الثورة – إيمان زرزور:
شهدت سوريا منذ عام 2011 أزمة شاملة انعكست على مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي ظل هذه التحولات عقب سقوط النظام البائد، برز الفن السوري – ولا سيما الدراما التلفزيونية والمسرح – كأداة للتعبير عن معاناة الشعب وتوثيق مراحل الحرب، إضافة إلى كونه مساحة للحوار المجتمعي حول قضايا معقدة مثل اللجوء والنزوح والفقر وفقدان الأمل.
أنتجت الدراما السورية أعمالاً تناولت حياة العائلات المتأثرة بالحرب، عبر تصوير النزوح الداخلي، فقدان المأوى، وانهيار العلاقات الاجتماعية، فيما جسدت بعض المسلسلات معاناة اللاجئين السوريين في دول الجوار وما يواجهونه من تحديات يومية، كما استخدمت الدراما كوسيلة غير مباشرة لنقد الفساد وغياب العدالة والانقسام الاجتماعي، وتطرقت أعمال أخرى إلى انعكاسات الحرب على القيم الإنسانية مثل التضامن والخيانة والخوف.
واجهت الدراما السورية تحديات كبيرة، أبرزها الرقابة السياسية والأمنية التي حدّت من حرية الطرح، إلى جانب انقسام الإنتاج بين الداخل والخارج، مما أدى إلى تباين في الخطاب الفني، فضلاً عن ضعف التمويل والإمكانات الذي انعكس على قدرة الإنتاج على الاستمرارية وتقديم أعمال ذات جودة عالية.
أما المسرح، فقد ظل مساحة للمقاومة الثقافية رغم الظروف القاسية، حيث واصل بعض المخرجين والفرق المسرحية تقديم عروض خاج سوريا، كتعبير عن الإصرار على إبقاء الثقافة حيّة، وعكست مسرحيات عديدة الألم اليومي وطرحت أسئلة حول الوطن والانتماء، كما وُجهت مشاريع مسرحية للأطفال في المخيمات لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وكان لمسرح الشارع دور في الوصول إلى الناس البسطاء وإيصال رسائل مباشرة عن الأمل والسلام.
يرى فنانون وحقوقيون أن الفن السوري يجب أن يتحوّل إلى وثيقة حيّة تحفظ ذاكرة السوريين وتمنع تشويهها أو محوها، وأن هذه الأعمال تشكل جسراً للتواصل مع العالم الخارجي لفهم معاناة الشعب السوري من زاوية إنسانية.
ويمكن القول إن الدراما والمسرح السوريين لعبا دوراً مهماً في توثيق الأزمة السورية، ورغم التحديات السياسية والاقتصادية وتفاوت مستويات الحرية والإبداع، سيبقى الفن شاهداً على واحدة من أصعب المراحل في تاريخ سوريا.