رسائل ما قبل فيينا

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـلي قـاسـم:
تستقصي «فيينا» قبل المباشرة بنصب طاولاتها رسمياً عن جملة من الرسائل المتأرجحة، وإن بدت في بعضها واضحة ومباشرة، وسط ضباب يَعمّ الموقف السياسي، كما تسترشد ببصيص أمل غير مرئي، ولا هو محسوس

مدفوعة بغموض المشهد الميداني المفتوح على الاحتمالات الأكثر كارثية، في ظل تخفّي بعض الأدوار خلف ستائر العجز والفشل من أجل الاستمرار بإدارة مباشرة للإرهاب والإرهابيين، وتحديد الصفة التوكيلية الممنوحة من دون تحديد سقف زمني أو مكاني.‏

فالملفات الحاضرة على طاولة مجموعة الدعم استبقتها ملفات أحضرتها مجموعة أعداء سورية، وإن أحبطت بعضها الأحاديث الأميركية الروسية وتفاهماتها، وهي في كل الأحوال ليست خافية على أحد، ولغة التعويل على اجتراع ما يشبه المعجزة لا مكان لها حتى في الأروقة الجانبية، خصوصاً أن المسألة ليست حكراً على ما تنطق به المواقف المسبقة، بقدر ما يبدو مرهوناً بما تخبئه أدراج السياسيين، رغم ما يظهر من تفويض واضح للأميركيين والروس في المسألة، حيث تستدرج مواقف المشاركين أوراقها القديمة خلسة أو علناً لتكون على الطاولة، وبينهما يضيع الهامش أو يغيب الفارق، إلى الحدّ الذي يتيح الفرصة أمام المشاغبات الإقليمية وبعض الغربية لتطفو على السطح من جديد.‏

لا نعتقد أن هناك متسعاً من الوقت للمغامرة أبعد من ذلك في منح الفرص التي تُوظّف في خدمة الإرهاب ولمصلحة الإرهابيين ومُشغّليهم، وهي تستنزف آخر ما في الرصيد الغربي والإقليمي من أوراق بدت جاهزة للاستخدام، وثمة شكوى فرنسية سعودية تركية فاضحة من التسرع الأميركي في إحراق ما تبقى من رصيد احتياطي، في وقت يستحضر فيه هامش الحديث المتداول بعضاً من تلك التي احترقت، ويعاد تدويرها لتكون منصة إضافية من منصات الاستهداف المباشر عبر تفخيخ مزدوج يتم المراهنة عبره على الرفض المسبق لإطار الاتفاق الروسي الأميركي، بحيث يكون أي طرح يستبعد ورقة الإرهاب مرفوضاً.‏

روسيا تدرك مسبقاً هذه الحقيقة، وقد ألزمت الاجتماع بما تقتضيه الحدود الدنيا من الرسم الإضافي لعوامل الضمان، التي تحول دون إعادة استخدام فائض التسويف الواضح في سياق الجهد الغربي، والذي يبدو الأميركي في جوهره ليس بعيداً عنه، وإن كان يُبدي أو يُظهر غير ذلك، حيث الحديث عن التعطيل في تحديد الإرهابيين كان رسالة روسية غير مرمّزة ومن دون تشفير، فيما جاءت الرسالة الأكثر وضوحاً تجاه الدور التركي ومعه السعودي وليس بعيداً عنه الفرنسي وإن كان بدرجة أقل، عبر التلويح بالقرار 2253 الذي غاب الحديث عنه، وما يفرضه من تجريم لتمويل الإرهاب، في لغة تبدي حرصها الحقيقي على أن تتداخل عوامل التفاهم مع أجندات القرار الدولي، وإن بدت التقاطعات بينهما مذيلة حتى اللحظة بحالة المراوغة الأميركية.‏

لسنا بوارد التعويل الإضافي، لكن الرسالة الروسية تبدو حازمة، حيث التهدئة في حلب المرهونة وفق الرؤية الروسية بما تقوم به «النصرة» وتنظيمات واشنطن «المعتدلة» المرتبطة بها، أكثر وضوحاً من كل ما سبقها، فلا مكان ولا موضع لبقاء خديعة التهدئة من دون ضوابط تحكمها على الأرض، وإن استخدامها لتبييض صفحة بعض التنظيمات المرتبطة والمتحالفة بالنصرة لم يعد يجد له معبراً أو ممراً، وهو غير متاح ولا ممكن من دون ضمانات كافية بأن الخلط الذي حال دون فصل تلك التنظيمات عن مواقع «النصرة» يعني بالضرورة الزج بهم في جبهة واحدة ستكون هدفاً مشروعاً لمكافحة الإرهاب وما يقتضيه.‏

