الثورة-أسماء الفريح:
حدد ملتقى الشراكة والاستثمار السعودي السوري الأول من نوعه على مستوى القطاع الخاص الذي عقد في العاصمة الرياض أمس ملامح وفرص الشراكة والاستثمار بين المملكة العربية السعودية وسوريا في 12 قطاعاً اقتصادياً واعداً، وأعلن عن عدد من التوصيات والمبادرات العملية لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
ونقلت واس عن رئيس مجلس الأعمال السعودي السوري محمد بن عبد الله أبو نيان قوله في كلمته خلال الملتقى: إن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود والسيد الرئيس أحمد الشرع وضعا أساساً متيناً للشراكة الاقتصادية بين البلدين، مبيناً أن العلاقة لن تكون صفقات واقتناصاً للفرص ولكن شراكة شاملة بالتعاون بين المستثمرين السعوديين والسوريين.
وكشف أن المجلس سيعمل على فتح مكتب لخدمة المستثمرين من الجانبين، كما أعلن أن القطاع الخاص السعودي سيكون الشريك الأول لسوريا وستصبح الاستثمارات السعودية الأكبر والأنجح لمصلحة الاقتصاد السوري.
من جانبه أكد الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية لتسويق الاستثمار خالد بن صالح الخطاف في كلمته، أن تنظيم الملتقى يأتي امتداداً للاجتماعات السابقة بين الجانبين، ويُعد خطوة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين المملكة وسوريا، مشيراً إلى أن توقيع اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة بين البلدين يُشكل نقلة نوعية في مسار العلاقات الاستثمارية المشتركة.وأوضح أن سوريا تستعد لمرحلة جديدة من البناء والإعمار بما يفتح آفاقاً واسعة أمام المستثمرين في مختلف القطاعات.
وبين أن الاستثمارات السورية في المملكة بلغت 8.4 مليارات ريال عام 2023 بارتفاع 13% عن العام السابق، فيما بلغ عدد التراخيص الاستثمارية الممنوحة للسوريين في المملكة عام 2024 نحو 3225 ترخيصاً فعالاً بزيادة قدرها 146% مقارنة بالعام الذي سبقه مشيراً إلى أن الشركات السورية العاملة في السوق السعودي أسهمت بتوظيف أكثر من 61 ألف موظف بينهم 14 ألف سعودي.
وتابع الخطاف أن سوريا تمتلك فرصاً استثمارية واعدة في عدة قطاعات، حيث تضم أكثر من 6.1 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة، واحتياطيات ضخمة من الفوسفات تُقدّر بـ 1.8 مليار طن، إضافةً إلى إمكانات كبيرة في مشاريع الطاقة الشمسية نظراً لمعدلات السطوع العالية التي تتجاوز 300 يوم سنوياً.
وأكد أن هذه الفرص لا تقتصر على بعدها الاقتصادي فحسب، بل تمثل أيضاً رافعة للاستقرار الاجتماعي عبر إيجاد مئات الآلاف من فرص العمل للشباب السوري وتعزيز التنمية المستدامة، موضحاً أن ذلك يتناغم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز شراكات المملكة الإقليمية والدولية، وخاصة أن سوريا تمثل عمقاً إستراتيجياً عربياً وبوابة نحو شرق المتوسط وأوروبا.
وبين أن الملتقى يمثل منصة لإطلاق مشاريع نوعية في العقار والطاقة والنقل والزراعة والتقنية، مشدداً على التزام حكومتي المملكة وسوريا بتقديم جميع أشكال الدعم لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة وتنافسية، وبما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.
بدوره أكد وكيل محافظ الهيئة العامة للتجارة الخارجية للعلاقات الدولية عبد العزيز بن عمر السكران أن الملتقى يأتي لتعزيز الشراكة التجارية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين، بما يسهم في دفع مسيرة العلاقات المشتركة، والإسهام في إعادة إعمار سوريا وتعزيز تطورها الاقتصادي وخاصة أن المملكة وسوريا تربطهما علاقات أخوية وتاريخية وثيقة.
