الثورة – سرحان الموعي:
مقولة طالما ترددت على مسامعنا أن سهل الغاب هو سلة غذاء بلدنا ويعادل مساحة هولندا، وهي سلة غذاء العالم، بينما سكان سهل الغاب يتضورون جوعاً.
رصدت صحيفة الثورة الواقع المائي والزراعي لسهل الغاب في محافظة حماة وسط سوريا، في حديث مع المدير العام لهيئة تطوير الغاب عبد العزيز القاسم عن الواقع والتحديات الراهنة لسهل الغاب في ظل شح الموارد المائية، ويرى أن التحدي الأبرز يتمثل بالتغير المناخي المؤدي لتراجع معدلات الأمطار وعدم انتظامها وزادت درجات الحرارة معدلات التبخر وأثرت سلباً على تغذية المياه الجوفية.
وأضاف القاسم: إن التحدي الثاني يتمثل بالاستنزاف والاستخدام المفرط للمياه الجوفية ما أدى إلى تراجعها وتملّح التربة وارتفاع نسب الملوثات في نهر العاصي بسبب مياه الصرف الصناعي والمنزلي غير المعالجة.
ويضاف الى ما سبق ضعف البنية التحتية وتهالك شبكات الري وعدم كفاءتها والاستخدام العشوائي للمياه في ظل غياب الرقابة الفعالة على توزيعها واستنزافها بطرق غير مستدامة.
تشخيص الواقع
ودعا المدير العام لهيئة تطوير الغاب لتحليل الواقع البيئي والاقتصادي والاجتماعي للسهل، وأوضح أن التدهور المائي بيئياً سبب تراجع التنوع البيولوجي وازدياد ملوحة التربة وتقلص الأراضي المزروعة واقتصادياً أثرت ندرة المياه سلباً على إنتاجية المحاصيل ما زاد التكاليف وخفّض العوائد للمزارعين واجتماعياً زادت الهجرة من الريف وارتفعت معدلات الفقر نتيجة تراجع فرص العمل الزراعي.
وبين أن المواجهة تتطلب استجابة متعددة المستويات من الدولة والمجتمع المحلي والمنظمات الدولية بالتركيز على تحديث شبكات الري واعتماد تقنيات موفرة للمياه وضبط حفر الآبار العشوائية وإعادة تأهيل البنية التحتية للسدود ومحطات الضخ ودعم برامج التوعية الزراعية حول الإدارة المستدامة للمياه.
وعرض القاسم لمصادر المياه المغذية لسهل الغاب حين وصف نهر العاصي بالشريان المائي الرئيسي للمنطقة قاطعاً السهل من شماله إلى جنوبه إضافة الى الينابيع والروافد الموسمية المغذية لقنوات عين الزرقا ونهر البارد ونبع عين الطاقة.
وأشار إلى مصدر ثانوي يتمثل بالمياه الجوفية المحدودة نسبياً من حيث الكم، ولا تعد مصدراً رئيسياً للري مقارنة بالمياه السطحية، كما لوحظ في السنوات الأخيرة هبوط في منسوبها نتيجة الاستخدام المفرط وحفر الآبار العشوائية. يضاف إليها- بحسب القاسم- مياه الأمطار ويتراوح معدلها السنوي بين 400 – 1200 ملم، ويتركز في الشتاء، لذا يعتمد السهل على مياه السدود المبنية على مجرى نهر العاصي وهي سد محردة وسد الرستن ويقع عليه العبء الأكبر لإرواء السهل في الوقت الراهن وسعته التخزينية 200 مليون م³.
ولفت القاسم كذلك إلى سدود تجميعية منها زيزون قبل انهياره عام 2002، كان يخدم جزءاً من السهل وسدي أفاميا وقسطون ويعتمدان على محطات الضخ لتخزين المياه وهما خارج الخدمة. علماً أن سهل يمتد بين سلسلة جبال اللاذقية غرباً والمرتفعات الشرقية لجبال حماة ويعد من أهم السهول الزراعية نظراً لغناه بالتربة الرسوبية الخصبة وتوفر الموارد المائية على مساحة نحو 85000 هكتار، العمود الفقري للقطاع الزراعي في المنطقة الوسطى وشرياناً اقتصادياً لآلاف العائلات العاملة بالزراعة.