الثورة – إيمان زرزور
اختاركثير من اللاجئين والنازحين السوريين العودة إلى مناطقهم المدمّرة، بحثاً عن الاستقرار ولمّ الشمل واستعادة نمط الحياة الذي فقدوه خلال سنوات الحرب، إلا أن الواقع الذي واجهوه كان أكثر قسوة مما تصوروه، إذ اصطدموا بمشهد الدمارالذي طال منازلهم وبُناهم التحتية، ليجدوا أنفسهم في ظروف لا تضمن الحدّ الأدنى من مقومات العيش الكريم.
بيوت مهدّمة ومعيشة على حافة البقاء
قال عدد من العائدين إنهم وجدوا بيوتهم وقد تحوّلت إلى أكوام من الحجارة أو جدران متصدعة لا تصلح للسكن، ما دفعهم إلى نصب خيام وسط الركام، أوالإقامة في غرف بقيت جزئياً قائمة، أو في أكواخ مؤقتة شُيّدت بجوارالبيوت المهدّمة.
ويعيش كثيرون في مساكن تفتقد إلى الأسقف، تحاصرهم الجدران المهددة بالانهيار، بلا كهرباء ولا مياه نظيفة ولا شبكات صرف صحي، ومع ذلك، تستمرالحياة مدفوعة برغبة لا تنطفئ في التمسك بالوطن، رغم قسوته.
ضعف الخدمات وغياب الإعمار
أوضح الأهالي أن المؤسسات الخدمية تكاد تكون غائبة كلياً، بينما تبذل بعض المنظمات الإنسانية جهوداً محدودة لا تتناسب مع حجم الاحتياج الهائل، وبينما لا يزال ملف إعادة الإعمار معلقاً، يجد العائدون أنفسهم عالقين فعلياً بين أنقاض الماضي من دون أي خطّة واضحة للترميم أو الإنقاذ.
مبادرات فردية في وجه الدمار
أشار بعض السكان إلى أنهم رغم كلّ التحديات، يبذلون جهوداً فردية لإعادة الحياة إلى مناطقهم، من خلال ترميم أجزاء بسيطة من المنازل، أو فتح دكاكين صغيرة، أو زراعة المساحات القريبة، في محاولة للحفاظ على نبض الحياة في بيئة أنهكها الخراب.
أزمات نفسية تتفاقم
بيّن شهود أن المأساة لم تقتصرعلى الخسائر المادية، بل طالت الجوانب النفسية أيضاً، خاصة لدى النساء والأطفال.
إذ تسببت مشاهد الدمار والحرمان من الخصوصية والأمان، في خلق بيئة مشحونة بالتوتر والقلق، ما انعكس في مظاهر عدة مثل سرعة الغضب، والانفعالات الزائدة، وتزايد الخلافات العائلية، وتدهور العلاقات الأسرية نتيجة ضيق المساحة وانعدام الأمل.
الأطفال في دائرة الخطر النفسي
قال عدد من الأهالي :إن أبناءهم يعانون من تغيرات سلوكية واضحة، بينها العزلة، اضطرابات النوم، نوبات بكاء غير مستقرة، أو مشكلات في التركيز.
وتدل هذه الأعراض على حاجة ملحّة لتدخلات نفسية متخصصة، ودعم مجتمعي فعّال يُمكّن العائدين من التكيّف والتنفيس عن الضغط النفسي بطريقة صحية.
وأجمع كثير من العائدين على أن العودة إلى الديار ليست مجرد بحث عن جدران وسقف، بل هي محاولة لاستعادة الكرامة والهوية والأمل، رغم أن هذا “السقف” قد يكون مهدداً بالسقوط في أي لحظة.
الحياة وسط الأنقاض تلخّص وجع شعب يحاول أن يبدأ من جديد، في وطن ما زال مثقلاً بخراب الحرب.