شاكوش لـ “الثورة”: ثورتنا ثورة وعي وفكر لا تقلّ في أهميتها عن معركة السلاح

الثورة – رنا بدري سلوم:

ابتسام.. الاسم الذي يحمل معاني السعادة والفرح، قد يخبئ خلف أسواره معاناة لا يمكن أن نمرّعليها مرور الكرام، وما إن تقول لها عرّفينا عن نفسكِ.. إلا ويكون المنشأ أبجديّة البدايات “من اللاذقية – الحفة.. حمويّة المولد والنشأة”.

هكذا سمعنا عنها واثقة باسقة تحمل وطنها موقفاً وقضيّة، كان لنا معها وقفة مع الذات في خضمّ ما عاشته، من تهجير واستبعاد قيدها من إدارة اتحاد الكتاب العرب السابقة آنذاك، والذي قام مؤخراً بإدارته الجديدة إعادة عضويّة نحو أربعين عضواً كان مفصولاً لأسباب سياسيّة أو غيرها زمن النظام المخلوع، وفقاً لما صرّحه رئيس الاتحاد الدكتور محمد طه العثمان للثورة، وأنه تمّ طباعة البطاقات الجديدة للمستبعدين بعد عودتهم وكان على رأس القائمة الروائيّة ” ابتسام شاكوش ” التي روت في حديثها الشفاف للثورة عن أيام العزلة والهجرة والحريّة التي طال انتظارها.

عودة ميمونة

“بعد أيام قليلة اتصل بي أحدهم عبر “الماسينجر” ليخبرني، هكذا بالحرف “جرى ترقين قيدك من اتحاد الكتاب العرب”، لست آسفة ولا نادمة على خروجي من البلد بهذا الشّكل، ولن أغيّر موقفي من أجل اتحادكم، كوني أديبة لا ينتظر إقرار اتحادكم، ما زلت أكتب، وتلقى كتبي من الاهتمام هنا ما افتقدته في اتحادكم، كلّ الجوائز التي حصلت عليها لم يكتب عنها جملة واحدة في وسائل الإعلام التابعة لكم، أنا سعيدة بهذه الهجرة، تنتظرني الكثير من المهمات والواجبات هنا”.

هكذا تلقت شاكوش الصدمة، لكنها وبعد سنوات طوال تعود بالأمس إلى الاتحاد في ظل سوريا الجديدة، تقول: “أستردُّ حقوقي، وأتابع مسيرتي الأدبية، مع الكثيرين ممن جرى ترقين قيودهم، شاكرين الله على نعمة تحرير سوريا من الظالمين، شاكرين الإدارة الجديدة على استرداد حقوقنا”.

قصّتي والهجرة

هُجّرت ابتسام شاكوش مع من هُجروا بعد معركة الحفّة الكُبرى في حزيران سنة، 2012.

تصف لنا كيف وصلت سيراً على الأقدام إلى هاتاي في تركيا، مع مجموعة كبيرة من العائلات، من أطفال ونساء وعجائز، وهنا كما قالت: “كان لا بدّ من توثيق هذه الرحلة في روايات، وبما أنّني عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالميّة منذ سنة 2007 اهتمت الرابطة بوجودي في تركيا وبأعمالي الأدبيّة، لذلك تمت ترجمة أول روايتين من رواياتي إلى اللغة التركيّة وجرى توزيعهما على الجامعات التركيّة، اهتمت الجامعات بهذا الأدب واعتبرته صنفاً أدبياً جديداً سمي ” أدب التهجير”، الروايتان هما ” وقع الخطى” التي تحكي تفاصيل رحلة هجرتنا، و”ابن المجرم” تحكي عن الأطفال الذين استشهد أو اعتقل آباؤهم في ثورة الثمانينّات وعاملهم النظام المخلوع على أنهم أبناء المجرمين، نشرت أيضاً مجموعة قصصيّة بعنوان “بين الخيّام”، نالت اهتماماً إعلاميّاً كبيراً، وجرى ترجمة بعض نصوصها إلى اللغة الإنكليزية، ونشرت في مجلة أمريكية بواسطة الدكتورة الأميركية مريم كوك.

