الثورة – لينا شلهوب:
جاءت مشاركة وزارة التربية والتعليم في معرض دمشق الدولي عبر جناح متكامل يعكس دورها المحوري في بناء الإنسان وتطوير المجتمع، وإبراز جهودها في مختلف المستويات، وتبني أساليب تعليمية حديثة، وتوسيع نطاق التعليم المهني والرقمي.
إن تخصيص جناح للوزارة في هذا المحفل الدولي لا يعتبر مجرد حضور رمزي، بل هو خطوة استراتيجية تهدف إلى تسليط الضوء على مكانة التعليم باعتباره حجر الأساس في النهضة الوطنية، والتعريف ببرامج الوزارة وإنجازاتها، وإبراز دورها في ربط العملية التربوية بمتطلبات سوق العمل والاقتصاد الوطني.
رسالة تربوية
انطلاقاً من رسالتها التربوية، بينت مدير التعليم التقني والمهني في الوزارة سوسن حرستاني في تصريح لصحيفة الثورة أن وزارة التربية والتعليم خلال جناحها في معرض دمشق الدولي سعت إلى تحقيق جملة من الأهداف، منها التعريف بطرق دمج مفاهيم حديثة مثل التربية البيئية، التحول الرقمي، والريادة، كذلك إبراز دور التعليم المهني والتقني في رفد سوق العمل بكوادر مؤهلة قادرة على دعم الاقتصاد الوطني، مع عرض منتجات تعليمية مبتكرة تشمل كتباً ووسائل تفاعلية وبرمجيات رقمية، بالإضافة إلى تعزيز التواصل مع المجتمع عبر الاستماع لآراء الزوار وطرح مبادرات للتعاون، وتأكيد الهوية الوطنية للتعليم وإبراز دوره في بناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات العصر.
محتويات الجناح والمنتجات المعروضة
ولفتت حرستاني إلى أن جناح وزارة التربية والتعليم في معرض دمشق الدولي تنوّع ليشمل مختلف جوانب العملية التربوية والتعليمية، كما جاء محمّلاً بعناصر مميزة لاقت اهتماماً كبيراً من زوار المعرض، ومن أبرز ما تضمنه، عرض نسخ من مجموعة من الكتب الدراسية مع شرحٍ للتوجهات التربوية التي اعتمدت عليها الوزارة، مثل التركيز على التفكير النقدي، التعلم النشط، والمهارات الحياتية، الوسائل التعليمية الحديثة، وشمل الجناح شاشات عرض ولوحات تفاعلية ووسائط سمعية وبصرية، تساعد في تبسيط المعلومات وجعل عملية التعلم أكثر جذباً وفاعلية.
المنصات الرقمية.
وعرضت الوزارة المنصة الوطنية للتعليم الإلكتروني، التي تضم دروساً افتراضية ومواد تفاعلية، بما يعزز من التعليم عن بُعد ويدعم دمج التكنولوجيا في التعليم، كذلك التعليم المهني، إذ خصصت مساحة بارزة ضمن الجناح للتعليم المهني، باعتباره أحد أهم محاور تطوير العملية التعليمية وربطها بالاقتصاد، وتضمّن هذا القسم، مجموعة من الأعمال الخشبية، وعُرضت نماذج من إنتاج طلاب المدارس المهنية في مجال النجارة وتصميم الأثاث، ما يبرز مهارات عملية عالية المستوى.
المعلوماتية والبرمجة
كما عُرضت مشاريع طلابية في مجال تصميم البرمجيات والتطبيقات، بالإضافة إلى برامج تدريبية تؤهل الشباب لدخول سوق العمل في مجالات تقنية المعلومات، كذلك تم عرض مجموعة من المنسوجات، التي ميّزت الجناح، عبر عرض منتجات نسيجية من إنتاج الطلاب، مثل الأقمشة والملابس المصنوعة بأيديهم، والتي تجمع بين الحس الفني والتقني.
