“الزراعة الذكية”  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات  

الثورة – رفاه نيوف :

فرضت التغيّرات المناخية، التي بدأت تظهر وبوضوح خلال السنوات الأخيرة، ضرورة اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير للتأقلم معها، والتخفيف من انعكاساتها السلبية على البيئة والزراعات التي تشكل الركيزة الأساسية لأمننا الغذائي.

وفي هذا الإطار، أقام مركز بحوث طرطوس-الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية اليوم، ندوة علمية بعنوان “الزراعة الذكية وأهم التدابير المتبعة للتكيّف مع التغيرات المناخية”، وذلك في مقر مركز بحوث طرطوس.

حساسية للتغير المناخي

مدير فرع البحوث العلمية الزراعية في طرطوس، الدكتور أحمد أحمد، بيّن بداية أن الزراعة بشكل عام تتسم  بحساسية بالغة لتغير المناخ، وتتأثر بمجموعة من العوامل المناخية، مثل التقلّب السنوي والتقلّب على المدى الطويل في درجات الحرارة والهاطل المطري، وتزايد تركّز غازات الدفيئة كـ”غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان” في الغلاف الجوي، والأحوال الجوية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات.

وضمن هذا السياق، ناقش الباحث الدكتور إبراهيم مبارك  مفهوم الزراعة الذكية مناخياً، والذي أطلقته منظمة الأغذية والزراعة “FAO”، كـ “نهجٍ بوسعه أن يحوّل النظم الزراعية ويعيد توجيهها لدعم التنمية دعماً فعّالاً، ولضمان الأمن الغذائي في ظل تغير المناخ”.

تحديات متشابكة

وبين د. مبارك أنه تم تطوير مفهوم الزراعة الذكية مناخياً كإطارٍ للتصدي في آنٍ واحد لثلاثة تحديات متشابكة، هي  زيادة الإنتاجية، والدخل في الزراعة على نحو مستدام (تحدٍّ اقتصادي)، وبناء القدرة على الصمود في وجه آثار تغير المناخ (تحدٍّ اجتماعي)، والمساهمة في التخفيف من حدّة تغير المناخ حيثما أمكن (تحدٍّ بيئي). ويتحقق ذلك من خلال اعتماد ممارسات ذكية مناخياً، أثبتت فعاليتها في إدارة كل من المحصول، والمياه، والتربة، وفي الحفاظ على تنوع الموارد الوراثية وإدارتها على نحو مستدام، بالإضافة إلى ضرورة توفير بيئة تمكينية للقيام بإجراءاتٍ منسقة من البحوث إلى السياسات والمؤسسات ذات الصلة، وبناء القدرات، فالاستثمارات طويلة الأجل.

د. مبارك أشار إلى الممارسات الزراعية الذكية مناخياً، من حيث إدارة المحصول عن طريق استخدام البذور العالية الجودة للأصناف المتكيفة تكيّفاً جيداً، والتحول نحو زراعة محاصيل قصيرة العمر، ذات احتياجات مائية أقل، ومحاصيل متحملة للجفاف. كما تشمل زراعة أنواع وأصناف متنوعة من المحاصيل كمحاصيل بينية، أو بالتناوب، للحصول على أعلى ريعية لوحدة المساحة.

أنظمة ري حديثة

أما من حيث إدارة المياه الزراعية، فحسب مبارك، تشمل الممارسات الذكية، كاتباع التدابير المتعلقة برفع كفاءة استعمال المياه على مستوى الحقل الزراعي، ومستوى مشروع الري، واستخدام أنظمة ري حديثة، وتطوير أنظمة حصاد مياه الأمطار وتجميعها، وإدارة الموارد المائية السطحية والجوفية، واستعمال المياه الهامشية ومياه الصرف الصحي والزراعي بعد معالجتها تقليدياً، أو عبر تقنيات الإدارة الذكية للمياه “النانوتكنولوجي”.

ولإدارة التربة إدارة مستدامة، يجب زيادة المادة العضوية فيها، وهو أفضل تدخل ذكي مناخياً، قادر على توفير منافع مشتركة، كما يُنصح باتباع طريقة الزراعة الحافظة للموارد، وتجنب حراثة التربة في أوقات الجفاف أو الغدق، والزراعة على مصاطب لزيادة الرطوبة النسبية في قطاع التربة، والالتزام بعدم “تبوير” الأراضي الزراعية أو البناء عليها، والحفاظ على الغطاء النباتي الطبيعي للتربة والمسطحات الخضراء، وزيادة عمليات التشجير، وزراعة مصدّات الرياح، واعتماد تطبيقات “النانوتكنولوجي” في مجال معالجة التربة من العناصر الثقيلة.

التربية الانتقائية

من جانبه، تحدث الباحث  الدكتور علي جوهرة عن الممارسات الذكية مناخياً، التي تتطلبها الثروة الحيوانية، إذ تشمل التربية الانتقائية والتحسينات الوراثية، واستخدام نوعية أفضل من الأعلاف لخفض الانبعاثات الناتجة عن التخمر المعوي والسماد العضوي، واستدامة ممارسات الرعي، والحراجة الرعوية، والتنويع داخل المزارع وخارجها.

أما مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية، فيمكن دعم هذا القطاع بطريقة ذكية مناخياً ومستدامة من خلال تحسين اختيار الموقع وتصميمه، من خلال أقفاص وبرك الأسماك المقاومة للعواصف، وتجنب الصيد الجائر للأسماك، والتشدد بمنع الصيد في أوقات التكاثر، والإدارة المستدامة لمياه أحواض التربية، وتجنب تلوث المياه السطحية والمياه الجوفية.

ولفت د. جوهرة إلى إمكانية دعم قطاع الغابات والحراج بطريقة ذكية مناخياً ومستدامة، من خلال الحفاظ على الغابات وإدارتها على نحو مستدام، وتطويق وحماية الغابات المتدهورة نتيجة التعدي البشري، بغية السماح بإعادة التأهيل الطبيعي، وزيادة عمليات التشجير.

وختم الباحثون بأنه إذا كان المناخ يتغير، فذهنية الإدارة يجب أن تتغير، والغرض هو استدامة الإنتاج الزراعي، والتكيف مع تغير المناخ وحماية البيئة.

آخر الأخبار
قادمة من ميناء طرابلس..الباخرة "3 TuwIQ" تؤم  ميناء بانياس "الزراعة الذكية"  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات   "التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي "تربية حلب" تواصل إجراءاتها الإدارية لاستكمال دمج معلمي الشمال محافظ إدلب يلتقي "قطر الخيرية" و"صندوق قطر للتنمية" في الدوحة "تجارة دمشق": قرار الاقتصاد لا يفرض التسعير على المنتجين