كثيرة هي العروض التي تلقتها شاكوش للسفر واللجوء الى أوربا.. لكنها رفضتها جميعاً وقرّرت السّكن في مخيم اللاجئين، ليقينها أن مهمّة الأديب الحقيقية هي نشر الوعي بين الناس وليس كتابة القصص والقصائد والإطلال على الناس من البرج العاجي، ثورتنا ثورة وعي وفكر لا تقل في أهميتها عن معركة السلاح، بل ربما تتفوّق عليها، وفقاً لشاكوش وتضيف” لو لم نتمكن من نشر الوعي بين الناس لضاعت علينا كل التضحيات التي قدمناها في هذه الثورة، من أجل هذا كان إنشاء المركز الثقافي بالمخيم”.

تعليم وثقافة في المخيمات

” سكنت مخيّم جيلان بينار، القريب من رأس العين التركيّة، بعد جولة على مصر والسعودية والأردن، أبحث بها عما أستطيع عمله في هذه الظروف، بدأت بتنظيم عملية التعليم في خمس عشرة مدرسة ابتدائية ومدرسة اعدادية بدوامين ومدرسة ثانوية واحدة، عملنا هيئة لإدارة هذه المدارس من سبعة أشخاص، تشبه مديرية التربية، ثم سافرت بنفسي إلى غازي عنتاب حيث الحكومة المؤقتة طلبت منها الكتب والقرطاسية، ثم إلى اسطنبول حيث هيئة العلم فأرسلت إليّنا الكتب والقرطاسيّة، وبدأت المدارس في عمل حقيقي”.

وتتابع حديثها شاكوش بشوقٍ: التفتنا إلى إنشاء مركز ثقافي هو الوحيد من نوعه في مخيّمات اللجوء، اشتغلت فيه مع فريق من الشباب والنساء على احتياجات كل الشرائح الاجتماعية في ذلك المخيم المؤلفة من عدد يقارب الخمسة والثلاثين ألف نسمة تزيد وتنقص وفق موجات الهجرة والهجرة المعاكسة.

في المركز الثقافي كان لدينا محاضرة أسبوعيّة، موضوعها السياسة والاقتصاد والتاريخ والجغرافية، يحاضر بها أساتذة من الجامعات التركيّة، بهدف الإيضاح لكي يعرف هذا الشّعب لماذا قامت الثورة، أسبابها وأهدافها، وعرض حقيقة التاريخ والجغرافية التي درسناها مزوّرة في معظم مناهجنا الدراسيّة.

وأقمنا دورات لتعليم الشّباب من الجنسيّن الكتابة الأدبية، من شعر وقصة ورواية، وأقمنا لهم المسابقات، والأمسيات الأدبية في المركز الثقافي، وقد تخرّج من هذه الدوّرات أدباء حصلوا على جوائز من خارج إطار المخيّم.

وتضيف شاكوش أقمنا في المركز الثقافي للنساء دورات في الإسعافات الأوليّة والتمريض، ونظمّنا ورشة للنسيج اليدوي” كروشيه” كانت تقدم دخلاً ماليّاً لا بأس به للنساء هناك، وأقمنا دورات تقوية في المواد الأساسيّة وأشياء أخرى.

