الثورة -فؤاد الوادي
أكدت صحيفة “الرياض” السعودية: أن المملكة العربية السعودية كانت من أوائل الدول التي تفاعلت بشكل إيجابي مع الدولة السورية الجديدة ، انطلاقاً من قناعة سعودية متنامية بأن استعادة سوريا لمكانتها العربية ضرورة، وليس خياراً.
وقالت الصحيفة في مقال للكاتب مفضي بن راضي الخمساني: ” إنه منذ تولي الرئيس أحمد الشرع مهامه رسمياً، تشهد العلاقات السعودية-السورية تحولاً استراتيجياً واضحاً، لا يمكن قراءته إلا في سياق التبدلات العميقة التي يشهدها المشهد الإقليمي. فالمملكة، التي لطالما تبنت نهجاً عقلانياً قائماً على الاعتدال والانفتاح، تتحرك اليوم ضمن رؤية متكاملة تستهدف دعم الاستقرار في المنطقة عبر إعادة وصل ما انقطع، وتمكين الدول العربية من تجاوز مرحلة التصدع والانقسام.
وأضافت، أن هذا التحول لا يأتي من فراغ، بل يعكس قناعة سعودية متنامية بأن استعادة سوريا لمكانتها العربية ضرورة، وليس خياراً، فدمشق، بتاريخها وعمقها الجغرافي والسياسي، لا يمكن أن تبقى خارج دائرة الفعل العربي، ولا أن تُترك ساحة مفتوحة لتدخلات غير عربية تقرر مستقبلها.
وتابعت الصحيفة: ” منذ اليوم الأول لوصول الشرع إلى الرئاسة، بدت المملكة مستعدة للتفاعل الإيجابي مع المتغير الجديد، جاء الترحيب السعودي سريعاً وواضحاً، حاملاً في طياته رسائل دعم سياسي وشخصي، ومؤشراً على رغبة المملكة في إعادة بناء الثقة مع القيادة السورية الجديدة، والتأسيس لمرحلة مختلفة قوامها الحوار والتفاهم، وقد تجلى الدور السعودي بشكل بارز في دعم عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، من منطلق أن معالجة الأزمات تبدأ من داخل البيت العربي، لا من خارجه”.
وتحدثت الصحيفة عن الدعم الاقتصادي، الذي قدمته المملكة لسوريا من خلال مبادرتها إلى إطلاق خطة شاملة لدعم الاقتصاد السوري، بالتعاون مع شركاء إقليميين، ضمن منهجية واضحة تستند إلى الحوكمة، والاستثمار في القطاعات الحيوية كالبنية التحتية، والتعليم، والصحة، والطاقة والزراعة، كما فتحت المملكة المجال أمام شركاتها الكبرى للاستثمار في سوريا، وفق ضوابط تراعي الشفافية وتخلق فرصاً حقيقية للتنمية، بعيداً عن شبكات الفساد التي أنهكت الاقتصاد السوري سابقاً.
وبينت الصحيفة أن المملكة العربية السعودية لم تغفل البُعد الإنساني في مقاربتها للملف السوري، بل شكّل ذلك أحد الأعمدة الرئيسة في استراتيجيتها، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حيث تم تنفيذ عشرات البرامج في الداخل السوري، شملت توزيع المساعدات الغذائية والدوائية، وتوفير مراكز إيواء للنازحين، خاصة في المناطق المتضررة من الحرب.
وأوضحت أن ما تقوم به المملكة في سوريا لا يمكن حصره في خانة المساعدات أو المبادرات الدبلوماسية، بل هو جزء من رؤية شاملة تنظر إلى المنطقة ككل، وتسعى لإعادة ترتيب أولوياتها، عبر دعم الدول التي تستعيد استقرارها، وتمكينها من بناء مؤسساتها، بعيداً عن الاستقطاب الإقليمي والدولي.
وقالت: “إن الدعم السعودي لسوريا لا يهدف فقط إلى المساهمة في تجاوز آثار الحرب، بل يسعى إلى بناء شراكة طويلة المدى، تقوم على احترام السيادة، وتحقيق المصالح المشتركة، واستعادة التوازن العربي، الذي يمثل حجر الزاوية في أي مشروع نهضوي مستقبلي.
وختمت الصحيفة بالقول: تبدو العلاقة السعودية-السورية مرشحة لأن تكون نموذجاً ناجحاً لإعادة دمج الدول المتضررة في المنظومة العربية، بشروط الاستقلال والسيادة والتنمية. وما تقوم به المملكة في هذا السياق هو تجسيد عملي لرؤية القيادة السعودية، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، القائمة على صناعة السلام عبر التنمية، وبناء الاستقرار عبر الشراكات لا الوصايات.
