المصالح العقارية تضاهي “المركزي” بأهميتها..  خبير عقاري لـ”الثورة”: الملكيات مُصانة ولا يمكن تهريبها للخارج بحقائب.. والتزوير يعالج

الثورة – معد عيسى:

ينتظر الجميع بدء إجراءات التسجيل العقاري، لأن الكثير من قرارات المواطنين مرتبطة بعمليات البيع والشراء والإفراز وغيرها، كما أن الأوضاع الاقتصادية وتحسنها لدى البعض مرتبط بقرار معاودة العمل بالمصالح العقارية، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يتطلع للعودة إلى سوريا أو الاستثمار فيها، ما يعني أن انطلاق العمل في المصالح العقارية قد يكون محركاً لبقية القطاعات ويحمل في مضمونه رسائل تطمين للجميع.

مجموعة من الأسئلة طرحناها على الخبير العقاري والمدير الأسبق للمصالح العقارية المهندس عبد الكريم إدريس، علّنا نقدم من خلالها بعض التطمينات لأصحاب الملكيات بعد حصول عمليات تزوير ومصادرة للأملاك الخاصة.

مئة عام على إنشائها

المهندس إدريس قال: قبل الخوض في مضمون عمل المصالح العقارية لا بدّ من الإشارة إلى أنه بتاريخ 15/3/2026 تكتمل المئوية الأولى لمجموعة القوانين الخاصة بالملكية العقارية في سوريا، وإن كان تأسيس المديرية العامة للمصالح العقارية كان بعام 1947، إلا أن البدء بتثبيت الملكيات وتسجيلها في السجل العقاري بدأ في عام 1926 من خلال رئاسة الأعمال الفنية بقيادة الضابط المتقاعد كميل دورافور، للقيام بأعمال تأسيس البنى التحتية الجيوديزية وأعمال التحديد والتحرير، وأمانة السجل العقاري التي أخذت على عاتقها تدوين الحقوق العينية وتداولها، لقد كانت الأعمال العقارية التي تأسست في سوريا ولبنان إبان تلك الحقبة متقدمة بخطوات واسعة على مثيلاتها في المنطقة.

وأشار إلى أنه استقرت المنظومة القانونية للسجل العقاري بعد سنوات قليلة وساهمت بشكل كبير في استقرار الملكية في سوريا خلال عقود طويلة، ولا تزال إجراءات التسجيل في السجل العقاري موثوقاً بها لدى الجمهور وتتمتع بسمعة قانونية مرموقة، من دون إنكار التحديات والصعوبات التي تعانيها هذه الإجراءات طول سنوات من الإهمال الحكومي والتهميش لأهميتها.

وتابع المهندس إدريس: آخر محاولة كانت لتطوير المصالح العقارية والعمل على أتمتة أعمالها إبان نقل ارتباطها من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة في عام 2010، في تلك الفترة تهيأت الظروف لصياغة خطة أرشفة وتطوير متقدمة ومتكاملة وإرادة وزارية في النهوض بواقع المصالح العقارية، إلا أن الاستمرار بهذه الخطة كان رهيناً بتغير المسؤولين وتراجع الإرادة الحكومية في متابعة الخطة،

لقد أثبتت التجربة الفعلية أن الحفاظ على المؤسسات وعملها وحتى تطويرها يمكن أن يجري في أقصى الظروف، ومنها ما مرّ على سوريا خلال العقد الماضي متى توافرت الإرادة وإعطاء الصلاحيات بالعمل، ومنجزات المصالح العقارية والعاملين فيها تشهد على ذلك من تقارير عملها ومخرجاتها الحالية.

“الطابو” مصدر ثقة والمصالح صمام أمان

وأكد أن المصالح العقارية كانت ولا تزال صمام أمان وثقة بالنسبة للمالكين، إن كانوا أفراداً أو مؤسسات، وجاء القانون المدني السوري وعزز مكانة السجل العقاري القانونية والفنية، وسند الطابو الأخضر مصدر ثقة وركون للمالك أن ملكيته مصانة، بالرغم من أنه في العقود الماضية تداخلت على وظيفة المصالح العقارية قوانين أخرى حدت من وظيفتها السامية في بعض الأحيان، وهمشت وظيفتها في أحيان أخرى.. فمن إحداث سجلات الملكية المؤقتة التي كرست واقعاً يفترض أن يكون مؤقتاً إلى تفتيت الملكية وتنازع الشيوع، إلى تكريس إثبات الملكية بالوكالات والأحكام القضائية.

وأخيراً وليس آخراً إجراءات التصديق المفروضة على التبدلات المادية للعقارات، كل هذه المسائل جعلت المصالح العقارية ذات مساحة فاعلية أضيق والنظر إليها بشكل هامشي.

