“البسطات” في حلب.. شريان الحياة وتحدّي البقاء

الثورة – فؤاد العجيلي:

وسط أزقة أسواق حلب وساحاتها التي شهدت قروناً من ازدهار التجارة، وفي ظل ترميمات لم تكتمل بعد سنوات الدمار، تنبض حلب اليوم بحياة مختلفة، كانت تصدر الأقمشة والقطن وصابون الغار إلى العالم، تحولت أرصفة المدينة وساحاتها إلى ميدان اقتصادي بديل، هو اقتصاد البسطات، هذا الاقتصاد الذي يشكل شريان حياة لمئات الآلاف، ويكشف عن معادلة البقاء في مدينة خسرت 40 بالمئة من اقتصادها الوطني.

من الصناعة إلى “البسطة”

كانت حلب تساهم بـ50 بالمئة من الصادرات الصناعية السورية قبل الثورة، لكن التدمير الممنهج الذي قامت به قوات النظام البائد حوّل الآلاف من العمال والصناعيين إلى باعة متجولين- ووفق إحصائيات شبه رسمية، بلغت نسبة البطالة 60 بالمئة، وارتفع معدل الفقر إلى 85 بالمئة في بعض أحياء المدينة، ما جعل البسطة ملاذاً أخيراً.
تراث التجارة: لم تكن البسطات غريبة عن حلب التي تضم أقدم غرفة تجارة في الشرق الأوسط والتي تأسست عام 1885، لكنها تحولت من نشاط تكميلي إلى أساسي بعد أن خسرت 24 بالمئة من مساهمتها في الناتج المحلي.
تسلسل هرمي: إذ كانت السلسلة تبدأ من “مورّدي الجملة” (غالباً مهربون) وصولاً للباعة الذين يدفعون “رسوم حماية” لميليشيات أو جهات أمنية تعمل تحت مظلة النظام المخلوع.
تمويل عائلي: 70 بالمئة من البسطات تعتمد على تمويل ذاتي أو قروض عائلية بفائدة قد تصل إلى 30 بالمئة شهرياً.

صراع البقاء على الرصيف

تحديات عديدة تواجه أصحاب وعاملي البسطات، منها ما يتعلق بالبنية التحتية، كانقطاع الكهرباء 20 ساعة يومياً، الأمر الذي يعطل حفظ السلع القابلة للتلف، إضافة إلى حملات الإزالة العشوائية بحجة “تشويه المنظر العام وإعاقة الحركة، ما يعرضهم لمصادرة البضاعة وغرامات تصل إلى 50 بالمئة من رأس المال، رغم أنها– أي البسطات– تشكل المصدر الوحيد لدخل الفرد والأسرة، مع الإشارة إلى أن 90 بالمئة من الباعة يعملون من دون تراخيص، ما يجعلهم خارج مظلة الحماية الاجتماعية.

مقترحات برسم المعنيين

“الثورة” التقت العديد من أصحاب البسطات، سواء المرخصة أم غير المرخصة، الذين أجمعوا على أن البسطات أصبحت حاجة اقتصادية لتحسين الواقع المعيشي واستقرار العائلات، ومساعدة طلاب الجامعات، إذ يعمل عشرات طلاب الجامعة بائعي بسطات ضمن المناطق القريبة من الحرم الجامعي بحلب.
الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الحميد الحلبي، أوضح أنه بات من الضروري إحداث مناطق تجارية مؤقتة في الساحات والتجمعات يشغلها بائعو البسطات برسوم رمزية، مع توفير ثلاجات جماعية مدعومة بالطاقة الشمسية لحفظ المواد الغذائية، ومنح رخص مؤقتة “بائع متجول”، يمكن أن يكون ضمن المحاور القريبة من المدارس والمستشفيات.
اقتصاد البسطات في حلب ليس شاهداً على الفشل، بل هو دليل على المرونة التي تجعل المدينة تقاوم الموت الاقتصادي، والنماذج التي أبدعها الباعة في التمويل والتسويق تشي بقدرة قد تقود نهضة جديدة إذا جرى دمجها في استراتيجية إعمار شاملة.
وكما قال تاجر الأقمشة السبعيني أبو محمود: “اللي بيقدر ينقّب بين الركام، قادر يبني من الصفر”.. والسؤال الأصعب: هل تسمح الأطر المؤسسية لهذا الأمر أن يتحول من اقتصاد بقاء إلى نموذج تنمية؟

آخر الأخبار
توقيع عقود تصديرية.. على هامش فعاليات "خان الحرير- موتكس"     تشكيلة سلعية وأسعار مخفضة.. افتتاح مهرجان التسوق في جبلة السياحة تشارك في مؤتمر “ريادة التعليم العالي في سوريا بعد الثورة” بإستطاعة 100ميغا.. محطة للطاقة المتجددة في المنطقة الوسطى "خان الحرير - موتكس".. دمشق وحلب تنسجان مجداً لصناعة النسيج الرئيس الشرع أمام قمة الدوحة: سوريا تقف إلى جانب قطر امتحان موحد.. "التربية" تمهّد لانتقاء مشرفين يواكبون تحديات التعليم خبير مالي يقدم رؤيته لمراجعة مذكرات التفاهم الاستثمارية أردوغان: إســرائيل تجر المنطقة للفوضى وعدم الاستقرار الرئيس الشرع يلتقي الأمير محمد بن سلمان في الدوحة قمة "سفير" ترسم ملامح التعليم العالي الجديد خدمات علاجية مجانية  لمرضى الأورام في درعا الرئيس الشرع يلتقي الشيخ تميم في الدوحة الشيخ تميم: العدوان الإسرائيلي على الدوحة غادر.. ومخططات تقسيم سوريا لن تمر الحبتور: الرئيس الشرع يمتلك العزيمة لتحويل المستحيل إلى ممكن فيصل القاسم يكشف استغلال "حزب الله" وجهات مرتبطة به لمحنة محافظة السويداء ضبط أسلحة وذخائر معدّة للتهريب بريف دمشق سرمدا تحتفي بحفّاظ القرآن ومجودي التلاوة تنظيم استخدام الدراجات النارية غير المرخّصة بدرعا مطاحن حلب تتجدد بالتقنية التركية