بين الغياب والحاجة وتفاقم المشكلات.. الفئات الهشة خارج دائرة الحماية الاجتماعية

الثورة- مريم إبراهيم:

تُعد برامج الحماية الاجتماعية جزءًا أساسيًا من السياسات الاجتماعية في أي مجتمع، وتهدف إلى توفير شبكة أمان اجتماعي للفئات الأكثر ضعفًا، بما في ذلك الفقراء، وذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين، والأطفال، والعاطلين عن العمل، ويتأكد دور هذه البرامج في تحقيق التماسك الاجتماعي، والحد من الفقر، وتعزيز واقع التنمية المستدامة بشكل عام.

تحديات وواقع

وبالرغم من الأهمية الكبيرة لبرامج الحماية الاجتماعية وأهدافها الكبيرة في تقديم الخدمة المجتمعية والوصول للشرائح المستحقة لهذه الخدمة، إلا أن هذه البرامج لم تحقق النتائج المرجوة بالشكل المطلوب في المجتمع السوري، حيث الظروف الصعبة، والتحديات وسنوات الحرب والدمار في البنى ونقص الخدمات وغير ذلك، حتى مع جهود تم العمل عليها من قبل جهات عدة، لكنها بقيت دون المستوى والطموح. وكجهة معنية بموضوع برامج الحماية المجتمعية تؤكد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أهمية تعزيز نظام الحماية الاجتماعية لتحقيق الاستقرار المجتمعي والسلم الأهلي، كما أن الوزارة تعمل على تطوير سياسات سوق العمل، ودعم العمل الأهلي والتطوعي، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، مع ضرورة تفعيل الشراكات الدولية لتحقيق العدالة الاجتماعية، ودعم ريادة الأعمال، وتطوير التأمينات الاجتماعية وغير ذلك بما يخص جوانب الحماية الاجتماعية.

أولويات عمل

ويؤكد خبراء في مجال الحماية الاجتماعية على ضرورة أن يولى العمل في هذا المحور الأولوية والأهمية المطلوبة، إذ تعرضت سوريا لأضرار كبيرة من جرّاء الحرب على مدى سنوات، حيث تقلص النمو الاقتصادي وتدهورت مستويات المعيشة، وزادت حدة الفقر حتى تجاوزت 80 بالمئة من إجمالي عدد السكان، وتراجعت نسبة الأسر السورية التي كانت تصنّف على أنها آمنة غذائياً إلى 5.1 بالمائة في العام 2020 ، وأصبحت العدالة الاجتماعية على مدار عقد كامل من الحرب من المفاهيم الغائبة عند صنع القرار بما يخص واقع العمل والخطط والبرامج في هذا المحور، ما يتطلب نداءات استغاثة ودعوات ليكون هذا الملف في صلب عمل الجهات المعنية وتطوير هذه البرامج للوصول للغاية في خدمة الأفراد والمجتمع، فهناك الفئات الهشة والأطفال والأيتام والمسنين، وغيرهم يستحق الخدمة والاهتمام في جميع جوانب الحياة.

