الثورة – ربا أحمد:
أصبح الكثير من الموظفين والصيادلة والأطباء في محافظة طرطوس اليوم يصفون التأمين بالعبء، وبأنه تحول من حل إلى مشكلة حقيقية، فهناك موظف ينتظرعودة التأمين، بينما آخر يبحث عن صيادلة وأطباء يتعاملون مع هذه الخدمة بعد تهرّب معظمهم، نتيجة تأخير مستحقاتهم وتجميدها في البنوك.
أموال مجمدة
في لقاء لصحيفة “الثورة” مع عدد من صيادلة مدينة طرطوس، أوضحوا أن شركات التأمين تقوم بتحويل مستحقاتهم من الوصفات إلى البنوك بعد فترة طويلة من الانتظار، ولكن الصيدلاني يقع في فخ عدم القدرة على سحب أمواله، حيث لا تتجاوز قيمة السحب 200 ألف ليرة أسبوعياً فقط من البنوك، بينما قيمة الأدوية المصروفة تتجاوز العشرة ملايين، لذا اضطر الكثيرون منهم، إما إلى التهرب من الموظف المؤمّن أو باتوا يبيعون لعدد محدود جداً من المؤمّنين خلال الشهر.
وأشار الصيادلة إلى أن خسائرهم كبيرة، والديون باتت تتراكم عليهم لمستودعات الأدوية، فالأخيرة أيضاً لا تقبل بالتحويل المالي عبر البنوك لصعوبة سحب مستحقاتها، وإن تعاون صاحب أحد المستودعات، فيكون ذلك مقابل تحميل أدوية ليست أساسية أو مواد عطرية وتجميلية غير مطلوبة على فاتورة الشراء.
هل نبيع مجاناً؟
الصيادلة تساءلوا: هل نبيع الأدوية مجانا للمريض؟! فالأموال مجمدة في البنوك، بينما هم يدفعون ثمن الدواء للمعامل والمستودعات بشكل أسبوعي، علماً أن شركات التأمين أصبحت تتواصل مع الصيادلة لإدخال الوصفات، وتهدد بإلغاء اشتراك الصيدلاني، معتبرين أن مستحقات الأخير تصله عبر التحويل ويتقاضى أمواله.
وهنا لفت أحد صيادلة الريف إلى أن قيمة شرائه الأسبوعي للأدوية 800 ألف ليرة، بينما قيمة وصفات التأمين تتجاوز المبلغ بأضعاف، متسائلاً كيف سيبيع الأدوية للمؤمّن؟ وأكد أن التأمين كان نعمة على المريض والصيادلة والأطباء، بينما اليوم هو نقمة، والكثيرون خرجوا من الخدمة.
مواطنون بالانتظار
بالمقابل، ما زالت الكثير من المؤسسات والدوائر الحكومية خارج التأمين، بالرغم من أن الوزارة التي يتبع لها الموظف تقوم باقتصاص قيمة التأمين من راتبه منذ بداية العام، وهو خارج تلك الخدمة، وعند سؤاله شركات التأمين عن السبب، فيكون جوابهم وزارتكم لم تدفع مستحقاتها بعد.
حيث أكدت الموظفة يسرى موسى أن قيمة الضمان الصحي كانت 14 ألف ليرة، بينما اليوم، وفق بيان الراتب، يتم اقتصاص 42255 ليرة، وهذه المبالغ دفعت جميعها منذ بداية العام من دون الاستفادة منها بأي وصفة.
بينما أشار الموظف علي محمد إلى أنه لم يستطع إجراء عمل جراحي بتكلفة 15 مليون ليرة، وينتظر تفعيل التأمين الذي سيدفع ما يقارب 8 ملايين للمشفى، وهو عاجز اليوم عن دفع المبلغ كاملاً.
وأكدت الموظفة روعة مصطفى أن العديد من الصيادلة خرجوا من خدمة التأمين، نتيجة التأخير بتحصيل أموالهم، وأصبح المؤمّنون في القرى يعتمدون لصرف الوصفات على صيادلة المدينة، وهم قليلون، آملة تقديم التسهيلات، لأن حالة التأمين أصبحت عبارة عن توسل وترجٍّ.
للإجابة عن الأسئلة التي شملت الإشكالات السابقة، تواصلت مراسلة الصحيفة مع إدارة التأمين في فرع طرطوس، إلا أنه “لا جواب”، بالرغم من مرور أكثر من شهر.
لذا نضع هذه المشكلات ونطرحها لعلها تجد آذاناً مصغية.
ويبقى السؤال اليوم: هل فعلاً أصبح التأمين الصحي نقمة بدل أن يكون نعمة على الموظف؟!