سقطة “باشان” عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: “المكون الدرزي” مكون وطني

الثورة – سامر البوظة:

في الوقت الذي أيقن فيه الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري فشل مشروعه الانفصالي أمام صمود السوريين وتمسكهم بوحدة البلاد، وبعد أن رأى كيف استعادت الدولة السورية دورها الإقليمي والدولي، وأثبتت حضورها القوي والفاعل في كافة الميادين السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، خرج الهجري مؤخراً ببيان أثار فيه الكثير من الجدل، طالب من خلاله مجدداً بـ “حق تقرير المصير والإدارة الذاتية للسويداء “، وناشد المجتمع الدولي بالتدخل من أجل فتح معابر إنسانية إلى المحافظة.

رسالة الهجري التي نشرها السبت الماضي ووجهها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، وأعضاء مجلس الأمن الدولي، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية، ومنظمة العفو الدولية، لم تحمل جديداً ولم تختلف عن سابقاتها من حيث المحتوى، لكن الجديد هذه المرة استخدامه تسمية “جبل باشان” بدلاً عن السويداء أو جبل العرب، وذلك لأول مرة منذ اندلاع الأحداث في المحافظة، للدلالة على الجغرافيا التي يطالب باستقلالها أو الإدارة الذاتية لها، الأمر الذي أثار موجة واسعة من التساؤلات والانتقادات الغاضبة في الأوساط المحلية والمجتمعية حول ماهية الأهداف والمرامي، فلماذا اختار الهجري هذه التسمية بالذات؟ ولماذا في هذا التوقيت؟.

كثيرون عبروا عن استيائهم واستهجانهم لما اعتبروه محاولة واضحة لفصل المنطقة عن هويتها العربية والسورية الأصيلة، وفرض هوية غريبة عنها، والبعض اعتبر بيان الهجري محاولة يائسة للهروب من الفشل، في حين ذهب آخرون إلى اتهامه بشكل مباشر بالخيانة والعمالة لإسرائيل، فيما رأى البعض أن الخطوة تحمل إيحاءات سياسية غير بريئة، خاصة في ظل التداخل الواضح بين الخطاب “التوراتي” الإسرائيلي والتطورات الميدانية الأخيرة في الجنوب السوري.

الإعلامي والمحلل السياسي عبد الله غسان أكد في حديث لـ” الثورة” أن استخدام هذا المصطلح من قبل الهجري جاء بالتزامن مع إنهاء ملف غزة، وهذا ترابط هام جداً، فاليوم يحاول الهجري أن يخاطب التيارات المتطرفة داخل الكيان الصهيوني بتصعيد الموقف أكثر باتجاه دمشق خصوصاً أن نتنياهو لم يعد بحاجة اليوم إلى ورقة التجنيد الإلزامي والاحتياطي من قبل “الدروز” داخل إسرائيل، لذلك هو اليوم يحاول أن يوجه رسالة مفادها “أننا نحن اليوم “ميليشيا لحد” الجديدة الموجودة جنوب سوريا”.

وأوضح غسان، أن الهجري قدم مشروع ضرب الهوية الوطنية السورية وأيضاً ضرب البنية الاجتماعية لتفتيت سوريا، واليوم الهجري بعد إخراجه من المشهد السياسي في ظل خارطة الطريق التي تم التوافق عليها بين الحكومة السورية والمملكة الأردنية الهاشمية والمبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، يبدو أنه استشعر هو وميليشياته الطائفية بالوحدة السياسية والانعزال.

وأضاف الإعلامي غسان أن خطاب الهجري جاء أيضاً بالتزامن مع تحريك ملف ميليشيا قسد واندماجها داخل الدولة السورية ليحاول أن يقول إنني موجود، يبحث عن مكاسب شخصية، يحاول أن يجند نفسه أكثر خدمة للإسرائيلي ولمشاريع الكيان التوسعية في المنطقة.

