“لا نحتاج الاقتباس من الخارج لنبرر أهمية الثقافة لأنَّ بلدنا علّم الدنيا كيف يُنقش الحرف، ويُقرأ الشعر، وتُكتب الموسيقا لأنَّنا أبناء أوغاريت، وورثة جداريات تدمر، وحَفَظَةُ تراتيل معلولا، وخطبة عمر بن عبد العزيز في الجامع الأموي، لذلك فإنَّ الدفاع عن الثقافة دفاع عن سوريا نفسها”.
لعلي اليوم مؤمنة أكثر مما مضى أن الثقافة ستغدو حرة منعتقة من القيد بعدما كانت مكبلة، ومتفائلة أكثر بمستقبلها السوري، وذلك بعد كلمة وزير الثقافة الشاعر محمد ياسين صالح أمس في افتتاح ملتقى الكتّاب السوري، وأنني أكثر تفاؤلاً بعد التعاون بين الوزارة واتحاد الكتّاب العرب..
لم تكن كلمات الملتقى مؤثرة وحسب، بل وضعت يدها على الجرح، تضع النقاط على الحروف في المرحلة الصعبة، أعدت قراءتها مراراً وتكراراً لفهم وتوضيح واكتشاف ما تحمله من معانٍ.
كلمات كتبت بشاعرية تقدّر الثقافة، وتتوق لها بأن تكون الحاضرة في كل وقت، كلمات واثقة تضع برنامجاً عملياً يجمعنا، يدرك تماماً أن العمل الثقافيّ الحقيقيّ سيدخل في المجالات المختلفة ويضم الفئات المجتمعة بتنوعها، ولن يكون فقط لطبقة المثقفين، بل صناعة مجتمعية يساهم بها الجميع بصياغة هوية ثقافية تحصّن الأمن القومي وتشد أواصر القربى بين المحافظات، ثقافة عابرة للأديان والأعراق.
نعم إنها الثقافة السورية التي لا تتمثل بكتاب وحسب، “بل بقصيدة تُكتب، ومعرض يُفتتح، وتمثال يُنحَت، وطفل يتعلّم أن يحب القراءة، هو لبنة في جدار الوطن”.
تهزم الدول حين تُهزم ثقافياً، وتُولد من جديد حين ينهض كتّابها ومفكروها وفنانوها من بين الركام، وها هم اليوم يتصدّرون المشهد الثقافي ويؤسسون لمرحلة تكون الثقافة فيها وجه الحريّة وانعتاقها.. وجهاً يستحق الحياة، ثقافة تمرّدت على الحرب.. فقرأت، وكتبت، ولونت، وغنت أن الحرب مرت من هنا، صنعت ثقافة الحريّة والسيادة والانتماء.

التالي