مقابل تلك الرسائل المتعددة النماذج، تقف على الضفة الأخرى رسائل مغايرة ومناقضة وغير ممكنة التفسير في ضوء ما يجري على الساحة من تباينات بين حلفاء الأمس وخصوم المقاربات السياسية الحادة، إلى الدرجة التي باتت تشكل فيه عبئاً إضافياً على المشهد، سيكون على الأميركي إعادة ضبطه وفق إيقاع التفاهم مع الروسي.‏

البديل للفشل الأميركي واضح وصريح، وعدا ذلك لا أحد بمقدوره التكهن بمجريات التفاهم الروسي الأميركي، أو بالأحرى بمصيره المحتوم، وإن كان الرهان السعودي التركي الفرنسي المشترك يقوم على حتمية وضع نهاية ولو بعد حين لهذا التفاهم، وهو ما كان أكثر وضوحاً بعد لقاءات كيري في الرياض، التي بدت محبطة للجانبين إلى درجة أن الحديث عنها يكاد يغيب بحكم ما حملته من تعارض حاد أوصل الأميركي إلى القناعة الأخيرة بأن تفويض الروسي بمهمة ترويض ما عجزت عنه واشنطن بما فيها أدواتها الإقليمية قد آن أوانه، سواء كان من خلال الضغط الميداني أم عبرتفعيل قرارات مجلس الأمن أو كليهما!!‏

ونستطيع أن نجزم بأنها الرسالة الأكثر ضرورة وحاجة، وربما كانت الوحيدة التي تُصلِح حال فيينا وغيرها وتعدّل ربما من مسارات التنافر والتناقض التي لا تحتاج إلى ترميز أو تشفير وقد تكون المخرج لانسدادات المسار السياسي، والحيلولة دون ترحيله مرة أخرى، ودون إبقاء جنيف معلقاً على أهواء الإرهابيين ووفق رغبات مشغليهم..!!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
السعودية وإندونيسيا: احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها "شهباء من جديد".. إعادة إحياء قلعة حلب تركيا و"الأوروبي": دعم جهود إنهاء الإرهاب والاضطرابات في سوريا سليمان لـ"الثورة": الذهب الأخضر بحاجة إلى استثمار أزمة المياه .. مؤشر خطير على عمق التحديات المائية.. لا عدالة بالتوزيع ولا رقابة على الأسعار طلاب التاسع يختبرون مهاراتهم في الإنكليزية.. والامتحان متوسط الصعوبة التحقق من المعلومات ..مسؤولية جماعية العرجاني لـ"الثورة": الأخبار الكاذبة كارثة اكتمال وصول الحجاج السوريين إلى أرض الوطن ندوة علمية لضمان استدامته.. النحل يواجه تحدياً بيئياً ومناخياً مشاريع إنسانية غزلتها بروح الحاجة.. العجة لـ"الثورة": التعليم هو المفتاح لإطلاق الإمكانيات احذروا " فوضى " الأدوية .. خطة رقابية جديدة وهيئة موحدة للمستوردين الاقتصاد الحر كيف سيدير المشاريع الصغيرة؟    امتحان اللغة العربية يختبر مهارات طلاب المعلوماتية الذكاء الاصطناعي في الإعلام.. بين التمكين والتحدي التحوّل لاقتصاد السوق الحر.. فجوة بين التعليم المهني ومتطلبات الاقتصاد الجديد وزير الاقتصاد يطرح رؤية سوريا للتعافي الاقتصادي في مؤتمر "إشبيلية" قلوب خرجت من تحت الأنقاض مازالت ترتجف... اضطراب ما بعد الصدمة يطارد السوريين في زمن السلم عادات موروثة خاطئة تتبعها نسوة في ريف إدلب لعلاج اليرقان الوليدي 16 مليون سوري بحاجة ماسة للمساعدة.. الأمم المتحدة تطلق نداءً عاجلاً الغاز يودع التقنين بعد إلغاء العمل بنظام "البطاقة الذكية"