الوثائق المتضررة محدودة

وحول أمن الوثائق العقارية بيّن المهندس إدريس أنه بالرغم من السنوات العصيبة التي مرت على سوريا في العقد المنصرم وتضرر الكثير من المؤسسات العامة وتضرر الوثائق الرسمية، إلا أن الأضرار التي وقعت على هذه المديرية يمكن وصفها بأنها محدودة ومركزة في بعض المناطق، ولعل البيروقراطية المفرطة في إجراءات القيد والتسجيل في السجل العقاري وتعدد الوثائق المثبتة للحقوق العينية كانت المعين الأكبر في إمكانية تلافي هذه الأضرار، اليوم الكل يتساءل عن موعد البدء بإجراءات التسجيل العقاري لأن كثير من قرارات المواطنين مرتبطة بعمليات البيع والشراء والإفراز وغيرها، كما أن الأوضاع الاقتصادية وتحسنها لدى بعض العائلات مرتبط بقرار معاودة العمل بالمصالح العقارية، وأي إجراءات حالية في توثيق البيوع العقارية تبقى منقوصة وغير موثوقة ما لم تقيد في السجل العقاري.

وأضاف: الوثائق المحفوظة في المصالح العقارية تحتاج لتدخل إسعافي لأرشفتها ونرجو ألاّ يأتي وقت- لا سمح الله- نتأسّى على أوقات أهدرناها متغافلين أو مؤجلين أو متلكئين أو غير مكترثين بأرشفتها وصيانتها.

40 في المئة من أعمال التحديد والتحريرغير منجزة وحول حصرالملكيات بجهة واحدة، الأمر الذي يربك العمل والتعامل معها قال المهندس إدريس: اليوم المصالح العقارية بحاجة أكثر من أي وقت مضى لثورة مماثلة لما جرى في سوريا، تتجلى في التمسك بالقيم والمبادئ القانونية التشريعية، وليس الانقلاب عليها، وإزالة كلّ التأثيرات والتجاوزات التي جرت بسن قوانين وتعليمات محدثة أساءت لوظيفة السجل العقاري، ومنعته من أن يكون كما أريد له مطابقاً للحقوق العينية الواقعية.

إن الثروة العقارية جزء هام من الثروة الوطنية، وقيود السجل العقاري ضرورية في الحفاظ على حق المواطن والدولة والمؤسسات وتلعب دوراً هاماً في تطويروتقدّم المجتمع وزيادة الدخل الوطني، فما بالنا واليوم سنكون مقبلين على فورة استثمارية أهم فروعها الاستثمارالعقاري المرتبط بكلّ الأنشطة العمرانية، لن يقبل بعد اليوم من الوحدات الإدارية أن تستهلك عشرات السنين في تنفيذ مخططاتها التنظيمية، ولن يقبل بعد اليوم من ألا يكون هناك جهة واحدة لديها معلومات الملكية وبياناتها، ولن يقبل أيضاً من المصالح العقارية ألا تتجاوب مع متطلبات المرحلة القادمة.

وأكد المهندس إدريس أنه ليس الحل باللجوء إلى مشاريع التطويرالخارجية، إنما الاعتماد على الخبرات السورية القادرة على النهوض بهذا الواقع عندما تتهيأ له الظروف والأطرالتنظيمية المناسبة، المشكلة العقارية السورية حلها بيد السوريين أنفسهم فقط، يريدون البيئة المشجعة والفاعلة والإرادة الحكومية في إعادة الألق للمديرية، والتعامل معها ك-مؤسسة وطنية- إن لم تكن بأهمية البنك المركزي- فهي تضاهيه، فالملكيات لا يمكن تعبئتها بحقائب وإخراجها خارج البلاد، دائما ما كانت الحلول الحكومية لمشكلات المؤسسات تتمحور حول نقل تبعيتها أو دمجها ولا تعالج أساس المشكلة، لقد أضحت المصالح العقارية طاردة للكفاءات والخبرات واعتراها السلوكيات غيرالمنضبطة من خلال التعامل اليومي مع المواطنين.

ولفت إلى أن التجارب القصيرة نسبياً، أثبتت إمكانية النهوض الذاتي وبإمكانيات متاحة، أرجوألا يكون الحل دائماً اللجوء للخارج لحل مشكلاتنا التي نعرف كيف نواجهها.. المديرية العامة للمصالح العقارية اليوم بحاجة لإنهاء أعمال التحديد والتحرير التي مازالت مؤقتة والتي تشكّل نسبة 40 في المئة من مجمل الأراضي المحددة والمحررة، المشكلة هنا مشكلة فنية بحتة مشكلة هندسية تستلزم كوادر هندسية وطنية مؤهلة، ولا ضير في هذه المرحلة من الاستعانة بالمهندسين من القطاع الخاص، بل أصبح ذلك ضرورياً.

آخر الأخبار
إطلاق القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة ما هي أبرز قراراته المثيرة للجدل؟ شعبية ترامب تتراجع بعد مئة يوم على توليه منصبه  الأمم المتحدة تدعو لرفع العقوبات والاستثمار في سوريا الأوروبي" يواجه تحديات خارجية وداخلية.. فهل يتجاوزها ويصل إلى الحالة "التكاملية"؟ إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The Media line: لقاء الرئيسين الشرع وعباس لحظة نادرة من التفاعل السوري الفلسطيني  The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس حمص.. حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال تستهدف ١٤٣١٤ طفلاً الخليفي: قطر ستناقش مع واشنطن تخفيف وإزالة العقوبات عن سوريا 4 آلاف معلم ومعلمة في إدلب يطالبون بعودتهم للعمل