ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
لم يكن الأمر بحاجة إلى تصريح من أردوغان، على ما فيه من فجور وحماقة، حتى نكتشف أطماعه المضمرة والمعلنة، وجميعنا يعرف أن الخطوات التركية -قديمها وحديثها- ليست من فراغ، ولا هي مبنية على ما يدعيه من كذب وافتراء في الآن ذاته،
وسجله متخم بها، حتى تلك المتعلقة بادعائه حول مكافحة الإرهاب، وهو الذي كان ولا يزال عراباً للإرهاب بمرتبة مفوض من الدول الراعية له.
لكن في التوقيت.. تعيد هذه التصريحات طرح الإشكالية بتفاصيلها المختلفة ومن جذرها، بالتوازي مع ما صدر من الموقف القطري الذي يعلن استمراره بتمويل الإرهاب، حتى لو توقفت أميركا عن ذلك، وصولاً إلى هذا التهافت الفرنسي غير المسبوق في التصعيد، ودعوته مجلس الأمن للانعقاد من أجل حماية المرتزقة والإرهابيين الذين يتهاوون في حلب وفي سواها، من دون أن يشعر بالحرج السياسي، بعد أن أفرزت النتائج والتداعيات كشفاً نهائياً وإن لم يكتمل بعد بأكاذيب المسؤولين الفرنسيين و «ملحمة» استغلال الحالة الإنسانية الفاضحة..!!
فرئيس النظام التركي لم يخفِ أطماعه، حتى لو تكلم بلغة غير تلك التي سمعناها منه في بعض الأحيان، ولم يكن خارج سياق الأجندة التي رسمها المشروع الإرهابي حتى لو تكفل بحروب الوكالة الأميركية، وهذا ما ينطبق عملياً على رعاة الإرهاب في الإقليم وخارجه، وقد يقدم ذلك تفسيراً لصيغ التطابق في التحرك الذي يقوده الثالوث القطري التركي الفرنسي، بعد تأزم الدور السعودي بحكم معطيات وقرائن وأدلة باتت أمام الجميع بأن المشروع لا يترنح فحسب، بل وصل إلى الحائط المسدود، وذروة جبل الجليد لم تظهر بعد، بل ثمة خطوات تقود إليها وتفسح في المجال أمام المسكوت عنه في السياسة الدولية من جهة، وحقيقة الكثير ممن أدمنوا العلاقة مع الإرهاب وكانوا جزءاً من أجنداته وحوامل طبيعية لمشروعه من جهة أخرى.
ضمن هذه المعادلة يتحرك الخطاب التركي بنسخته الجديدة، وقد زاد من عدوانيته في ظل تحكم مطلق يطبق فيه أردوغان على المقاربات السياسية التي ينتهجها، بل وصل حد الاستفراد في إبداء العداوة وامتلاك أحلام السطوة، التي تشكلت على نموذج معتمد لدى الدوائر المحيطة به، ليكون على مقاس أوهام السلطنة وما تحمله من بذور عدوانية تجاه المحيط، وأطماع مرسومة في مخيلة ماضيه، تحاكي أو تتقاطع مع الاستيقاظ المتأخر للأطماع الاستعمارية التي يريد هولاند أن يكرسها في ممارسته السياسية وأدائه باستعداء الشعوب والدول على حد سواء.
وهذا يدفع إلى الجزم بأن ذروة جبل الجليد التي تتشكل من مجموعة من المحددات في منظومة الإرهاب تترجم ارتجاج الأدوار القيادية فيها وتحديداً السعودي، حيث الربط واضح وصريح بين حديث أردوغان ومشهد الاستماتة الفرنسية وعودة حضور التمويل القطري للإرهاب لاستغلال الأسابيع المتبقية من ولاية أوباما من أجل خلق بؤر يصعب حلها، وإشاعة مناخ من التصعيد تدفع بالعلاقات الدولية إلى صفيح ساخن يزيد من سخونة التوترات في المنطقة.
كل ذلك لا ينفصل بحال من الأحوال عن العربدة الإسرائيلية التي تتلاقى مع المشهد العدواني التركي.. ومع حالة «الاستهبال» القطري في دعم الإرهاب.. ممزوجة بمشهد الهلوسة الفرنسية في التصعيد داخل مجلس الأمن، حيث الفارق بين أداة وأخرى لا يتعدى الفارق بين تنظيم إرهابي وآخر، وهامش الاختلاف لا يعدو كونه فقط في ترتيب التحرك، وأدوار المهمات الوظيفية ونطاقها الجغرافي، وحدود ومساحة المقدرة على التأثير في إحداثيات الخارطة الإرهابية التي وصلت إلى مرتسماتها الأخيرة وهي تنحدر حيناً وتتلاشى في أحيانٍ أخرى، ما أضاف إلى العدوانية والأطماع والعربدة حماقة تحكم رباعي المدافعين عن الإرهاب ومرتزقته.
المحسوم وفق هذه المقاربة بمعطياتها وأدلتها والقرائن الدامغة المرفقة معها، أن الثالوث التركي القطري الفرنسي مع رابعهم الإسرائيلي ليسوا فقط رعاة إرهاب، بل باتوا جزءاً من منظومته، وقد يكونون في مقدمتها كما هم في خاتمتها، حيث خطر الإرهاب لم يعد منفرداً في سياق وجوده، بقدر ما بات مرتبطاً بحضورهم ودورهم الوظيفي، يمارسونه على الدول والشعوب.. يكبر ويصغر وفق حاجته، ووفق رغبات من يستثمر فيه، وعلى مقاس أوهام بعضهم أو على قدر الأحلام المريضة لبعضهم الآخر، أو تبعاً لأطماع ثالثهم الاستعمارية المتأخرة، أو حسب عداونية رابعهم التي تحكم وتحرك ما يجري في المنطقة، والتي كانت وستبقى وراء المشروع الإرهابي ومنظومته رغم تهالك وترهل بعضها، أو تأزمه كما في الحالة السعودية التي تغرق في وحول ما اقترفته من حروب شمالاً وجنوباً، في ظل تحولات المشهد الدولي وما يحمله من مؤشرات على أعاصيره المستقبلية وزوابعه الآنية.
a.ka667@yahoo.com