هذا القسم عكس بوضوح التوجّه نحو جعل التعليم المهني خياراً أساسياً للشباب، وليس مساراً ثانوياً، ما ينسجم مع حاجات السوق ويعزز الاعتماد على الكفاءات الوطنية، كما كان هناك ركن الموهوبين والإبداع الطلابي، وفيه عُرضت مشاريع ابتكارية في الروبوت والعلوم والفنون، ما جسّد أهمية رعاية الطاقات الشابة وتحفيزها على الابتكار.
أبعاد المشاركة
مشاركة وزارة التربية والتعليم لم تقتصر على الجانب التعريفي، بل حملت أبعاداً عميقة يمكن تناولها من خلال ترجمتها على صعيد البعد التربوي، من خلال عرض المناهج والوسائل التفاعلية الحديثة التي تعزز جودة التعليم، والبعد الاقتصادي، من خلال حضور التعليم المهني (الأخشاب، المعلوماتية، المنسوجات) يؤكد الدور المباشر للتعليم في رفد السوق بكوادر منتجة، وكذلك البعد الاجتماعي، الذي فتح المجال أمام الزوار للتفاعل مع المعروضات، وخلق جسور تواصل بين الوزارة والمجتمع، وهناك البعد الثقافي، فعرض المنتجات الطلابية جسّد ارتباط التعليم بالهوية الوطنية وبالثقافة الإنتاجية، كما كان للبعد التكنولوجي دور في إبراز المنصات الإلكترونية ومشاريع البرمجة، وظهر مدى التوجه نحو مجتمع معرفي رقمي.
تعزيز صورة التعليم المهني
أثمرت هذه المشاركة عن نتائج ملموسة وإيجابيات متعدّدة، منذ اليوم الأول للمعرض، ويمكن تلخيصها عبر تعزيز صورة التعليم المهني، وإزالة الصورة النمطية عنه كخيار ثانوي، وإبرازه كمسار أساسي يساهم في التنمية، ورفع وعي المجتمع بأهمية تحديث المناهج وربطها بالعلوم الحديثة والمهارات العملية، كما يتم تشجيع الطلبة على الإبداع، خاصة بعد عرض إنجازاتهم في الخشب والبرمجة والمنسوجات، مع تعميق ثقافة العمل والإنتاج، من خلال إبراز قدرة التعليم على تقديم منتجات حقيقية يمكن أن تدخل السوق، مع دعم التحول
الرقمي من خلال المنصات الإلكترونية والمشاريع البرمجية، كذلك فتح آفاق التعاون مع مؤسسات اقتصادية ومهنية لتعزيز التعليم المزدوج وربط المدرسة بالمعمل، علاوة على ترسيخ الهوية الوطنية عبر دمج العمل والإبداع بالجانب التربوي والثقافي.
لقد جاءت مشاركة وزارة التربية والتعليم في معرض دمشق الدولي بجناح شامل ومتنوع لتعكس رؤية وطنية واضحة تقوم على تطوير التعليم بجميع مساراته، ولا سيما التعليم المهني الذي، أُفرد له قسم خاص عرض فيه الطلاب إبداعاتهم في مجالات النجارة والأعمال الخشبية، المعلوماتية والبرمجة، وصناعة المنسوجات، هذه المشاركة لم تكن عرضاً شكلياً، بل جسّدت تكاملاً بين التربية والإنتاج، بين النظرية والتطبيق، وبين المدرسة وسوق العمل.
إن ما يحققه الجناح من تفاعل وإقبال جماهيري، وما قدّمه من صورة واقعية عن إمكانات الطلاب وكفاءاتهم، يؤكد أن التعليم الوطني يسير بخطا ثابتة نحو بناء أجيال قادرة على الابتكار والإنتاج، ومن هنا، يمكن القول إن مشاركة وزارة التربية والتعليم في هذا المعرض لم تكن مجرد محطة للتعريف بجهودها، بل كانت إعلاناً عملياً عن أن التعليم هو الاستثمار الأنجح لمستقبل الوطن.