الثورة -فؤاد الوادي:
في الوقت الذي زعم فيه جيش الاحتلال فتح ممرات إنسانية يسمح فيها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن لغرض إدخال المواد الغذائية والأدوية إلى سكان غزة، لا تزال المجاعة تنتشر بشكل كارثي في القطاع، وسط تحذيرات من موت مزيد من الأطفال والمدنيين الأبرياء جراء سياسة الحصار.
وأكدت وكالة ” وفا ” الفلسطينية، نقلاً عن مصادر طبية في مستشفى العودة بالنصيرات في القطاع، صباح اليوم الأحد، استشهاد الطفلة نور أبو سلعة (10 سنوات)، بسبب التجويع وسوء التغذية، ما يرفع عدد الوفيات بين الأطفال في غزة إلى 86.
وحسب المصادر الطبية، فقد ارتفع عدد شهداء التجويع في قطاع غزة إلى 132.
بدوره قال المدير العام في وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة منير البرش في بيان: “في ظل هدنة مؤقتة يخنقها التردد والصمت الدولي، يستغيث الجرحى، ويتضور الأطفال جوعاً، وتنهار الأمهات على أطلال ما تبقّى من الحياة”.
وطالب البرش وفقاً للبيان الذي نشرته الوزارة على قناتها في تلغرام “بالإجلاء الطبي العاجل للحالات الحرجة بإصابات في الدماغ والعمود الفقري، والجرحى الذين هم بحاجة لعمليات معقدة تتطلب تقنيات غير متوفرة في غزة، والمرضى الذين يتهددهم الموت إذا لم يُنقلوا فوراً للعلاج”.
كما طالب “بإدخال عاجل للمستلزمات الطبية والغذائية خاصة الحليب العلاجي للأطفال والرضّع والمكملات الغذائية عالية البروتين والسعرات”.
وشدد على أن “هذه الهدنة لن تعني شيئاً إن لم تتحول إلى فرصة حقيقية لإنقاذ الأرواح”، معتبراً أن “كل تأخير يُقاس بجنازة جديدة، وكل صمت يعني طفلاً آخر يموت في حضن أمه بلا دواء ولا حليب”.
في سياق متصل، قالت شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، إن إعلان جيش الاحتلال “هدنة إنسانية” في قطاع غزة، يتعلق بهدنة جزئية محددة بعدة ساعات من أجل تأمين دخول المساعدات.
وبحسب “وفا” فقد أوضحت الشبكة، أن ذلك ينطبق فقط في عدة مواقع حددها جيش الاحتلال، وهي المناطق ذات الكثافة السكانية العالية التي تستقبل الآلاف من النازحين، وفي مقدمتها المواصي ودير البلح.
وأشارت إلى أن مواطني قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، يعيشون على مساحة لا تزيد على 46 كيلومتراً مربعاً، بنسبة لا تزيد على 12% من المساحة الإجمالية للقطاع.
وبينت، أن عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات المتوقع دخولها إلى قطاع غزة خلال الساعات المقبلة، يتراوح بين 150 و200 شاحنة، وهي تسمح بتخفيف حجم الكارثة الإنسانية في القطاع، حيث تقدر الحاجة اليومية بـ1000 شاحنة.
وذكرت أن الشاحنات المتوقع دخولها ستحمل مواد إغاثية أساسية، كالدقيق، والمواد الغذائية، والإمدادات الطبية، ومواد النظافة وتنقية المياه، من خلال الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، كبرنامج الغذاء العالمي واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، إضافة إلى الجانب المصري والهيئة الهاشمية الأردنية.
ونوهت شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة إلى أن إعلان الاحتلال أن توزيع المساعدات منوط بمؤسسات الأمم المتحدة، يمثل إقراراً إسرائيلياً بفشل عملية إزاحة الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية عن المشهد، والاستعاضة عنها بمحاولة الدفع بما تسمى مؤسسة غزة الإنسانية التي أقامت مراكز للموت والقتل اليومي والإذلال لأبناء قطاع غزة.
وأضافت: “وجود المؤسسات الأممية بالغ الأهمية، وخاصة أنها تعمل ضمن مبادئ العمل الإنساني بما يضمن سلامة المواطنين وكرامتهم”.
يشار إلى أنه في كل لحظة تصل حالات سوء تغذية ومجاعة إلى المستشفيات في غزة، حيث يعاني 900 ألف طفل في غزة الجوع، 70 ألفا منهم دخلوا مرحلة سوء التغذية.
يُذكر، أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كانت قد حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين آذار وحزيران، نتيجة للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية يشنها الاحتلال، منذ تشرين الأول 2023.
وخلفت الإبادة، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.