الثورة
أطلق ناشطون سوريون حملة إلكترونية واسعة تحت وسم أنقذوا_حمزة_العمارين، للمطالبة بالإفراج الفوري عن المتطوع في الدفاع المدني السوري، حمزة العمارين، الذي اختطفته الفصائل المحلية المسلحة المسيطرة في مدينة السويداء قبل 11 يوماً، أثناء أدائه لمهمة إنسانية في الاشتباكات والأحداث العنيفة التي شهدتها المحافظة مؤخراً.
دعت الحملة كافة الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب أهالي السويداء، للتحرك العاجل من أجل إطلاق سراح العمارين، كما جدّد الدفاع المدني السوري مطالبه بإنهاء احتجازه، محمّلاً الفصائل المحلية كامل المسؤولية عن سلامته.
وفي بيان نشر عبر منصاته الرسمية بتاريخ السبت 26 تموز، قال الدفاع المدني: “مرّت عشرة أيام على اختطاف زميلنا حمزة العمارين أثناء قيامه بواجبه الإنساني في مدينة السويداء، ونجدد المطالبة بإطلاق سراحه فوراً، ونحمّل الفصائل المسيطرة في المدينة مسؤولية أمنه وسلامته”.
من جهتها، وجّهت عائلة العمارين نداءً إلى مؤسسة الدفاع المدني والأمم المتحدة، مطالبة بتدخل مباشر للإفراج عن ابنها. وقال شقيقه، عزوان العمارين، في لقاء مع تلفزيون سوريا، إن العائلة فقدت الاتصال به يوم الأربعاء 16 تموز في الساعة السابعة مساءً، مرجّحين في البداية أنه كان يستريح بعد أسبوع منهك قضاه في ريف اللاذقية مشاركاً في عمليات إخماد الحرائق.
وفي اليوم التالي، تواصلت زوجته معه عند الساعة العاشرة صباحاً، وأبلغها بأنه بخير ويتواجد في مدينة السويداء، لكنها سمعت أصواتاً غريبة في الخلفية، ما أثار قلق العائلة.
وأكد عزوان أن مسؤول الدفاع المدني في درعا، شادي أبو عمر، أبلغهم بأنهم تمكنوا من التواصل مع الجهة الخاطفة، والتي أكدت أن حمزة بخير، لكنها تشترط عرضه على أحد الشيوخ قبل إطلاق سراحه.
أوضح عزوان أن حمزة كان ينفذ مهمة لإجلاء فريق من الأمم المتحدة من منطقة اشتباك لحمايتهم، مشدداً على أن الدفاع المدني منظمة إنسانية محايدة لا تنتمي لأي جهة عسكرية، وأن مهمتها تقتصر على إنقاذ المدنيين وإخماد الحرائق وإسعاف الجرحى، بغض النظر عن انتماءاتهم.
وأشار إلى أن فيديوهات عدة توثق عمل حمزة في إنقاذ أطفال من الطائفة الدرزية والبدو على حد سواء، في دلالة على عدم تمييزه بين الضحايا أو انحيازه لأي طرف.
قالت شقيقته إن حمزة لم يحصل حتى على فرصة للراحة بعد عودته من اللاذقية، وسارع إلى العودة لعمله إثر اندلاع الأحداث الدامية في السويداء، وأكدت أنه لم يكن طرفاً في أي نزاع، بل كان يؤدي واجبه الإنساني فقط.
وأضافت: “حمزة أمانة في أعناق الجميع، وهو مسؤولية الدولة والحكومة والرئيس السوري أحمد الشرع والعشائر وأهالي السويداء”، مطالبة الجميع بالتحرك والمطالبة بإطلاق سراحه دون تأخير.
منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، أصبح العاملون في المجال الإنساني هدفاً متكرراً لانتهاكات جسيمة من مختلف أطراف النزاع، ما قوض قدرتهم على أداء مهامهم وأدى إلى سقوط العديد من الضحايا في صفوفهم، وقد شملت الانتهاكات عمليات اختطاف واحتجاز تعسفي وقتل مباشر، إضافة إلى القيود الميدانية والإدارية التي حدت من وصولهم إلى المناطق المتضررة.
وثّقت منظمات حقوقية دولية، من بينها “هيومن رايتس ووتش” و”أطباء بلا حدود” و”لجنة الإنقاذ الدولية”، و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، حالات متعددة تم فيها استهداف عمال إغاثة ومسعفين، سواء عبر القصف المباشر لمرافق طبية، أو من خلال الاعتقال أو الخطف في أثناء أداء مهام إنسانية محايدة. وقد حمّلت الأمم المتحدة في تقارير متتالية جميع أطراف الحرب المسؤولية.
وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 923 من الكوادر الطبية والإغاثية منذ بداية الحرب حتى أواخر عام 2024، فيما تعرّض مئات آخرون للاعتقال أو الاختفاء القسري، وتعد مناطق الجنوب السوري، وخاصة درعا والسويداء، من بين المناطق التي شهدت أخيراً تصاعداً في استهداف العاملين الإنسانيين، كما في حالة المتطوع حمزة العمارين.
يُعدّ احترام حيادية العمل الإنساني أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، ويمثل حجر الزاوية في جهود الإغاثة خلال النزاعات المسلحة. وفي السياق السوري، فإن استمرار استهداف هؤلاء العاملين لا يهدد حياة الأفراد فقط، بل يضرب المنظومة الإنسانية بأكملها، ويزيد من معاناة ملايين المدنيين المحاصرين بالنزاع والفقر والنزوح.