مقترحات عمل

الخبير في مجال الإدارة والاقتصاد إيهاب اسمندر بين في لقاء لصحيفة الثورة أهمية برامج الحماية الاجتماعية، فالاقتصاد السوري يعاني من مشكلات مزمنة بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد منذ سنوات، ترافقت مع تدهور اقتصادي وركود تضخمي، وفقدان قيمة الليرة السورية لأكثر من 99بالمئة من قيمتها بعد العام 2011 حتى الآن، وارتفاع نسبة من هم تحت خط الفقر المدقع إلى 35 بالمئة من السوريين وارتفاع نسبة من هم تحت خط الفقر النسبي لأكثر من 90بالمئة، وارتفاع معدل البطالة إلى ما يزيد عن 60 بالمئة، وما إلى ذلك من مؤشرات تعكس تدهور الاقتصاد السوري، ومع النوايا المعلنة والمتعلقة بالتحول إلى الاقتصاد الحر، يبدو من الضرورة بمكان الإعلان عن خطة متكاملة لبرامج حماية اجتماعية في سوريا لما لذلك من تأثير على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وحتى الاستقرار في البلد بشكل عام، وأضاف الخبير اسمندر أن مفهوم الحماية الاجتماعية هو سياسات وبرامج تنفيذية مرتبطة بها، مصممة لتوفير أمان للفئات الهشة، بهدف تخفيف الفقر وزيادة الرفاه في المجتمع وأشكال برامج الحماية الاجتماعية متعددة منها برنامج دعم الصحة كتوفير خدمات صحية لغير القادرين، و برنامج دعم التعليم بما يخص توفير التعليم المجاني أو شبه المجاني للفقراء وذوي الدخل المحدود وأبناء الطبقات الوسطى وما دون، و برنامج التحويلات النقدية عبر تقديم أموال للأسر والأفراد المحتاجين وهناك برنامج سوق العمل مثل توفير التدريب المهني ودعم المشروعات الصغيرة ومشروعات الأسر المنتجة، وبرنامج الرعاية المجتمعية مثل خدمة ذوي الإعاقة ورعاية الأيتام وكبار السن والسيدات غير الآمنات.

ويشرح الخبير اسمندر أهداف برامج الحماية الاجتماعية والتي تركز حول تحفيز الطلب الكلي من خلال زيادة نسبة الطبقة الوسطى، و تطوير رأس المال البشري عبر إتاحة الفرصة للفقراء والمحتاجين من للالتحاق بالمدارس والجامعات والمراكز المهنية بما يمكنهم من خدمة المجتمع، وتشجيع ريادة الأعمال وتأسيس المشروعات وزيادة الإنتاج والقيمة المضافة، وتقليل البطالة من خلال فرص العمل التي يتم إحداثها من خلال رفع مؤهلات الباحثين عن عمل بما يمكنهم من إيجاد الفرص المتوافقة مع مؤهلاتهم، وتخفيف الاحتقان الاجتماعي الناجم عن التمايز الطبقي والشعور بالحرمان لدى الفئات الهشة من المجتمع، وزيادة ولاء الفرد لمجتمعه بسبب شعوره بأن هذا المجتمع من خلال البرامج الحكومية يقف إلى جانبه.

واقترح الخبير اسمندر بعض برامج الدعم الاجتماعي التي يمكن اقتراحها في سوريا، منها برنامج تحويلات نقدية لجميع الأسر التي يقل دخلها عن الحد الأدنى للفقر النسبي (2.15$ يومياً لكل فرد)، وبرنامج رعاية المسنين بما يوفر لهم رعاية صحية كاملة ومختلف الاحتياجات الأساسية حتى الوفاة، وبرنامج دعم الطلاب في المدارس والجامعات الحكومية، وبرنامج دعم لغير المقتدرين مثل: الفقراء، الأيتام، الأرامل، وبرنامج تمكين طالبي العمل من اكتساب المهارات المطلوبة في سوق العمل باعتبار سوريا دولة متأخرة في برامج الحماية الاجتماعية، فالأفضل في هذه الحالة تأسيس هيئة وطنية حكومية، تضم متخصصين وخبراء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، لتصميم برامج متكاملة للحماية الاجتماعية تناسب الوضع السوري، وتحمي السوريين من المخاطر المحتملة مع التحول للاقتصاد الحر، وبما يحقق الانعكاس التنموي المطلوب.

شبكة أمان

الباحثة الاجتماعية سمر هلال توضح أن برامج الحماية الاجتماعية جزء أساسي من السياسات الاقتصادية، حيث تهدف إلى التخفيف من حدة الفقر والبطالة، وتحسين الظروف المعيشية للفئات الأكثر ضعفاً، وتعزيز التماسك الاجتماعي، وتساهم هذه البرامج في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاستثمار في رأس المال البشري وتخفيف آثار الصدمات الاقتصادية، وأهميتها تكمن في تحقيق التوازن الاجتماعي، والحد من التفاوت الاجتماعي وتوزيع الدخل بشكل أكثر عدالة، ما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويقلل من التوترات، إضافة إلى المساهمة في زيادة إنتاجية القوى العاملة وتحسين الأداء الاقتصادي على المدى الطويل، وبالتالي توفرهذه البرامج شبكة أمان للأفراد والأسر في مواجهة المخاطر المختلفة مثل: البطالة والمرض والإعاقة، مما يقلل من تأثيرها السلبي على حياتهم، كما تعد أداة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل: القضاء على الفقر وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين الصحة والتعليم.