وتابع المحلل السياسي أن الهجري اليوم يحاول أن يغرد خارج السرب خصوصاً في ظل قيام الدولة السورية بواجباتها وتغليبها الملف الإنساني، وبالأمس رأينا حملة تبرعات كبيرة للسويداء، وهذا يعبر عن وحدة الشعب السوري وتعاطفه مع أهله في السويداء، وهنا يجب أن نميز بين أمرين هامين، ولا يجوز أم نخلط بينهما: “المكون الدرزي”، وهو مكون وطني وأصيل ولا أحد يستطيع المزاودة عليه، وفي الطرف المقابل هناك الهجري وميليشياته الطائفية التي تحاول أن تخطف قرار المحافظة وتزج السويداء في مواجهات عسكرية وتحاول أن تجند أو تعطي صبغة طائفية، وهي بكل تأكيد ترتبط بالعمالة، لكن هذا الأمر مرفوض من قبل السوريين أنفسهم ومن المكون “الدرزي” الأصيل بالتحديد، بدليل أننا بدأنا نسمع أصواتاً وطنية.

وختم الإعلامي غسان حديثه مشيراً إلى الخطوات العديدة والهامة التي قامت وتقوم بها الدولة السورية تجاه أبنائها في السويداء وحرصها على تغليب لغة الحوار السلمي تحت سقف الهوية الوطنية، إلا أن الهجري وميليشياته يبدو أنهم مستمرون في أوهامهم الانفصالية ومستمرون بالتصعيد والضغط والعمالة، والهدف ضرب المشروع الوطني السوري وبناء الدولة الجديدة.

فيما عبر سكان محليون غالبيهم من أهلنا في السويداء عن استيائهم من تصريحات الهجري مؤكدين أن استخدام مصطلح “جبل باشان” من قبل حكمت الهجري مقصود وهو يشمل درعا والقنيطرة بحسب من وضع هذه التسمية سابقاً، وفيه استجداء للكيان الإسرائيلي لاحتلال الجنوب، معتبرين أن من عجز على فتح ممر للهجري وزمرته لا يمكنه أن يعطي لا جبل باشان ولا غيره، مؤكدين في نفس الوقت أن هذه التصريحات فيها كذب وافتراء وتغيير للتاريخ والحقائق، وتثبت عمالة الهجري وأنه لا يريد أي حلول مع الدولة السورية، وينتظر ما يمكن أن يأتيه من فتات من أسياده في تل أبيب.

ماذا يعني “جبل باشان”؟ مصطلح “جبل باشان” هو اسم عبري لجبل العرب، ومعناه الأرض الخصبة وهي أرض مستوية أو ممهدة، وهي مقاطعة في “أرض كنعان” (حضارة قامت بين 3000 قبل الميلاد إلى 1200 قبل الميلاد)، واقعة شرقي الأردن وتمتد بين جبلي حرمون (جبل الشيخ السوري) و”جلعاد” (اسم قديم لجبال عجلون في شمال غرب الأردن)، ووفق “موسوعة الكتاب المقدس”، كانت باشان تشمل حوران والجولان واللجاة، وكلها مؤلفة من صخور وأتربة بركانية، وتربتها خصبة للغاية وماؤها غزير وتزرع فيها الحنطة والشعير والسمسم والذرة والعدس والكرسنة.

وكما جاء في الموسوعة، فيحدها من الشمال أراضي دمشق وشرقاً بادية سوريا، وجنوباً “أرض جلعاد”، وغرباً غور الأردن، ويخترق جانبها الشرقي جبل الدروز وهو جبل “باشان” القديم، أما في الجغرافيا الحديثة فتضم المنطقة اليوم جبل العرب وسهل حوران وأجزاء من مرتفعات الجولان، وبتعبير آخر نقول إنها تضم المحافظات الثلاثة في الجنوب السوري، السويداء ودرعا والقنيطرة.

وفي النصوص التوراتية يشار إلى أن ملك “باشان” كان يدعى “عوج” عاش خلال زمن موسى، وينتمي إلى “الرفائيين” الذين يعدون من الشعوب السامية القديمة التي عاشت خلال القرن 12 قبل الميلاد. وسميت “باشان” من جبل في تلك البلاد.

وسبق أن ظهر اسم “باشان” في السياق السوري الحديث لأول مرة في بداية كانون الأول 2024، حين أطلقت إسرائيل على عمليتها العسكرية الواسعة في سوريا بعد سقوط الأسد تسمية “سهم باشان”، المستوحى من التوراة، حيث شنت نحو ألف غارة جوية، دمرت فيها قرابة 80% من المقدرات العسكرية، ونفذت نحو 400 توغل داخل الأراضي السورية.

