شبهة دخان أم شهية عدوان؟!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم :
تختلط المقاربات وتتعقد خارطة الإحداثيات للمواقف الأميركية وبعض أدواتها الإقليمية أو الأوروبية، التي تحاكي تطورات الوضع في سورية، بدءاً من المشاهد الميدانية.. وليس انتهاء بما يتم تداوله في السياسة وبعض أروقتها الأممية الموازية لها،

والتي جاءت ذريعة إضافية يمكن التلطي خلفها لتجيير الأحداث والمواقف، أو لتعويض ما عجزت عنه بالإرهاب الوكيل أو الأصيل، وهي ترسم طريقاً افتراضياً تبالغ في تحبير حيثياته المتصلة بالأجندات المتعثرة.‏

من العدوان التركي المتواصل.. إلى الحديث عن مناطق نفوذ تخضع لسيطرة أميركا أو رغبتها، وصولاً إلى مشاهد العبث السياسي وغير السياسي المحمول على أذرع المنظمات الدولية ودوائر الهيمنة التي تسيطر عليها، وليس انتهاء بتطورات المشهد الميداني وما يفرضه من تحديات إضافية، تخرج في جزء كبير منها عن سياق محاكاته للواقع السياسي، والأخطر أن جميعها يراد لها أن تدرج في سلة الحديث السياسي المتعثر عن تفاهمات تبتعد عن بعضها أكثر مما تقترب وفق التوصيف الروسي.‏

وقد جاءت التسريبات والأحاديث المسهبة منها والمقتضبة على حد سواء عن السيناريوهات البديلة للحل السياسي، والتي تحاكي في معظمها نزوعاً متزايداً نحو العسكرة، لتضيف مستويات جديدة من التعقيد وتضاعف من حجم المخاطر القائمة، التي سيكون المستفيد الفعلي منها الإرهاب دون سواه، حيث الفارق في المقاربة يزيد من حجم الهوة القائمة، وينسف عملياً كل ما تم الحديث عنه في الأيام والأسابيع الماضية عن تفاهمات إقليمية أو دولية، بما فيها مع التركي الذي يضاعف من حجم حماقته ويغرق بمزيد من أوحال المستنقعات، ليؤكد هوية وجوده داخل الهيكلية الغربية و«ريادته» داخل منظومة الإرهاب وتنظيماته، والتي دفعت بالروسي إلى التحذير.. والإيراني إلى المطالبة بالإنهاء السريع لما بدأه !!.‏

قد يكفي التشبيه الذي أطلقه المندوب الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، حول تقرير استخدام الأسلحة الكيميائية، بدخان يتصاعد من دون أصبع أو زناد لقراءة المشهد الدولي من زاوية الدور المناط بمنظماته، وحدود التقاطع بين رغبات وإرادات سياسية متضادة اعتادت على الاستئثار بقرارات وتقارير تلك المنظمات لتكون على مقاس أجنداتها، التي تعجز سياسة الهيمنة والاستلاب عن فرضها كأمر واقع.‏

فالواضح أن الاستنتاجات المذيّلة على شهادات جاءت من تنظيمات إرهابية أو وفّرتها لها بيئة مشبعة بالإرهاب ومسيطر عليها من الإرهابيين، تحمل الكثير من اللغو السياسي، لكنها في الوقت ذاته تنطوي على قرارات ظنية تتجاوز حالة الاتهام، وتأخذ بالقرينة على أنها مجردة مما علق بها من مواقف وتحريض، وسياسات تجنت على الواقع والمعطيات وذهبت مباشرة إلى الوقوف في طابور الاستنتاجات، وما يليها من افتراءات محملة على لسان الشهود الافتراضيين أو المحضّرين سلفاً وإن جاؤوا من سياق المنتج نفسه.‏

لسنا بوارد المحاججة، ولا في سياق الرد على ذرائع أُشبعت تفنيداً بحكم الأمر الواقع، لكننا أمام لغو سياسي يُشتمُّ منه تلميحاً أو تصريحاً محاولات محمومة لتحميل المعطيات ما ليس فيها، ولنسب الكثير من مقتضياتها خارج ما هو وارد، بل سمعنا كلاماً ينمُّ عن التمنيات والضغينة الحاضرة فيه، وكأن الحروب والاعتداءات باتت عملاً ترفيهياً لقوة الغرب الغادرة، ومجالاً رحباً لاستعراض عضلات رمت بكثير من أحمالها وقذائفها لتزرع الموت في أنحاء المنطقة غرباً وشرقاً تحت ذرائع بانت وانكشفت.. وخلف شعارات كاذبة وزائفة.‏

فالمعضلة لم تعد فقط في المحاكمة المختلة لكثير مما هو متاح، ولا في مقاربة تغالط أبسط الحقائق والمعطيات، بل تتجسد أيضا في رؤوس امتهنت القتل والعدوان والدمار وساقت في سبيل ذلك الافتراءات والأكاذيب وركّبت ثم صنّعت، وما لبثت أن سوّقت أيضاً بضاعة كاسدة كان من منتجاتها الفعلية ذلك الإرهاب المتفشي الذي يحضر اليوم كأكبر تحدٍّ تواجهه البشرية والعالم، ولا يشعر الغرب بالحرج في مجاراته ولا في الأخذ بشهادته أو البناء على مغالطاته، حيث المسافة الفاصلة بين خطاب يروّج للحرب وبين افتعالها يضيق إلى حدود التطابق في بعض الأحيان.‏

بين دخان الشبهة الذي تريده أميركا ولفيفها، وبين شهية العدوان وهي تؤجج الحرائق المشتعلة والمتنقلة من كتف إلى كتف، تبرز المعادلة الصعبة التي تصبح فيها مهمة الإطفاء مستحيلة من دون إشهار مواز لأوراق تقتضي اللحظة الإفصاح عنها، وفي مقدمتها أن لعبة تقطيع الوقت وعبث التفاهمات استنفد آخر فرصه.. وحان الوقت لوضع نقاط الجدية على حروف المواجهة المفتوحة.‏

 

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
كيف يواجه المواطن في حلب غلاء المعيشة؟ إزالة أنقاض في حي جوبر بدمشق ريف دمشق: تأهيل ٩ مراكز صحية.. وتزويد ثلاثة بالطاقة الشمسية جامعة دمشق تتقدم ٢٤٠ مرتبة في التصنيف العالمي إطلاق القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة ما هي أبرز قراراته المثيرة للجدل؟ شعبية ترامب تتراجع بعد مئة يوم على توليه منصبه  الأمم المتحدة تدعو لرفع العقوبات والاستثمار في سوريا الأوروبي" يواجه تحديات خارجية وداخلية.. فهل يتجاوزها ويصل إلى الحالة "التكاملية"؟ إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس