الثورة – وعد ديب:
تقطّعت بعد التحرير سبل الدخل عند العديد من المودعين فيما يتعلق بالقروض الاستهلاكية بما فيها قروض الأفراد من الموظفين، وممن كانوا عسكريين وممن كان لأي سبب لديه عمل وتهجر من مكانه.
وكان مصرف سوريا المركزي سابقاً قد أصدر إيعازاً بإيقاف تسديد الأقساط المستحقة على المقترضين، ولمدة ثلاثة أشهر
ترافق ذلك بإعفائهم من فوائد التأخير بتسديد هذه الأقساط.
وإلى اليوم مع انتهاء المدّة بتسديد الأقساط المستحقة لم يبادر معظم المقترضين لسداد ما عليهم من ذمم مالية للمصارف التي اقترضوا منها، لأسباب تعود إلى ما ذكرناه في المقدّمة، وبالتالي لم يتم معالجة سداد القروض بشكل نظامي إلى الآن.
مع العلم أن مبررات القرار عند إصداره من قبل المصرف المركزي بأنه متفهم لصعوبة الوضع الاقتصادي في سوريا، ومن أهمها شدة حاجة هذه الجهات للسيولة وللأموال العامة المستحقة لدى المدينين.
معالجة
إذاً.. معالجة تسديد أقساط القروض لم تتدخل بها أي جهة إلى الآن، والذي يريد أن يسدد من تلقاء نفسه، ومن لم يسدد هناك محاولة من إدارة المصارف للتواصل معه من قبل الإدارات- بحسب ما ذكره لصحيفة الثورة موظف من داخل إحدى هذه المصارف رفض الكشف عن اسمه، وعليه قال: محاولة المصرف ترددت عبر سؤال المقترض: هل مازلت على رأس عملك، وهل مازال لديك دخل؟.
وأكد ذلك بعض المقترضين أن القائمين على إدارة المصارف يتواصلون معهم للسؤال عن مكان ووضع دخلهم، وهنالك من يسدد منهم ما عليه من تلقاء نفسه، وبشكل شخصي، وبالتالي يبدو أن هناك عملية جرد للمقترضين بين من لديه دخل وعمل، والعكس صحيح، بغض النظر هل كان يسدد أم لا.
ديون متراكمة
تعليقاً على الموضوع يقول الخبير المالي والمصرفي عمر الحاج لـ”الثورة”: قبل الدخول بموضوع القروض المتعثرة لابدّ من التنويه إلى الديون السابقة في فترة ما قبل التحرير، فهذه الديون متراكمة عبر سنوات وتعود إلى شقين إما شركات أو أفراد وغالباً ما نتكلم عن شركات لا ترغب بالسداد أو لم يعد جدوى منها لمستثمريها، فأغلقوها ولم يسددوا ما عليهم من ذمة مالية للمصارف.
وبيّن أنه في فترة ما قبل التحرير شكلت لجان لمعالجة الديون أو القروض المتعثرة، لأن إدارة المصارف لم تحثّ الخطا باتجاه تحصيل هذه القروض، وبالتالي تمّت الاستعانة بجهة أخرى حتى تدرس اللجان الوضع، وتحكم بكيفية إمكانية تحصيل الدين، فالمصرف أصبح بطرف المقترض، بمعنى لماذا تعثّر القرض هل هو بسبب إدارة المصرف أم بسبب المقترض؟.
بعد التحرير- والكلام للحاج- لا يوجد أي تحرك من قبل المصارف باتجاه معالجة القروض المتعثرة إلى الآن، ولدينا قاعدة أسباب تعثر القروض أنها تعود إلى أقسام رئيسة، والسبب الأول قد تكون بيئة العمل أو البيئة الاستثمارية.
أما الشق الثاني، فيعود لسوء إدارة المقترض بمعنى أن البيئة الاقتصادية صحيحة، لكن الشركة لم تحسن استثمار الأموال المقترضة، وبالتالي لم تحقق إيراداً يكفي لسنوات لسداد الديون مع الفوائد.
أما الشق الثالث- بحسب الخبير المالي والمصرفي، يتعلق بخطأ من المصرف في آلية منح القرض، وهذا الخطأ قد يكون من منحه أموال أكثر من الحاجة وقد يكون بسبب عدم متابعة المصرف للمقترضين، والتنبؤ بأن المقترض يراجع النشاط الاقتصادي له، وبالتالي علينا اتخاذ إجراءات احترازية سريعة لكي نحصل الدين.
حصرالحالة
وبحسب الخبير الاقتصادي- فإن هذه الإجراءات تأخذ منحنين الأول منه قد يكون المستثمر بحاجة لدعم مالي للوقوف من جديد بسبب تغيّر ظروف الاستثمار، والمنحى الآخر: قد يكون بسبب تغير قناعة المقترض ورغبته في مسألة السداد من عدمها.
بالعودة إلى وضع القروض من شقّ الجانب الاستهلاكي في فترة ما بعد التحرير سيكون لها وضع مختلف- برأي الحاج- بعد أن فقد الكثير من المقترضين مصادر دخلهم سيتم حصر الحالة وعرضها على المركزي والذي بدوره سيتخذ قراراً بآلية التحصيل وإعادة الجدولة أو الإعفاء من الفوائد وهذا ما ننتظره لاحقاً.
لاشك أن ملف القروض الواجبة السداد لم يتم تحريكه بشكل قانوني إلى الآن، وهذا لا ينطبق فقط على المصارف الحكومية، وإنما سنجده وبكثرة في المصارف الخاصة، ولاسيما في مصارف التمويل الصغير، لأن القروض الشخصية غالباً ماتمّ سحبها من هذه المصارف، ومن مصارف أخرى منحت قروضاً لمستثمرين أو لشركات صغيرة في السوق.