهدم المخالفة ورغم انتهاء مهلة الأسبوع المحددة لتنفيذ القرار وصدور قرار هدم يحمل الرقم ٧ تاريخ 8/2/2024 وسرعان ما طوي بتدخل سطات الاستبداد وتواطؤ المحافظة، وأصحاب البناء الذي تم سلبهم حقوق الارتفاق.
لم يمل سكان البناء من الدفاع على حقوقهم، وقدموا شكوى مجدداً وصدر قرار رقم٢ تاريخ 29/5/2025 يقضي بإلغاء إثبات القِدم المزور، وصدور قرار هدم فوري ورغم قيام البلدية بمحاولة تنفيذ قرار النائب العام بخلع الباب وتنفيذ قرار الهدم.
إساءة استخدام السلطة
ببرودة معالجة مثل هذه القضية من قبل الدوائر المختصة في المحافظة، وخبرات القضاء الإداري التي تحتاج إلى تغييرها.. هذه القضية نموذج من الأداء في محافظة دمشق.