الثورة – رولا عيسى
بعد موجة من الأخبار والتصريحات غير الموثوقة لدى الشارع والوسط الإعلامي، أصدر مصرف سورية المركزي قراراً حاسماً يحدد فيه قواعد التعامل مع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، واضعاً بذلك إطاراً واضحاً للخطاب الرسمي الصادر عنه.
وينص القرار على أن الحساب الرسمي للمصرف، إلى جانب الحساب الشخصي لحاكمه على المنصات المعتمدة، هما القناتان الوحيدتان المخولتان بنشر المواقف والبيانات الرسمية.
هذا التوجه يعكس رغبة المصرف في توحيد الخطاب الإعلامي وتجنب التباين أو التضارب الذي قد ينعكس سلباً على استقرار الأسواق أو على ثقة الرأي العام.
ومنع القرار بشكل صريح أي جهة، سواء من داخل المصرف أو خارجه، من إنشاء أو إدارة حسابات تحمل اسم “مصرف سوريا المركزي” أو ما يوحي بتمثيله، مؤكداً أن أي خرق يعد مخالفة جسيمة تستوجب المساءلة التأديبية، إضافة إلى الإجراءات القانونية الممكنة.
هذه النقطة تكتسب أهمية في ظل انتشار الحسابات المزوّرة أو غير الرسمية التي كثيراً ما تضلل المتابعين، خصوصاً في بيئة مالية حساسة كسوق القطع الأجنبي.
الإعلام جزء من السياسة النقدية
يمكن قراءة القرار كجزء من إدارة السياسة النقدية عبر إدارة المعلومة، فالمصرف المركزي لا يتحكم فقط بسعر الصرف والسيولة، بل أيضاً بالمناخ النفسي للسوق، وبالتالي فإن تدفق المعلومات بشكل مضبوط وموثوق يصبح أداة لا تقل أهمية عن القرارات المالية نفسها في تهدئة السوق أو توجيه التوقعات.
أكد القرار أن طلبات المقابلات أو التصريحات يجب أن تقدم حصراً إلى الفريق الإعلامي في المصرف، وهو ما يعكس محاولة لإرساء مؤسسة العمل الإعلامي، وتحويلها من مبادرات فردية أو ارتجالية إلى نشاط منظم يستند إلى رؤية استراتيجية.
تقييم ودلالات
لاشك أن القرار يعزز المصداقية والشفافية من خلال قنوات رسمية واضحة، ويشكل رادعاً ضد محاولات الانتحال الرقمي والتشويش الإعلامي، وينسجم مع اتجاه عالمي نحو حوكمة التواصل المؤسسي، خاصة في القطاعات المالية الحساسة.
نجاح القرار يتوقف على مدى فاعلية المنصات الرسمية للمصرف في تلبية انتظار الناس للمعلومة الدقيقة والسريعة، إذ أن الفراغ الإعلامي غالباً ما يُملأ بالشائعات.
قرار مصرف سوريا المركزي بتقييد التواصل الإعلامي ضمن قنوات محددة ليس مجرد إجراء إداري، بل هو خطوة استراتيجية لحماية استقرار النقد الوطني وتعزيز الثقة بالمؤسسة المالية العليا في البلاد، غير أن التحدي الأكبر يكمن في قدرة هذه القنوات الرسمية على أن تكون نشطة، تفاعلية، وذات مصداقية عالية، بحيث تغدو المرجع الأول والوحيد لكل ما يتعلق بالشأن النقدي في سوريا.