الثورة – عبير علي:
اختتمت فعاليات الدورة السادسة للتراث الشعبي التي أقيمت تحت عنوان “سوريا المستقبل بين التراث والحداثة” في يومها الثاني اليوم بكلية الآداب جامعة دمشق، بمشاركة الأكاديميين والخبراء والمهنيين في مجالات التراث والثقافة والمجتمع.
ألقت مدير التراث الشعبي في جامعة دمشق الدكتورة أمل حمدي دكاك محاضرة بعنوان “ماجستير التراث الشعبي” الواقع والطموح”، أكدت فيها على أهمية الندوة الثقافية التي تسعى لوضع خطوات واضحة وتوصيات مستقبليّة من شأنها المساهمة في بناء سوريا الحديثة بالاعتماد على الإرث الحضاري العريق.
وبيّنت دكاك أن العمل على تعريف الشّباب الجامعي بالتراث السوري مستمر منذ أكثر من عشر سنوات، من خلال برامج أكاديميّة كـ”ماجستير التأهيل والتخصص في التراث الشعبي” والذي ساهم في تغطية مختلف جوانب التراث السوري المادي واللامادي والحفاظ عليه.
كما شاركت الدكتورة نجلاء الخضراء بمحاضرة بعنوان “التراث الشعبي الفلسطيني”، أكدت خلالها أن التراث الفلسطيني جزء لا يتجزأ من التراث الشامي والعربي، نظراً للتاريخ المشترك والجغرافيا المترابطة. واستعرضت القواسم المشتركة بين التراثين السوري والفلسطيني، سواء من حيث الآثار والمباني التاريخية أو الأساليب التعبيرية كالأمثال والأساطير والأغاني. كما تناولت خصوصية التراث الفلسطيني بعد نكبة 1948، وتجلت فيه المظاهر النضالية ومشاعر الفقد والشوق، مشيرة إلى أن العدو الصهيوني عمل على تدمير الهوية الفلسطينية بوسائل عسكرية وثقافية. ولفتت إلى أهمية دور الشباب في توثيق التراث ومقاومة محاولات طمسه، ولاسيما في ظل ما يتعرّض له قطاع غزة من إبادة وطمس للمعالم الثقافيّة والدينيّة والتاريخية.
الباحث فؤاد عربش قدّم محاضرة بعنوان “الحرف اليدوية في سوريا، الحاضر والمستقبل”، تحدّث فيها عن مكانة الحرف التقليديّة في تشكيل الهويّة السوريّة، مؤكداً أنها تمثل بصمة حضاريّة وتاريخيّة لا يمكن إغفالها. واستعرض عدداً من الحرف المهددة بالاندثار مثل الزجاج اليدوي والبروكار، والسّيف الدمشقي، مشدداً على ضرورة حماية هذا الإرث واستثماره عبر أيادي الشّباب السّوري المبدع، لضمان استمراريته.
وألقى الدكتور بلال عرابي محاضرة بعنوان “مستقبل التراث في سورية”، ناقش فيها العلاقة الجدليّة بين الماضي والمستقبل، مشدداً على ضرورة بناء سوريا الجديدة بالاعتماد على إرثها الثّقافي والتاريخي. واستعرض آراء عدد من المفكّرين العرب البارزين مثل الدكتور طيب تزييني، ومحمد عابد الجابري، وجابر عصفور، حول كيفية فهم الماضي وتوظيفه في بناء المستقبل. ودعا عرابي إلى طي صفحة التهميش التي تعرض لها التراث السوري في العقود الماضية والعمل على بناء مستقبل متكامل يعتمد على كل أطياف الشّعب السّوري وعلى المساحة الجغرافيّة والثقافيّة الكاملة للوطن.
في الختام، أكدت الفعاليّات أنّ التراث الشّعبي هو ركيزة أساسيّة لبناء هويّة وطنيّة متجدّدة، وجسر يربط الماضي بالمستقبل في مسيرة سوريا نحو الحداثة.