لقاء باريس.. بين الرمزية السياسية والتعقيدات الأمنية العاصفة

الثورة- منذر عيد:

في لحظةٍ إقليمية مشحونة بالصراعات والتغيرات الجيوسياسية، جاء اللقاء الذي جمع وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في باريس، بدعوة وتنسيق من المبعوث الأميركي الخاص توماس باراك، ليشكّل نقطة تحول في طريقة تعاطي الدبلوماسية السورية، وانتقالها من حوار الرسائل إلى حوار الطاولة، وليفتح شهية وفضول المتابعين على جملة من التساؤلات حول الخلفيات والدلالات والتوقعات.

الاجتماع الذي يُعد الأول من نوعه بهذا المستوى منذ أكثر من 25 عاماً، لم يُنتج اتفاقيات أو تفاهمات ملموسة، لكنه حمل رمزية سياسية لا يُستهان بها، خصوصاً في توقيته الحرج، وفي ظل المسارات المتداخلة للصراع السوري- الإسرائيلي، والتعقيدات الأمنية التي تعصف بالجنوب السوري من الجولان السوري المحتل والقنيطرة وصولاً إلى السويداء، والتموضعات الجديدة للقوى الإقليمية والدولية.

من الجانب السوري، جاء اللقاء في إطار محاولة لتفكيك حالة التصعيد المستمر على جبهة الجنوب منذ كانون الأول الماضي، وهو تصعيد ترى فيه دمشق محاولة إسرائيلية لفرض وقائع ميدانية جديدة عبر تجاوز خطوط فض الاشتباك الموقعة عام 1974، ووفقاً لما أكده مصدر دبلوماسي أمس، فإن وفد دمشق كان حاسمًا في رفض أي “وجود أجنبي غير شرعي” على أراضي سوريا، مع تأكيد رفض مشاريع “تقسيم الدولة أو خلق كيانات موازية”.

الثابت في الموقف السوري كان الاستعداد للدخول في حوار غير ملزم، بهدف إدارة التصعيد، دون إعطاء شرعية للوجود الإسرائيلي أو التنازل عن الثوابت الوطنية، وهذا ما عبّر عنه المصدر بقوله: إن “الحوار كان صريحًا ومسؤولًا” لكنه “لا يحمل أي طابع اتفاقي”.

في المقابل، ينظر الاحتلال الإسرائيلي إلى هذه المبادرة كنافذة محتملة لتهدئة مؤقتة أو لترسيم خطوط اشتباك جديدة، دون الانخراط في عملية سياسية شاملة، وهو ما ينسجم مع المقاربة الأمنية التي تبنّتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه الملف السوري، وبحسب مراقبين، فإن حضور رون ديرمر، أحد أبرز مهندسي العلاقات الاستراتيجية بين الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية، يعكس الاهتمام الإسرائيلي بإدارة هذا الملف تحت المظلة الأميركية، بعيدًا عن أية قنوات أخرى.

المقابلة التي أجراها المبعوث الأميركي توماس باراك مع وكالة “أسوشيتد برس”، والتي أشار فيها إلى أن “إسرائيل تفضّل سوريا المجزأة على الدولة الموحدة”، تكشف عن رؤية استراتيجية تُعقّد أي احتمال لتسوية شاملة، ورغم ذلك، أبدى باراك تفاؤلاً حذراً حين قال: إن “الأقليات السورية باتت تدرك أن الوحدة أفضل من التفكك”، في إشارة مبطنة إلى فرص التقاطع بين المصالح الوطنية السورية وبعض المخاوف الإسرائيلية.

ليس من قبيل المصادفة أن يأتي هذا اللقاء في لحظة تعيد فيها واشنطن ترتيب أولوياتها الإقليمية، من أوكرانيا إلى تايوان، مروراً بالشرق الأوسط، فالمبادرة الأميركية تُقرأ ضمن إطار أوسع لمحاولة احتواء الصراعات الإقليمية وإعادة ضبط الإيقاع في مناطق التماس، كما أن باريس، التي استضافت اللقاء، لم تكن مجرد مكان محايد، بل طرف فاعل وراغب في لعب دور سياسي في الأزمة السورية، بعد سنوات من التراجع الأوروبي في التأثير المباشر.

رغم رمزيته، يبقى اجتماع باريس بعيداً عن تشكيل منعطف حاسم في العلاقة السورية- الإسرائيلية، فما جرى لا يعدو كونه اختباراً للنيات وتبادلاً للرسائل تحت سقف أمني خشن، وليس مقدمة لمسار تفاوضي سياسي واضح المعالم، وحتى إشعار آخر، سيبقى اللقاء محصورًا في دائرته الرمزية، ما لم تتغير الشروط الاستراتيجية على الأرض، أو تتهيأ إرادة سياسية حقيقية للانتقال من “إدارة النزاع” إلى “حل النزاع”، وإلى ذلك الحين، تبقى الساحة مفتوحة على كل السيناريوهات، من التهدئة الهشة إلى الانفجار الواسع.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع.. الاستثمار بوابة الإعمار واستقرار سوريا خيار ثابت المولدة تحرم أهالي "الصفلية " من المياه.. ووعود ! مسؤول العلاقات العامةلحملة "الوفاء لإدلب" يوضح لـ" الثورة" موعد الانطلاقة وأهدافها الرئيس الشرع : سوريا لا تقبل القسمة ولن نتنازل عن ذرة تراب واحدة الرئيس الشرع  يطرح رؤيةً لعهد جديد: سوريا في مرحلة مفصلية عنوانها بناء الدولة بأغلبية ساحقة.. الجمعية العامة تتبنى إعلاناً حول حل الدولتين توافق دولي في مجلس الأمن على دعم التعاون السوري – الدولي لإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية اللجنة العليا للانتخابات: إغلاق باب الترشح وإعلان الأسماء الأولية قريباً الرئيس الشرع يستقبل الأدميرال تشارلز برادلي كوبر قائد القيادة المركزية الأمريكية دخول 31 شاحنة مساعدات إنسانية أردنية قطرية عبر مركز نصيب ترحيل القمامة والركام من شوارع طفس "التربية والتعليم": قبول شرطي للعائدين من الخارج وزيرة الشؤون الاجتماعية: مذكرة التفاهم مع الحبتور تستهدف ذوي الإعاقة وإصابات الحرب مهرجان «صنع في سوريا» في الزبداني… منصة لدعم المنتج المحلي وتخفيف الأعباء المعيشية خطوات صغيرة وأثر كبير.. أطفال المزة  ينشرون ثقافة النظافة محافظ حماة يفتتح "المضافة العربية" لتعزيز التواصل مع شيوخ القبائل   " التعاون الخليجي" يجدد إدانته للعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية  البرلمان الأوروبي يدين  منع "إسرائيل " المساعدات عن غزة ويدعو لفتح المعابر  تفاقم أزمة المواصلات في ريف القرداحة  منحة نفطية سعودية لسوريا… خطوة لتعزيز الاقتصاد والعلاقات الثنائية