الثورة – خاص:
باشرت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب أعمالها بوضع إطار زمني لإنجاز مهامها، يتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، في خطوة أساسية ضمن التحضيرات للاستحقاق النيابي المرتقب وفق مقتضيات الإعلان الدستوري المؤقت. جاء ذلك خلال اجتماع عقدته اللجنة مساء الأمس في مجلس الشعب بالعاصمة دمشق، ناقشت خلاله المعايير والشروط المطلوبة لاختيار أعضاء اللجان الفرعية على مستوى المحافظات وأعضاء الهيئات الناخبة، إلى جانب وضع جدول زمني تفصيلي لمراحل التحضير للانتخابات التشريعية. كما تضمن الاجتماع إقرار جدول زيارات ميدانية إلى عدد من المحافظات، بهدف تنسيق التحضيرات اللوجستية والفنية مع الجهات الرسمية والمحلية، بما يضمن تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة تعكس تطلعات السوريين في المرحلة الانتقالية.
وكان الرئيس أحمد الشرع قد اجتمع السبت الماضي بأعضاء اللجنة العليا في قصر الشعب، لمتابعة الترتيبات المتعلقة بالعملية الانتخابية، وذلك بعد إصداره المرسوم رقم 66 لعام 2025، الذي قضى بتشكيل اللجنة برئاسة محمد طه الأحمد وعضوية إحدى عشرة شخصية من مختلف المحافظات والخلفيات المهنية. وبموجب المرسوم، تتولى اللجنة العليا مهمة تشكيل الهيئات الفرعية المسؤولة عن انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، بينما يُعيّن الثلث المتبقي من قبل رئيس الجمهورية، بما يضمن التوازن والكفاءة في التمثيل. ويضم المجلس المرتقب 150 عضواً، يُوزّعون على فئتي “الأعيان” و”المثقفين”، وفق توزيع جغرافي يشمل جميع المحافظات بحسب الكثافة السكانية. ولاقى قرار تشكيل اللجنة العليا ترحيباً واسعاً من أطراف دولية فاعلة، حيث أعرب القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، ميخائيل أونماخت، عن دعم بروكسل لهذه الخطوة، معتبراً إياها مرحلة مفصلية في بناء نظام سياسي تشاركي وشامل في سوريا. وأكد استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم الفني واللوجستي للمساهمة في إنجاح الاستحقاق. من جانبه، رحّب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، بالمرسوم الرئاسي، واصفاً إياه بأنه خطوة متقدمة تنسجم مع الإعلان الدستوري الانتقالي، وتؤسس لمجلس شعب جديد بوصفه السلطة التشريعية للمرحلة المقبلة. وشدد بيدرسون على أهمية التزام اللجنة بمبادئ الشفافية والشمول لضمان تمثيل واسع يعكس تطلعات مختلف مكونات المجتمع السوري.
وفي السياق ذاته، أكدت نائبة المبعوث الأممي نجاة رشدي، أن تشكيل اللجنة يمثل تطوراً جوهرياً على طريق الانتقال السياسي، داعية إلى تجنب أي تصعيد عسكري قد يقوّض فرص التقدم السياسي والاستقرار. تأتي هذه التطورات في سياق تطبيق الإعلان الدستوري المؤقت الذي أقره الرئيس الشرع في 13 آذار 2025، عقب سقوط نظام بشار الأسد، والذي ينظّم العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية خلال المرحلة الانتقالية، ويكرّس مبدأ المشاركة الشعبية وحماية الحقوق والحريات. وتنص المادة 24 من الإعلان على تشكيل لجنة عليا للإشراف على انتخابات مجلس الشعب، مع اعتماد آلية مزدوجة تجمع بين الانتخاب المباشر والتعيين، لضمان تمثيل متوازن وفاعل لجميع فئات المجتمع السوري، بما يعزز من فعالية السلطة التشريعية ويكرّس مساراً سلمياً نحو بناء دولة ديمقراطية قائمة على سيادة القانون.