وتشير الباحثة هلال إلى أن برامج الحماية الاجتماعية تلعب دوراً حيوياً في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مثل الجوائح والكوارث الطبيعية، وتوفر شبكة أمان للأفراد والأسر المتضررة، وتساعدهم على التغلب على الصعوبات وتلبية احتياجاتهم الأساسية، مع الأخذ بعين الاعتبار موضوع توفير فرص العمل عبر تنفيذ برامج إحداث فرص عمل مؤقتة لمساعدة الأفراد على كسب الدخل لتأمين الحاجة بما يعزز دور الحماية الاجتماعية للشرائح الاجتماعية المستهدفة بهذه الحماية لناحية الاستثمار في رأس المال البشري والتنمية المستدامة.

يترقبون

مع كل الحديث حول برامج الحماية الاجتماعية وضرورتها في ظروف صعبة للغاية، ومع ما تعكسه الأرقام والإحصائيات من زيادة إعداد الفئات الهشة في المجتمع، وزيادة الحاجة للخدمة المجتمعية لهذه الفئات من تعليم وصحة وفرص عمل وتوفير الأمن الغذائي بالقدر المطلوب وغير ذلك من برامج هذه الحماية، ذلك كله يفرض ضرورة دراسة ومعالجة ملف الحماية الاجتماعية من جميع جوانبه وتشعباته، لكونه يعد من الملفات المهمة التي يجب أن تكون في أولويات العمل، ولاسيما من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبتشاركية مع مختلف الوزارات والجهات، وإيجاد خطط واستراتيجيات، من شأنها أن تحدث مشهداً آخر يعكس خدمة مجتمعية أفضل للفئات المستهدفة باحترام وكرامة تليق بهم وتلبي احتياجاتهم.

آخر الأخبار
"عمران" بجناح مميز في معرض دمشق الدولي الأنشطة في معرض دمشق الدولي تعزز السياحة معرض دمشق الدولي.. بوابة الاقتصاد الجديد مهرجان اقتصادي يعكس انفتاح سوريا على العالم لقاءات حوارية في معرّة النعمان تعززالتواصل بين محافظ إدلب والمجتمع المحلي معرض دمشق الدولي.. تظاهرة حضارية وثقافية تعكس أصالة سوريا ويلسون من دمشق: آن الأوان لإلغاء قانون قيصر ودعم شراكة جديدة مع سوريا د. خالد بحبوح: معرض دمشق الدولي تجسيد فعلي لمرحلة جديدة من الاستقرار اتفاقية استراتيجية بين "الاتصالات" وشركة "آرثر دي ليتل" العالمية الكاراتيه تحصد الوصافة بغرب آسيا  بطلا الشطرنج الضمان وعيتي يتصدران بطولة النصر والتحرير  في أهلي حلب.. تجديد لصنّاع السابعة و سؤال عن عودة أبو شقرا جمعة واتحاد الكرة:أفكر في دخول الانتخابات.. وإلغاء شرط الشهادة خطأ جميع الشركات أكملت تجهيز مواقعها.. معرض دمشق سيكون نموذجاً وطنياً مميزاً.. وترتيبات مبهرة بحفل الافت... الرئيس الشرع يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي لبحث ملفات الأمن ورفع العقوبات رسالة معرض دمشق الدولي بدورته الجديدة.. الانفتاح والشراكة مع العالم دمشق ترحب وتعتبر رفع العقوبات الأميركية تحولاً نوعياً يمهّد لمسار تعاون جديد تعزيز التعاون في مجال الطوارئ والكوارث بين سوريا والعراق معرض دمشق الدولي.. بوابات اقتصادية وآمال مشروعة لانفتاح أكبر "الرقابة المالية":  فساد "ممنهج" بتريليونات الليرات استهدف معيشة السوريين مباشرة