وتزامناً مع “أحداث السويداء”، في تموز يوليو الماضي، طلب كل من شيخ الطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف، وشيخ عقل طائفة الدروز حكمت الهجري التدخل الإسرائيلي ضد القوات الحكومية، وتوجه الهجري في بيان إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طالباً منهما “إنقاذ” السويداء، من القوات الحكومية التي تدخلت لفض الاشتباكات بينهم وبين العشائر.

وعقب بيان الهجري، استهدفت إسرائيل نقاط الجيش السوري قرب السويداء وفي الجنوب السوري، ومبنى الأركان العامة في ساحة الأمويين بدمشق، وقرب القصر الرئاسي.

وفيما يلي بعض الأمثلة عن أحداث مشابهة حصلت في العالم حول تغيير أسماء مناطق ومدن ودول ولا تزال حتى اليوم مثار خلاف.

حيث يرفض كثير من الأيرلنديين تسمية “الجزر البريطانية”، ونشب خلاف سنة 1990 حول تسمية دولة تشيكوسلوفاكيا باسم “تشيكوسلوفاكيا” أم “تشيكو ـ سلوفاكيا”، ونذكر أيضاً الخلاف القائم حول تسمية مدينة ديري ثاني أكبر مدن إيرلندا الشمالية، فالقوميون (الانفصاليون الكاثوليك) يسمونها “ديري” مجردة، أما الاتحاديون البروتستانت فيسمونها لندنديري (لندن ديري)، أيضاً الخلاف الذي نشب حول إعادة تسمية المدن الهندية عقب جلاء الإنجليز عن الهند سنة 1947.

كذلك الخلاف حول تسمية إيران باسم “فارس”، والذي ظهر في الثلاثينيات من القرن العشرين، وحسمه الشاه بتغيير الاسم رسمياً إلى إيران سنة 1935.

الخلاف حول تسمية بحر اليابان، ففي كوريا الجنوبية ينادي البعض بتسميته “بحر كوريا” أو “البحر الشرقي”، ويقولون بأن الأخير هو الاسم التاريخي للبحر، وأن اسم بحر اليابان مفروض من قبل الاحتلال الياباني لكوريا، وتؤيد حكومة كوريا الشمالية هذا الاتجاه، حيث تسميه رسمياً: بحر “كوريا الشرقي”.

الخلاف حول اسم جمهورية مقدونيا بين اليونان والجمهورية الوليدة، حيث عارضت اليونان تسمية هذه الجمهورية باسم أحد أقاليمها التاريخية.

الخلاف حول تسمية إيرلندا الشمالية، حيث يسميها الاتحاديون باسم أولستر، بينما يصر الانفصاليون القوميون على تسميتها بإيرلندا الشمالية، إنكاراً للسيادة البريطانية عليها.

أيضاً الخلاف الناشب منذ الستينيات حول تسمية الخليج العربي. والخلاف حول اسم بريتوريا (الاسم الاستعماري للمدينة) ومحاولة تغييره إلى اسم أفريقي هو تشوان، والتي تمت سنة 2005 ولكنها لم تعتمد رسمياً من الجهة المختصة.

الخلاف حول اسم الضفة الغربية التي يسميها الإسرائيليون باسم “يهودا والسامرة”، كذلك الخلاف حول اسم صربيا (بالإنجليزية: Serbia) وتغييره إلى صرفيا (بالإنجليزية: Servia) والذي حدث بالفعل في بدايات الحرب العالمية الثانية.

آخر الأخبار
قادمة من ميناء طرابلس..الباخرة "3 TuwIQ" تؤم  ميناء بانياس "الزراعة الذكية"  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات   "التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي "تربية حلب" تواصل إجراءاتها الإدارية لاستكمال دمج معلمي الشمال محافظ إدلب يلتقي "قطر الخيرية" و"صندوق قطر للتنمية" في الدوحة "تجارة دمشق": قرار الاقتصاد لا يفرض التسعير على المنتجين