تأهيل وتعليم

ومن أهم ما اعتبرته شاكوش من إنجازات المركز الثقافي هو تعليم وتأهيل الفتيان المنقطعين عن المدارس بسبب النزوح، ومنهم من لم يدخل مدرسة أبداً وقد صارت أعمارهم فوق العشر سنوات، عملنا لهم شعبة خاصة، علّمناهم القراءة والكتابة والعلوم والرياضيّات حتى صاروا في مستوى من العلم يناسب أعمارهم، فنقلناهم إلى المدارس النظاميّة، وكانوا من قبل يدورون بين الخيام، بلا علم ولا مهنة ولا عمل، فراغ قاتل لن ينتج إلا الانحراف وربما الجريمة، عدد المتخرّجين من تلك المدرسة يقارب الخمسمئة طفل. لم يأخذ مركزنا تمويلاً من أيّ منظمة أو جمعيّة، كل ما كان يصلنا هو تبرّع شخصي من أصدقاء وزملاء أعرفهم ويعرفونني بشكل شخصي، أما العون الأكبر فكان يأتينا من المغتربين من أهل مدينة حماة، كنت وما زلت أصرّح بأنّي أحبّ حماة وأهل حماة حيثما وجدوا لم يخذلوني وما وجدت منهم إلا كلّ خير، وأوجه التحية عبر منبركم لكل من ساعدنا في عملنا ذاك ولكل من دعم، تحيّة للسيدة هيام عقيل التي رافقتني منذ بداية عملي في المخيّم، وكذلك الأستاذ منوّر الناجي.

أرض الحريّة

رجعت شاكوش إلى وطنها، تتابع مهمتها الأدبيّة، تقول: زرت قريتي، استقبلني أهلي وجيراني بكثير من المحبّة والشوق، وقابلتهم بمثله وبأضعافه، سعيدة بهذا الفتح العظيم، سعيدة بعودتي وعودة المهجرين إلى الديار.

اذكر جيداً بعد مغادرتي الأراضي السوريّة مع الكثير من العائلات، برفقة أصوات الرصاص والمدفعيّة ورشاشات الطائرات المروحيّة، وصلت الأراضي التركيّة، اعتراني شعور بأنّي صرت في مكان لا سلطة لحكومة الأسد المخلوع عليه، شعرت بالحريّة، وتنفّست الصعداء، وها أنا اليوم أعود كسنونوة إلى حضن وطنها الدافىء، تشهد قيامة سوريا جديدة، أتنفس فيها الحريّة والحياة والجمال.

آخر الأخبار
الهندسة الاجتماعية .. فن اختراق العقول بدل الأجهزة " نقل " حلب تعود بعد تأهيلها وشروط محددة  لمنح تراخيص العمل  تجربة يعيشونها لأول مرة ..  رابطة الجالية السورية في فرنسا تنتخب مجلس إدارتها مجمع قمامة الإدعشرية شرقي دمشق من دون بديل ووعود منذ ٣٠ عاماً باحثة روسية لـ"الثورة": موسكو تسعى لتعزيز علاقتها مع دمشق للحفاظ على نفوذها في المنطقة برنامج الأغذية العالمي يتفقد الأضرار في بصر الحرير بدرعا يشكون "التهميش الصامت ".. طلاب البكالوريا المهنية-المعلوماتية : الامتحان غامض والكادر غائب رفع التلوث من أمام مستشفى درعا الوطني النظام الضريبي الفعال في ظل الدور الجديد للدولة خبراء لـ " الثورة": الضرائب تحوّلت إلى أتاوات وأبوا... مذكرة تفاهم سورية تركية للتعاون في النقل البري الدولي  خطط إسعافية لمواجهة تراجع تخزين سدود طرطوس "العفو الدولية" تحذر من النقص الحاد في الدعم الصحي والقانوني للناجين من التعذيب في سوريا الصفر الحكومي وزيادة الرواتب مصدر إعلامي: لا صحة لما تم تداوله حول محاولة اغتيال الرئيس الشرع في درعا ما تحتاج إليه حلب لتعود قلباً اقتصادياً أهالٍ من ريف دمشق: تحسن الكهرباء.. انفراج مؤقت أم بداية تغيير دائم؟ لجذب الاستثمارات.. الخبير أكريم يقترح صفر ضرائب مغتربون يعودون برؤى عالمية... يتطلعون لمساهمة حقيقية تجاه بلدهم إصلاح الأعطال على الشبكة الكهربائية في خان أرنبة الأكشاك .. هل هي لذوي الاحتياجات أم مازال يشغلها مخبرون ونافذون؟!