الثورة-منهل إبراهيم:
تؤثر مخلفات الحرب بشكل كبير على عودة اللاجئين بسبب المخاطر المادية والنفسية، حيث تشكل الألغام والأجسام غير المنفجرة عائقاً جسدياً خطيراً أمام العودة إلى الأراضي الزراعية أو المناطق السكنية، بينما تترك الحرب آثاراً نفسية عميقة، بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تسبب مخلفات الحرب آثاراً اقتصادية مثل الدمار، ونقص التمويل لإعادة الإعمار، وصعوبات مادية تعيق عودة اللاجئين إلى ديارهم ومناطقهم وتأمين الحياة الكريمة لهم.
وفي حديث خاص لصحيفة الثورة أكد المحلل والباحث السياسي مضر حماد الأسعد مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين أنه بعد سقوط نظام الأسد المخلوع وخروج الميليشيات الإيرانية والميليشيات المتطرفة في سوريا، بقيت مصيبة كبرى على كاهل الشعب السوري وهي وجود أعداد كبيرة جدا من الألغام التي زرعت في البادية السورية، والريف السوري وبين القرى وعلى الطرقات والمناطق الزراعية والتي أدت إلى استشهاد المئات من السوريين الأبرياء، وخاصة من رعاة ومربي الأغنام، ومن الفلاحين، ومن الذين يقطنون البادية، وفي الجغرافيا السورية بشكل كامل، وحتى في الأحياء والشوارع المدمرة، مازالت هناك ألغام ومخلفات للأسلحة التي لم تدمر ولم تنفجر.
وأوضح الأسعد أنه حاليا مع تحريك مخلفات الدمار انفجرت هذه الألغام والأجسام الخطيرة، وتسببت بوقوع ضحايا مدنيين بالمئات من أبناء الشعب السوري.
وقال الأسعد “لا شك أن الميليشيات الإرهابية قامت بزراعة هذه الألغام بشكل عشوائي من أجل الإضرار بالشعب السوري، مشيرا إلى أن هذا مخالف للقوانين والمواثيق الدولية، لافتا إلى أنه كان يجب على هذه الميليشيات تفكيك هذه الأسلحة المحرمة دولياً.
وشدد الأسعد على أنه يقع على عاتق المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة المساعدة على نزع هذه الألغام وتنظيف سوريا منها، وهذا الموضوع يحتاج لتعاون دولي فالحكومة السورية لوحدها لا تستطيع القيام به، بل تحتاج لدعم ومساعدة المنظمات المعنية بإزالة هذه المخلفات الخطيرة على حياة المدنيين.
وأضاف الأسعد أن مخلفات الحرب تؤثر على عودة اللاجئين من خلال العوائق المادية والبنية التحتية المدمرة، والمخاطر الصحية والنفسية، والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى دمار المباني وغياب الخدمات الأساسية، حيث يواجه اللاجئون صعوبة في العثور على عمل في ظل تضرر الاقتصاد.
ونوه الأسعد بأنه لا يمكن القيام بجهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، أو حتى عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم ومناطقهم ومزارعهم وقراهم إلا من خلال نزع الألغام والتفتيش عن مخلفات الحرب التي لم تنفجر، والتي تعتبر قنابل موقوتة لا يمكن تفاديها إلا من خلال نزعها، وهذا الأمر يجب أن يتم بالسرعة القصوى، مؤكداً أن الدلائل تشير إلى أن هناك عدداً كبيراً من الألغام والأسلحة التي لم تنفجر مازالت في المحافظات السورية.
وأكد الأسعد أن إعادة الإعمار وإعادة بناء البنى التحتية والبدء في العمل الزراعي، أو دعم القطاع الحيواني لن يتم بالشكل الصحيح والسليم إلا بعد نزع الألغام والمتفجرات والمفخخات التي تم زرعها في الأراضي السورية.
ولفت الأسعد إلى أنه يرافق اللاجئين الخوف المستمر من العودة إلى ديارهم بسبب الألغام والذخائر غير المنفجرة، مما يخلق قلقاً نفسياً كبيراً، كما تواجه مشاريع إعادة الإعمار نقصاً حاداً في التمويل، مما يعيق جهود إعادة تأهيل المناطق المتضررة. وبين الأسعد أن الدمار قد يؤدي إلى صعوبات اقتصادية كبيرة، مما يزيد من احتمالية البطالة والفقر بين العائدين، لافتا إلى أن المجتمعات المضيفة قد تواجه تحديات مثل نقص الخدمات وارتفاع تكاليف المعيشة، مما يعيق الاندماج السلس للاجئين العائدين.
وشدد الأسعد على ضرورة وجود حملة دولية لنزع الألغام والمخلفات غير المنفجرة، وتكاتف كبير جدا بين وزارة الإدارة المحلية والبيئة مع وزارات الداخلية والدفاع والصحة، والمجالس المحلية في المحافظات، وبالتعاون مع المنظمات الدولية من أجل القيام بهذه الحملة، حملة تنظيف سوريا من مخلفات الحرب، ومن أجل نزع الألغام وتنظيف الأراضي السورية منها.
وقال الأسعد “نتمنى من وزارة العدل في سوريا أن تقدم شكاوى رسمية إلى الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية على إيران والحرس الثوري الإيراني، والمنظمات التي كانت مدعومة من قبل إيران وكانت تتواجد على الأراضي السورية، وكذلك على رموز النظام المخلوع من الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين كانت خدمتهم العسكرية أو الأمنية في المناطق الموجود فيها الألغام، وتقديم الشكاوى الرسمية عليهم للانتربول الدولي من أجل محاسبتهم على ما قاموا به من أعمال دنيئة في عمليات زراعة الألغام في الأراضي السورية”.
وأشار الأسعد إلى أن العمل الأكبر الذي سيتم هو بعد تفكيك ميليشيات “قسد” التي قامت بزراعة آلاف الألغام على الأراضي السورية في منطقة الجزيرة والفرات.