الثورة – عبد الحميد غانم:
في ضوء اتفاقية امدادات الغاز من اذربيجان إلى سوريا، وزيادة ساعات التغذية 4 ساعات لتصبح بالمجمل 12 ساعة، وبفاتورة استيراد (365 مليون دولار) مع حتمية رفع أسعار الكيلواط (التجاري والسكني)، وبروز ضغوط تضخمية تستدعي حالاً صياغة خطة طاقوية ومندمجة بسياسة اقتصادية.
سؤال يطرح نفسه، هل إمدادات الغاز من أذربيجان إلى سوريا كفيلة بحل أهم مشكلة، أمام بداية مسار إعادة الإعمار والدفع بعجلة الإنتاج في سوريا، كذلك مسألة الاسعار؟.
تجاوز العوائق
المستشار في شؤون الطاقة والأكاديمي الاقتصادي الدكتور زياد أيوب عربش، قال لـ”الثورة”: عملياً، السبت القادم وبحسب الاتفاقية الموقعة بين أذربيجان وسوريا، ستبدأ الإمدادات من الغاز الطبيعي بالقدوم إلى سوريا، عبر الشبكة التركية بخط الغاز باتجاه المنطقة الحدودية كيليس، ثم الشبكة السورية باتجاه حلب (المحطة الحرارية بجبرين)، وستصل كمية الواردات خلال أيام قليلة إلى مستوى 3,3 ملايين م3/ يوم بعد فترة التجربة واجتياز جميع العوائق التقنية، كون الكمية السنوية المتفق عليها 1,2 مليار م٣ ولمدة ثلاث سنوات.
وهذا ما أكده أيضاً وزير الطاقة وبما يسمح بتوليد نحو 900 ميغاواط من الكهرباء، وذلك ضمن تعاون مشترك بين شركة النفط الوطنية الاذربيجانية (Socar) والحكومة السورية – وزارة الطاقة وذلك بهدف دعم قطاع الطاقة السوري.
زيادة ساعات التغذية
وأكد عربش على الآثار الإيجابية للاتفاقية، مشيراً إلى أن تأمين هذه الكميات يعني زيادة إمدادات محطات التوليد السورية بنسبة 50 بالمئة مقارنة بما تنتجه سوريا حالياً من الغاز الطبيعي والبالغ 6 ملايين م٣/يوم، أي زيادة ساعات التغذية بنفس النسبة تقريباً كون الإنتاج الحالي من الكهرباء يقارب 2000 ميغا واط وكميات الإنتاج الإضافية ستكون بحدود 900 ميغا واط (مع وجود اتفاقية بين تركيا وسوريا بإمداد الجانب التركي لسوريا بالكهرباء مباشرة، الحدود 400- 500 ميغا واط).
ونوه عربش بالآثار الإيجابية والانعكاسات على القطاعات الإنتاجية والسكنية، وقال: ستكون بغاية الأهمية، كون زيادة ساعات التغذية للقطاعات الإنتاجية والخدمية والتخديمية، يعني تجاوز الحد الحرج في عمليات الإنتاج: من 4 ساعات إتاحية للكهرباء في المعامل حالياً إلى 6 أو 7 ساعات تغذية، وبالتالي استغلال طاقات الإنتاج، ونفس الأمر للقطاع السكني (الذي يتضمن نسبة مهمة من القطاع غير المنظم التجاري والصناعي والزراعي)، والذي يتزود بالتيار، وهو مُنتج بالمعنى الاقتصادي وإن كان غير رسمي.
آليات التسديد
وحول مسألة التسعير والدفع، بين عربش أنه لم تتضح بعد وللعلن آليات تسديد قيمة الغاز المّورد لسوريا والمعادلة السعرية المعتمدة للمتر المكعب من الغاز (والتي ترتبط عادة بنسبة معينة من سعر الفيول وبنسبة أخرى من سعر النفط الخام..).
لافتاً إلى أنه من حيث الأسعار الحالية وبحسب المناطق سيحدد سعر الغاز تبعاً للمنطقة والاتفاق بين الموّرد والمستورد، إذ لا يوجد سعر عالمي للغاز مقارنة بالنفط الخام.
واعتبر عربش أن السعر سيكون بحدود 300 ألف دولار لكل مليون م3 من الغاز، أي أقل من سعر الغاز من روسيا بحدود 50ولاراً (أسعار نهاية تموز 2025)، أي ستقارب قيمة الغاز الموّرد من اذربيجان إلى سوريا مبلغ مليون دولار يومياً، ولن تقل عن ذلك كثيراً حتى بوجود أسعار تفضيلية من دولة أذربيجان باتجاه سوريا .
أسعار الكهرباء
وأشار عربش إلى أن الحكومة السورية ستعمد إلى رفع سعر الكيلواط وبنسب جوهرية، كون السعر الحالي للكهرباء وتحديداً المنزلي لا يغطي إلا نسبة هامشية من التكلفة الحقيقية، وبالتالي سنشهد ضغوطاً تضخمية في أسعار مجمل السلع والخدمات في سوريا، وبما فيها السلع الأساسية كالخبز (المدعوم) وخدمات الصحة، الخ..، وذلك لتأمين ما يقارب 365 مليون دولار سنوياً لمجمل الكميات الموردة من اذربيجان.
خطة طاقوية
ورأى عربش أنه قبل وبعد دمج وزارة الكهرباء مع وزارة النفط بوزارة واحدة: وزارة الطاقة، لم تعلن إلى الآن خطة طاقوية متكاملة ومندمجة ضمن خطة اقتصادية محكمة الصياغة، مبيناً أن تلبية حاجات سوريا من حوامل الطاقة تفرض تكامل سياسة التصدي لمسألة الهدر والفواقد قبل أي أمر آخر مَهما كان مُهماً”.
وأوضح عربش أنه مع سياسة متابعة تنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة ثم مع بقية مصادر الطاقة، وذلك ضمن منظور اقتصادي كلي، بحيث لا تكون أسعار هذه الحوامل بمعزل عن النفع الاقتصادي العام.
فزيادة إنتاجية كل الفعاليات الاقتصادية مع مواجهة كل فواقد الطاقة وبجدية يعني تحسين الكثافة الطاقويةْ جوهرياً، أي زيادة الناتج المحلي من دون المزيد من حوامل الطاقة وفك الارتباط بين المؤشرين، وذلك باعتماد سياسة طاقوية جريئة وقابلة للتنفيذ والتتبع، على حد قول الدكتور عربش.