وأوضح أن سوريا تمرّ بمرحلة مهمة من مسيرتها الاقتصادية، تتجه خلالها نحو إعادة بناء بنيتها التحتية واستعادة دورها في حركة التبادل التجاري الإقليمي والدولي، الأمر الذي يتيح فرصاً واعدة أمام القطاع الخاص في كلا البلدين لتعزيز الاستثمارات المشتركة وتنمية الصادرات وتوسيع الشراكات الاقتصادية.
وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وسوريا شهد نمواً ملحوظاً خلال النصف الأول من العام الجاري، وبلغ نحو (900 مليون ريال) خلال الأشهر الخمسة الأولى، محققًا نسبة نمو بلغت 80% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، ومن المتوقع أن يتجاوز بنهاية العام الجاري حاجز ملياري ريال، وهو أعلى مستوى للتبادل التجاري بين البلدين خلال 13 عامًا.
وشدد على أهمية الاستفادة من مجلس الأعمال السعودي السوري بوصفه منصة مباشرة وحيوية لربط القطاع الخاص في البلدين، وتنمية الأعمال التجارية، واستكشاف الفرص الاستثمارية، وتذليل العقبات، إلى جانب دوره في تنظيم المعارض والمؤتمرات الاقتصادية.
ودعا رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين إلى المشاركة في الفعاليات الاقتصادية الكبرى التي تستضيفها المملكة، ومنها “ملتقى بيبان 25″ المقرر إقامته في تشرين الثاني المقبل ويُعد منصة رائدة لتمكين ريادة الأعمال، و”مؤتمر ليب” المزمع عقده في نيسان 2026 بصفته منصة عالمية للتقنية والابتكار، إلى جانب العديد من الفعاليات الأخرى التي تسهم في توطيد التعاون الاقتصادي وتعزيز العلاقات التجارية المشتركة.
وسلطت الجلسات الحوارية في الملتقى الذي نظمه اتحاد الغرف السعودية ممثلًا بمجلس الأعمال السعودي – السوري بمشاركة (450) من المسؤولين الحكوميين والمستثمرين السعوديين والسوريين، الضوء على الفرص الاستثمارية والشراكات الواعدة بين المملكة وسوريا، وسبل فتح قنوات تواصل مباشرة بين أصحاب الأعمال واللجان القطاعية في مجلس الأعمال السعودي السوري، فضلًا عن تعزيز مشاركة أصحاب الأعمال السوريين المقيمين في المملكة في مبادرات المجلس، إلى جانب الاستماع لمقترحات عملية تسهم في تطوير خطط اللجان القطاعية والخطة الاستراتيجية العامة للمجلس.
كما شهدت الجلسات أيضاً مناقشات متعمقة لصياغة رؤى قطاعية موحدة وبحث التحديات وفرص التكامل والتوجهات الاستراتيجية في التعاون بكل قطاع وسبل تعزيز الشراكة بين المستثمرين السعوديين والسوريين، فيما استعرضت جلسات الطاولة المستديرة بالملتقى فرص الشراكة السعودية السورية بالقطاعات الواعدة مثل: الزراعة، والصناعة، والتطوير العقاري والسياحي، والتجارة والصادرات، والبنية التحتية والطاقة والتقنية، والمال والاستثمار والتأمين.
ووفق وكالة واس فإن الأرقام تشير إلى نمو ملحوظ في حجم الاستثمارات بين البلدين، موضحة أنه خلال الفترة من عام 2003 – 2015 كان عدد الشركات السعودية في سوريا 8 و المشروعات 11 وحجم الاستثمارات 1.7 مليار ريال، أما في العام 2025 فقد بلغ عدد الاتفاقيات الاستثمارية 47 اتفاقية بحجم استثمارات تقدر بنحو 24 مليار ريال، وأما على صعيد الاستثمارات السورية في المملكة فقد بلغت في العام 2015 نحو 367 مليون ريال، لترتفع عام 2024 إلى 8.4 مليارات ريال.