هل هي فعلاً تفاعلات من دون أي صدى..؟. تلك الاستجابات السريعة وردود الأفعال العجولة التي لقننا إياها التواصل الرقمي.
كيف يمكن أن نقيس (عمق) العلاقات وصدقها إن كانت بمقاييس (بُعد) أو “أبعاد افتراضية”..؟ معظم طرق التواصل الحالية، تتبع قواعد وقوانين “التفاعل” السريع الذي تفرضه أساليب محادثات (الذكاء الاصطناعي) بمختلف تطبيقاته.
ما لاحظته أن هذا النوع من الذكاء لربما حدّ من إمكانية الذكاء العاطفي لدى طرفي أي محادثة.
تتآكل حالة من التمايزالفردي الإنساني، حين نُبقي تواصلنا مقتصراً على تفاعلات (لحظية سريعة) ليس لها أي صدى واقعي.
بالنسبة لها، فهي لا تنكر أن بعض أجمل صداقاتها نمت بمحادثات عن (بُعد).. لم تأخذ فرصتها لتنمو واقعياً.. لكنّها أخذت كثيراً من تفكيرها ولحظات تأمّلها، ما يعني أنها كانت ذات أثر وصدى داخلي “نفسي وفكري”..
هل كانت لتبدو أجمل لو أنها تجلّت بمرآة (الواقع)..؟.
كلّ ذلك يلامس فعلياً جوهر (التحوّل) في طبيعة علاقاتنا، التي انزاحت فيها مفردات مثل: البطء، التمهّل، التأمل، التفكير، الوعي.. لصالح استجابات تتطلّب الاستعجال والسرعة.
ألم يؤثركلّ ذلك على جودة الترابط الآدمي.. والحضور الإنساني الفعّال في يومياتنا..؟.
وحين يغدو الاستعجال والسرعة السائدين الأكبر في أي “تواصل”، هل فعلياً نكون نحن من يجيب ومن يفكر ضمن أي محادثة..؟.
كان هنري كيسنجرقد أثار في مقالته التي كتبها عام 2018 عن الذكاء الاصطناعي بعنوان :(كيف ينتهي التنوير)، طرح إحدى أهم أفكاره، قائلاً: (عندما يصبح العالم أكثر شفافيةً فإنه يصبح أكثر غموضاً)..
تماماً هو ما شعرت به في كثيرمن حالات التواصل أو التفاعل الرقمي لديها، لأنه يزيد من مساحة الانكشافات لكن ليس بالضرورة أنه يزيد من وضوح “الآخر”..
وربما كان الشيء نفسه يحدث مع الآخر بمعنى أنه يرانا بذات الطريقة التي نراه ونتلقاه فيها.
المهم من كلّ ذلك ألا نفقد قدرتنا على التقاط “المعنى”، مهما ساد الغموض ومهما بقيت السرعة تغلّف لحظاتنا.