الثورة – ثورة زينية:
في لحظة لم تكن محسوبة، وفيما كانت الحركة اليومية تسير على وتيرتها الاعتيادية في وسط دمشق، شقّ صوت مدوٍ الأجواء أعقبه غبار كثيف غطى سماء ساحة المرجة.
تواجدت “الثورة” في موقع حادثة انهيار سقف أحد الطوابق داخل مبنى السرايا القديم في ساحة المرجة في دمشق، ورصدت عن قرب مشاهد الفوضى والذعر وانتشار الغبار الكثيف في المكان، وسجلت شهادات مؤثرة لعدد من شهود العيان وذوي العمال المتواجدين لحظة الانهيار.
شهود عيان تحدثوا عن صوت ارتطام رهيب، تلاه اختناق بالغبار، ثم صرخات متواصلة من الداخل، سامر النجار يعمل في أحد محال الموبايلات المواجهة لمبنى وزارة الداخلية سابقاً، أو ما يعرف بمبنى السرايا القديم، قال: اعتقدنا أن انفجاراً وقع، لكن سرعان ما عرفنا أن سقف الطابق الثاني قد انهار بالكامل فوق رؤوس من فيه، رأينا الناس يركضون وكان المشهد مرعباً، إذ تحول أحد الطوابق إلى ركام.
وأضاف: ما إن هدأ الغبار الأولي حتى سارعت فرق الدفاع المدني السوري إلى الموقع وسط طوق أمني فرضته القوات المتواجدة في محيط الوزارة.
أحد العمال الذين نجوا من حادثة انهيار السقف في مبنى السرايا القديم صرح لـ “الثورة” أنه وبينما كان ينقل بعض المعدات أحس باهتزاز شديد، ومن ثم سمع صوت ارتطام ضخم، حيث كان في مدخل البناء، ومن بعدها لم يعد يرى شيئاً من شدة انتشار الغبار الكثيف الذي دخل أنفه وفمه، وكاد أن يختنق، وبدا التأثر عليه واضحاً لأن زملاءه لايزالون عالقين تحت الأنقاض، وعددهم ما بين 7- 6 أشخاص.
عمليات الإنقاذ بدأت على الفور والحديث يدور عن عدد من الجرحى والعالقين تحت الأنقاض من دون تأكيدات رسمية بعد، إذ أعلن الدفاع المدني السوري حتى ساعة إعداد هذا التقرير أن عدد العمال الذي تم إنقاذهم ثلاثة أشخاص لايزالون على قيد الحياة، وتم نقل المصابين إلى المستشفيات القريبة من دون الافصاح عن مدى خطورة الإصابات، وحتى اللحظة لم يعلن عن أسماء المصابين أو العالقين.
وتعمل الفرق المختصة بحذر خشية حدوث انهيارات إضافية، خاصة مع وجود مؤشرات على تصدعات في الطوابق، واهتراء في البنية الإنشائية مع تقادم المبنى.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الشارع السوري رواية رسمية شفافة طالب الكثير ممن التقتهم الثورة في موقع الحادثة بتشكيل لجنة تحقيق هندسية محايدة، وبإعلان نتائج واضحة للرأي العام لا تسويف فيها ولا طمس للحقائق، مؤكدين أن هذه الحادثة مهما حاول البعض التقليل من شأنها، ليست مجرد خلل تقني، فما حدث لهؤلاء العمال ليس مجرد حادث عرضي بل جريمة إهمال، فهؤلاء الناس لم يكونوا في نزهة بل في مواقع عملهم يكدحون بكرامة لأجل لقمة العيش، وأن ينهار السقف فوق رؤوسهم هي نتيجة مباشرة لتقصير واستهتار ممن يفترض أنهم مسؤولون عن سلامة المكان وسلامتهم، ففي وطن أرهقته الحرب لا يطلب الناس الكثير، يطلبون فقط سقفاً لا يسقط على رؤوسهم.